أسعار النفط تعزز مكاسبها بدعم تخفيضات "أوبك" وتعطل أنابيب بحر الشمال

أسعار النفط تعزز مكاسبها بدعم تخفيضات "أوبك" وتعطل أنابيب بحر الشمال

أكدت شركة بريتيش بتروليوم "بي بي" العالمية للطاقة أن النفط والغاز سيظلان يقودان منظومة الطاقة في العالم وأن التحولات الحالية لن تؤدي إلى تراجع دورهما كما أن الشركات الدولية ستظل ملتزمة تماما بالاستثمار وبأعمالها التقليدية في مجال النفط والغاز.
وقال تقرير حديث للشركة الدولية أن الانجذاب الحالي للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة لا يعني أن العالم سيتمكن من الاعتماد عليها وحدها في الوقت الراهن ولا في المستقبل القريب، مشيرا إلى أنه من بين جميع موارد الطاقة التي يستخدمها العالم حاليا لا تتجاوز حصة مصادر الطاقة المتجددة أكثر من 3 في المائة.
وأضاف التقرير أن حصة الطاقة المتجددة من المحتمل أن ترتفع إلى 10 في المائة أو 30 في المائة خلال أكثر من عقدين قادمين وأن هذا يتوقف على سرعة عملية التحول، مشيرا إلى أن الطاقة المتجددة حتى وإن نمت بأبطأ معدل متوقع سيكون لها دور مؤثر وكبير في مزيج الطاقة على المدى الطويل.
وأشار التقرير إلى أن ثلثي احتياجات العالم من الطاقة على مدى العقدين المقبلين ستلبي من دون موارد الطاقة المتجددة مهما تسارع النمو في الطلب والاعتماد عليه.
وأوضح التقرير أن الطلب العالمي على الطاقة لا يزال ينمو بمعدلات واسعة ومزدهرة مدعوما من الزيادة الكبيرة في سكان العالم وهو ما يجعل المنتجين أمام تحد مزدوج، حيث يجب علينا أن نلبي الطلب المتزايد على الطاقة وذلك في الوقت الذي ننتقل فيه أيضا إلى مستقبل منخفض الكربون.
ولفت التقرير إلى أنه لا يمكن إغفال المساهمة الاقتصادية الكبيرة التي تمنحها صناعة النفط والغاز، حيث توفر عديدا من فرص العمل والاستثمار والأرباح والضرائب، منوها إلى أن الاقتصاد العالمي لايزال يعتمد حاليا على النفط والغاز، حيث تستفيد الحكومات والمجتمعات المحلية من الإيرادات التي تولدها هذه الصناعة الحيوية، مشددا على أنه لا ينبغي أن يكون ذلك ضارا بتحقيق أهداف معاهدة باريس للحد من تغير المناخ.
وبحسب التقرير فإنه إذا أخذنا في الاعتبار أسرع حالة انتقالية نحو الطاقة المتجددة وهى شركة "إنرجي أوتلوك" سنجد أن حصة النفط والغاز بها ستظل عند 48 في المائة حتى عام 2035.
إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية"، جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد آي إف" في كرواتيا، إن مرحلة التحول نحو موارد الطاقة المتنوعة تسير بخطى سريعة في الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن الاقتصاد الخليجي هو أحد المكونات الرئيسة في الاقتصاد العالمي، ولذا هو يواكب هذا التحول أيضا وهناك استثمارات جديدة وضخمة في مجالات واعدة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالتوازي مع الوقود الأحفوري.
ونوه جيراس إلى أن الأسعار ترتفع حاليا بمعدلات كبيرة نتيجة جهود أوبك في تقليص المعروض النفطي إلى جانب العوامل الجيوسياسية في الشرق الأوسط وبعض الانقطاعات المفاجئة في الإنتاج كما يحدث في خط أنابيب بحر الشمال ولكن يجب أن ندرك أنه على المدى الطويل لن تواصل أسعار النفط الخام قفزاتها السعرية وستعود إلى مستويات متوسطة بسبب وفرة وتنوع الإنتاج وزيادة الكفاءة والتكنولوجيا التي أدت للوصول إلى موارد جيدة وإلى تحقيق غزارة إنتاجية دون زيادة تكاليف وأعباء الإنتاج.
ومن جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" للاستشارات المالية، أن المنتجين يراهنون على نمو الطلب بشكل كبير في العام المقبل وهو الأمر الذي من المتوقع أن يصل بالسوق إلى مرحلة التوازن الكامل في منتصف العام المقبل بحسب رؤية "أوبك" وروسيا ولكن من المؤكد أن سوق الطاقة يشهد ديناميكية وتحولات متسارعة وعوامل طارئة، ما يجعل الوصول إلى اليقين أمر صعب.
وأضاف جونسون أن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي سيكون له تأثيرات واسعة على الشركات وعلى الاقتصاد البريطاني بشكل عام في العامين المقبلين، حيث ستتتبع سياسات مالية أكثر تقشفا وصرامة.
ومن ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، عامر البياتي المحلل العراقي، إن كل من منظمة "أوبك" ووكالة الطاقة الدولية منظمتان يتمتعان بموثوقية كبيرة وثقل دولي واسع وأن اختلاف تقديراتهما لنمو النفط الصخري الأمريكي في العام المقبل هو أمر طبيعي ويتيح تنوعا في القراءات المستقبلية للسوق.
وأشار البياتي إلى أن "أوبك" عودتنا على التنبؤ الجديد بتطورات السوق دون تهويل أو تهوين لافتا إلى أن هناك استراتيجية جيدة للتعامل مع الإنتاج الصخري المنافس الذي حقق الكثير من المكاسب في الفترة الماضية بسبب انتعاش الأسعار وعودة الكثير من الاستثمارات المجمدة، ما يقلق البعض من احتمال وفرة المعروض مرة أخرى ولكن في المقابل هناك صرامة ملحوظة في تطبيق خفض الإنتاج سواء على مستوى دول "أوبك" أو شركائهم المستقلين بقيادة روسيا ومراهنة كبيرة على التهام نمو الطلب لأي زيادات في الإنتاج في أوبك أو خارجها.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد ارتفعت أسواق النفط أمس مع تلقي الأسعار دعما من توقف خط الأنابيب فورتيس في بحر الشمال وقيود الإنتاج الطوعية التي تقودها أوبك لكن تنامي الإنتاج في الولايات المتحدة كبح المكاسب.
وبحسب "رويترز"، فقد سجلت العقود الآجلة للخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 57.35 دولار للبرميل مرتفعة 19 سنتا بما يعادل 0.3 في المائة عن سعر التسوية السابق.
وزادت عقود خام القياس العالمي برنت 15 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 63.56 دولار للبرميل، ولم تشهد الأسعار حركة تذكر في المعاملات الأخيرة، حيث دار برنت بين 63 و63.91 دولار للبرميل منذ يوم الجمعة الماضي، وقال المتعاملون إن قوة الدفع تقلصت قليلا مع إلغاء الدعوة إلى إضراب لعمال النفط في نيجيريا.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن من المرجح أن تظهر سوق النفط العالمية فائضا في النصف الأول من 2018 في الوقت الذي سيبدد فيه تنامي الإمدادات الأمريكية أثر التزام أوبك بالإبقاء على تخفيضاتها الإنتاجية لكامل العام المقبل.
وأبقت وكالة الطاقة على توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط دون تغيير لعام 2017 عند 1.5 مليون برميل يوميا، بما يمثل زيادة بواقع 1.6 في المائة، وبالنسبة لعام 2018 عند 1.3 مليون برميل يوميا بما يعادل زيادة بنسبة 1.3 في المائة.
من المتوقع أن يرتفع الإنتاج من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" 600 ألف برميل يوميا هذا العام ثم يزيد 1.6 مليون برميل يوميا العام المقبل.

الأكثر قراءة