بوسع الأسواق الناشئة إنقاذ المستثمرين من الجحيم
ضع نفسك على اختبار جوزيف ستالين، الرجل الذي كان ديكتاتورا في الاتحاد السوفيتي لأكثر من ثلاثة عقود، ويعرف كيفية الحصول على نتائج من الناس. إذا حققوا له النتائج، فإنهم يحصلون على امتيازات - الحياة المدللة في الجزء العلوي من البيروقراطية، ومنزل ريفي في الغابة خارج موسكو. إذا لم يحققوا له النتائج، فكان يعدمهم رميا بالرصاص.
أنا لا أدافع عن هذا النوع من إدارة شؤون الموظفين، لكن جيريمي جرانثام، البريطاني الذي أسس GMO، وهو صندوق ضخم لإدارة الاستثمارات في بوسطن، توصل إلى بعض النتائج الرائعة، من خلال وضع نفسه على اختبار ستالين.
وسؤاله هو: ماذا سيفعل لو كان يعمل لصالح ستالين، وطُلب منه كسب عائد حقيقي بنسبة 4.5 في المائة سنوياً، على مدى السنوات العشر المقبلة؟ حيث إن حياته على المحك، وحيث إن أي أصل من الأصول المتدلية أمامه يبدو مكلفا، توصل إلى أن الجواب الوحيد هو الدخول في رهان كبير على الأسواق الناشئة.
الغاية من اختبار ستالين هي خلق حوافز مختلفة عن الحوافز التي تواجه المستثمرين المحترفين. لا يحتاج أي من أصحاب الأصول المؤسسية أو مدير الصندوق إلى القلق من أن يُعدَموا رميا بالرصاص.
إلا أنهم سوف يقلقون بشأن حياتهم المهنية. النجاح في هذه الوظيفة مدفوع إلى حد كبير بالقدرة على اجتذاب الأصول، بدلا من تحقيق عائد معين من حيث القيمة المطلقة للعملاء. ما هو حيوي هو تجنب رؤية المستثمرين يسحبون أموالهم بعيدا عنك، ولذلك فإن أهم شيء هو تجنب القيام بما هو أسوأ بكثير من أقرانك. هناك نوع من السلامة حين يكون معك آخرون في طريق ما. وهذا بدوره يعني أن تلعب بشكل آمن نسبيا وتستثمر بنفس الطريقة التي يستثمر بها منافسوك.
يقول جرانثام إن هذا النهج سيؤدي إلى توزيع تقليدي بين أسواق الأسهم في البلدان المتقدمة المتطورة (ربما 60 في المائة) والسندات (40 في المائة) – الأمر الذي سيؤدي بالتأكيد إلى رصاصة في الرأس بعد عشر سنوات تحت حكم العم جو (ستالين).
باختصار، أعتقد أنه على حق بشأن التقييم. لا تزال السندات تتداول قريبة من أدنى العائدات في التاريخ، في حين أن الأسهم الأمريكية تتداول عند مضاعفات أرباح تصل إلى طبقات الجو العليا، التي لا يمكن تبريرها إلا بمقارنتها بالسندات التي هي أكثر تكلفة منها. التقييم غير مجد حرفيا من حيث التوقيت، فحين يكون سعر السهم رخيصا جدا أو مكلفا فإن هذا لا يخبرك شيئا عن أدائه المرجح في العام المقبل. ومع ذلك، فإن ذلك يخبرك الكثير عما هو من المرجح أن يحدث في العقد المقبل.
الحمد لله، بالنسبة للمدخرين على المدى الطويل مثل ستالين، فإن العائدات لأجل 10 سنوات هي أكثر الأمور أهمية. فلماذا يقترح جرانثام المراهنة على الأسواق الناشئة وهل هو على حق؟
نقطته الأولى هي أن قرارات الاستثمار تنقسم إلى اختيار يقوم على انتقاء الأوراق المالية، أو انتقاء الأسهم، وتخصيص الأصول "الخيارات بين السندات والأسهم وفئات الأصول الأخرى". وبفضل الاستثمار السلبي والصناديق المتداولة في البورصة، فإن الأول هو أكثر كفاءة من أي وقت مضى. الرهان على أنه يمكنك اكتشاف الأسهم الفائزة أفضل من البقية هو أمر خطير، وهذا هو السبب في أن عددا أقل باستمرار من الناس يحاول فعل ذلك.
غير أن تخصيص الأصول يفتقر إلى الكفاءة. وعلى حد تعبير جرانثام: "ليس هناك مكان للاختباء عند مستوى فئة الأصول، حتى الآن".
ويضيف: "إذا اخترت النقدية قبل الأوان، ستختفي شركتك أو حياتك المهنية ببطء، لكن إذا بقيتَ في استثمار معين فترة طويلة فوق الحد، فسيُنظَر إليك على أنك عديم الفائدة".
وهذا يعني أن القطيع العظيم من شركات إدارة الأموال المؤسسية يقتصر على اتجاهات تخصيص الأصول عندما تكون راسخة بالأصل. وهذا يعني تحقيق الكثير من المال للذين لديهم الشجاعة للقيام بتخصيص الأصول على المدى الطويل، والاستمرار في ذلك. في الوقت الحاضر، هذا يعني الأسواق الناشئة. هل هذه فكرة جيدة؟ في أمريكا اللاتينية، الحكومات تترنح تحت فضائح الفساد، ويمكن للخطباء الناريين الشعبويين أن يجدوا طريقهم إلى السلطة في البرازيل والمكسيك بسهولة.
روسيا برئاسة فلاديمير بوتين لا تحظى بشعبية، وفي آسيا، يبدو أن الرئيس تشي جين بينج، الذي تزداد قوته باستمرار، عازم على كبح جماح فقاعة الائتمان، في حين تتدخل الحكومة في هيكل الحوكمة داخل الشركات.هذه أسباب تجعلك تشعر بالتوتر بشأن الأسواق الناشئة في العام المقبل، لذلك يجدر بالذين يشعرون بالقلق بشأن حياتهم المهنية أن يبتعدوا عنها، إلا أنها تبدو كأنها فرص شراء محتملة رائعة على المدى المتوسط، وهذا هو السبب في أن جرانثام يعتقد أنها قد تنقذه من رصاصة ستالين.
الاتجاهات بين فئات الأصول الكبيرة يغلب عليها أن تتحرك في موجات طويلة جدا، تتخللها فترات تحول طويلة ممتدة زمنيا على نحو يتيح كثيرا من الفرص للحصول عليها بأدنى الأسعار. تفوقت الأسهم الأمريكية بشكل كبير في الأداء على بقية العالم خلال العقود الثلاثة الماضية، إلا أن ذلك كان ضمن فترات انقطاع طويلة. من فقاعة الدوت كوم حتى أسوأ مرحلة في أزمة الائتمان، كانت هناك موجة من التفوق في الأداء للأسهم غير الأمريكية. هذا يشير إلى وجود فرصة. تفوقت الأسواق الناشئة على الولايات المتحدة هذا العام، إلا أنها كانت رحلة مليئة بالمطبات. وهناك طريق طويل لنقطعه. وحتى يتمكن مؤشر مورجان ستانلي المركب للأسواق الناشئة من استعادة المساحات التي خسرها لصالح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منذ بلوغه ذروته في عام 2010، سيحتاج إلى التفوق على الأسهم الأمريكية بنسبة 127 في المائة.
بالنسبة للذين يعانون الخوف من ستالين في أنفسهم والقادرين على الصبر لمدة عقد من الزمان، فإن خطوة جريئة بعيدا عن الولايات المتحدة تعتبر منطقية.
ويبقى أن أفضل أمل يكمن لدى كثيرين الذين يخشون على حياتهم المهنية، ويواصلون على الرغم من ذلك الركض مع الزخم في الولايات المتحدة لفترة أطول قليلا. إن هؤلاء هم الذين من شأنهم إيجاد الفرصة.