تجارة استغلال الأمراض ترفع أسعار الفيتامينات فوق 800 %

تجارة استغلال الأمراض ترفع أسعار الفيتامينات فوق 800 %

إحدى شركات الدواء الأمريكية فرضت نحو 300 دولار سعرا لزجاجة من الفيتامينات التي تُصرَف بوصفة طبية، التي يمكن شراؤها إلكترونيا عبر الإنترنت بسعر أقل من 5 دولارات، في آخر محاولة لرفع الأسعار، في أكبر سوق للرعاية الصحية في العالم.
شركة أفونديل للمستحضرات الصيدلانية رفعت سعر عقار نياكور، أحد أشكال النياسين الذي يعطى بوصفة طبية فحسب، بنسبة 809 في المائة في الشهر الماضي، بحيث ارتفع سعر زجاجة تحتوي على 100 حبة يراوح من 32.46 دولارا ليصل إلى 295 دولارا، وفقا لأرقام اطلعت عليها صحيفة "فاينانشيال تايمز".
على الرغم من توافر عقار النياسين، أحد أشكال فيتامين بي 3، في الأشكال التي تباع بدون وصفة مقابل أقل من 5 دولارات لكل 100 حبة، لا يزال بعض الأطباء يفضلون استخدام الشكل الموافق عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، لمعالجة المرضى الذين يعانون ارتفاعا في نسبة الكولسترول.
شركة أفونديل متكتمة في مقرها في ولاية ألاباما، وقد رفعت سعر عقار نياكور بعد وقت قصير من حصولها على حقوق الدواء، فيما يسمى "صفقة الشراء والرفع" - وهي استراتيجية اشتهرت بعد مارتن شكريلي، صاحب مشاريع في قطاع التكنولوجيا الحيوية تعرض للفضيحة قبل فترة.
اشترت الشركة الدواء من "أبشر سميث" ، قسم تابع لشركة ساواي للأدوية في اليابان، هذا العام، على الرغم من أنه لم يتم الإعلان عن الصفقة أو شروطها.
تشتمل صفقات الشراء والرفع على اقتناء عقار يواجه منافسة ضئيلة أو معدومة قبل زيادة السعر بشكل حاد، في محاولة لجني الأرباح بسبب أوجه القصور في سوق الرعاية الصحية الأمريكية، حيث لا تقوم الحكومة بالسيطرة على تكلفة الأدوية.
شركة أفونديل، التي تأسست في آب (أغسطس) الماضي، تبدو أنها تأسست لتحقيق هدف وحيد وهو خطف منتجَين من شركة أبشر سميث.
إضافة إلى عقار نياكور، اشترت عقارا آخر من شركة أبشر، وهو دواء لعلاج الجهاز التنفسي يعرف باسم إس إس كيه آي. لا تقوم الشركة بتصنيع أية أدوية أخرى، وفقا لسجلات إدارة الغذاء والدواء.
رفعت أفونديل سعر العقار بنسبة 2469 في المائة، بحيث ارتفع سعر الزجاجة بسعة 30 ملليترا من 11.48 دولارا إلى 295 دولارا، وفقا لأرقام اطلعت عليها صحيفة "فاينانشيال تايمز".
تم التثبت من تلك الزيادات من قبل "تروفين للتحليلات الصحية" و"إيلسفير"، اللتين تحتفظان بقاعدة بيانات تتعلق بأسعار الأدوية.
تم وصف نحو 19 ألف وصفة طبية لعقار نياكور في الولايات المتحدة في العام الماضي، وفقا لشركة إيكفيا، التي تختص بتزويد البيانات. وهو الشكل الوحيد (الذي يباع بوصفة طبية) الذي يمتصه الجسم بسرعة، على الرغم من أن هنالك بديلا تم إطلاقه أخيرا على نطاق واسع، يتحلل ببطء أكبر في الجسم.
لن يكون معظم الأطباء على علم بأن سعر عقار نياكور ارتفع بشكل حاد جدا لأن الزيادات في الأسعار لا يتم الإعلان عنها بشكل روتيني أو تُرسَل إلى الأوساط الطبية.
قال مايكل ري، الرئيس التنفيذي لشركة آر إكس سيفينجز التي تصنع البرمجيات للمساعدة على خفض إنفاق الناس على الأدوية: "هذا هو أحدث مثال على سوق أمريكية تفتقر إلى الكفاءة، حيث لا يتوافر لدى كل من المستهلك والدافع والطبيب جميع المعلومات اللازمة لاتخاذ قرار سليم من الناحية المالية". كما أضاف: إنهم عالقون في شبكة من عدم الكفاءة ويجري استغلالهم.
وقالت كل من "يونايتد هيلث" أكبر شركة للتأمين الصحي، و"إكسبرس سكريبتس"، أكبر شركة لإدارة الصيدليات، إنهما أدرجتا الدواء في قائمة الأدوية التي سيدفعان ثمنها، على الرغم من أن الشركتين لا تصنفان هذا العقار كأحد الأدوية المفضلة.
امتنعت أغلبية شركات تصنيع الأدوية عن إبرام صفقات الشراء والرفع منذ انهيار شكريلي وغيره من مؤيدي الاستراتيجية المذكورة، مثل فريق الإدارة السابق في شركة فاليانت المستحضرات الصيدلانية الكندية.
هذا التكتيك لا يزال يستخدم في بعض أجزاء قطاع الأدوية. في العام الماضي، أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" بأن إحدى شركات الأدوية غير المعروفة على نطاق واسع ومقرها شيكاغو، استحوذت على حقوق إنتاج كريم لمعالجة حب الشباب، وعلى الفور رفعت السعر إلى 10 آلاف دولار للأنبوب الواحد.
لا تملك شركة أفونديل أي موقع إلكتروني أو وجود عبر شبكة الإنترنت، وتدرج عنوانها في منطقة تجارية في ألاباما، وفقا لسجلات الولاية. العميل المسجل للشركة هو "أكروجين للأدوية"، التي تأسست في عام 2016 من قبل مارك بيو.
تولى مارك بيو عددا من المناصب التنفيذية في قطاع تصنيع الأدوية، وأحيانا في شركات قامت بتنفيذ زيادات حادة جدا في الأسعار. تفيد سيرة لحياته كتبت في عام 2014 أن لديه "خبرة تزيد على 20 عاما في هذه الصناعة وسجلا موثقا من النجاحات في تحديد واقتناص الفرص التجارية الجديدة، لبناء شركات ذات ربحية مرتفعة ونمو كبير".
لم تستجب شركة أكروجين لطلب التعليق الذي تقدمنا به عبر موقعها الإلكتروني، وأعيدت الرسائل الإلكترونية إلى الشركة دون أن يتم تسليمها، كما لم يستجب بيو لطلب بالتعليق، على تقدمنا به من خلال موقع "لينكد إن".
أكد متحدث باسم شركة أبشر أن الشركة باعت المنتجَين إلى شركة أفونديل، لكنه امتنع عن الإعلان عن أحكام الصفقة، ولم يبين السبب في أن شركته لم تعلن عن الصفقة في ذلك الحين.
كما أنه امتنع عن بيان ما إذا كانت الشركة ستستمر في الإنتاج لصالح شركة أفونديل، أم ما إذا كانت مدركة لقيام الشركة المالكة الجديدة برفع السعر بصورة حادة.
ديفيد ميتشيل، الناشط الذي يعمل لدى مؤسسة "المرضى من أجل أدوية بأسعار ميسورة" قال إن شركة أبشر يمكن أن تتحمل بعض المسؤولية إذا كانت على علم بالاستراتيجية التي تعتزم شركة أفونديل تطبيقها.
وقال: "إذا باعت الشركة الدواء وهي تعلم أن المشتري سوف يرفع السعر بهذه الصورة الحادة – وإذا تلقوا علاوة مالية كبيرة لأن البائع كان راغبا في القيام بما لم يقم به خشية ردود الفعل السلبية – عندها يبدو لي أنهم يتحملون جزءا من المسؤولية".

الأكثر قراءة