الطاقة- المعادن

رغم ارتفاعه 11 % هذا العام .. «بيتكوين» يهز عرش الذهب

رغم ارتفاعه 11 % هذا العام .. «بيتكوين» يهز عرش الذهب

مع اقتراب عام 2017 من نهايته لا تبدو سوق الذهب بذات البريق الذي حظيت به العام الماضي، فبغض النظر عن التقلبات السعرية صعودا وهبوطا التي شهدتها أسواق المعدن النفيس منذ بداية العام حتى الآن، فإن المتوسط السعري للأونصة بلغ هذا العام نحو 1245، وهو أقل بشكل ملحوظ من التوقعات التي سادت في شهر يناير الماضي.
وتوقع بعض المختصين، أن يصل سعر أونصة الذهب إلى 1300 دولار في المتوسط خلال عام 2017، إلا أن الزيادة في أسعار المعدن النفيس لم تتجاوز هذا العام 11 في المائة في أفضل تقدير.
ويعتقد في تجارة الذهب أن عام 2018 سيحمل مزيجا من الأخبار الإيجابية والسلبية في آن واحد للمضاربين على المعدن النفيس. فبينما يعول البعض على عوامل الجذب التي يمكن أن تسهم في رفع الأسعار إلى حدود 1303 دولارات للأونصة في المتوسط خلال العام المقبل، ومن أبرز تلك العوامل الاضطرابات السياسية التي تجتاح مناطق مختلفة من الكرة الأرضية، فإن آخرين يسود لديهم اعتقاد أن الأسعار ستنخفض إلى حدود 1200 دولار للأونصة، جراء الزيادات المتوقعة في أسعار الفائدة الأمريكية.
وفي ظل تلك التكهنات حول مستقبل الذهب، فإن السؤال المطروح من قبل قطاع كبير من المستثمرين يتمثل في مدى الفائدة التي ستعود عليهم من الاستثمار حاليا في المعدن الأصفر، وإلى أي مدى يمكن أن  يمثل إضافة مربحة لمحافظهم الاستثمارية؟
تتطلب الإجابة من وجهة نظر دانيال أوين الباحث في بنك إنجلترا "البنك المركزي البريطاني" معرفة التغيرات التي ستطرأ على العرض والطلب خلال الفترة المقبلة.
وقال لـ "الاقتصادية"، "إن العرض تحكمه مجموعة من العوامل المتعلقة في الأساس بالقدرة الإنتاجية للبلدان المنتجة، وفي الأغلب فإن المرحلة المقبلة لن تشهد تغيرات ملموسة في هذا المجال، فلم يعلن عن اكتشافات حديثة ضخمة لمناجم ذهب جديدة، كما أن قدرات المناجم المنتجة للذهب حاليا شبه ثابتة، لكن التغير الوحيد الذي يمكن أن يطرأ على العرض سيحدث إذا قام احد البنوك المركزية أو مجموعة من البنوك المركزية ببيع كميات كبيرة من احتياطيات الذهب لديها، وهذا غير متوقع الحدوث جراء انخفاض الأسعار حاليا.. ومن ثم يمكننا القول بدرجة عالية من الثقة إن إمدادات الذهب ستكون مستقرة".
أما بالنسبة إلى الطلب، فإن المشهد يبدو مختلفا من وجهة نظر الباحث دنيال أوين الذي يرصد عددا من النقاط في هذا المجال، "صناديق التحوط ستواصل احتلال موقع رائد في الطلب وهذا يرفع من معدلات المضاربة في الأسواق، بينما يتراجع وضع البنوك المركزية وربما يعود ذلك إلى حالة من الاكتفاء أو رغبة أكبر في تنويع احتياطاتها أو زيادة الاحتياطات الدولارية لديها بدلا من الذهب".
لكنه توقع في الوقت نفسه، أن يرتفع طلب الأفراد نتيجة ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في الهند، وتحسن الوضع الاقتصادي في الصين، إضافة إلى وضع اقتصادي أفضل في الولايات المتحدة.
ومع هذا فإن آخرين يتنبأون بأن الطلب على الذهب سيشهد انخفاضا ملحوظا في الفترة المقبلة، حيث يرى المصرفي البريطاني سيمون هيرسون أن التغيرات الاقتصادية على المستوى الدولي لا تمنح الذهب مجالا واسعا للحركة وزيادة الطلب عليه.
وقال لـ "الاقتصادية"، "ما يحدث في سوق العملات المشفرة والزيادة الرهيبة في أسعارها وخاصة بيتكوين يوجد من وجهة نظر عديد من المستثمرين منافسا للذهب، ورغم أن بعض المستثمرين لا تزال تساورهم الشكوك بشأن بيتكوين، إلا أنه يلاحظ أن العملة المشفرة اقتطعت بشكل أو آخر من رؤوس الأموال التي كانت ستوجه إلى الاستثمار في المعدن الأصفر".
وأشار إلى أن "المشكلة الحقيقية أن العملة المشفرة تكسب مزيدا من الأرضية في مجال الاستثمار، خاصة بعد أن وافقت بورصة شيكاغو على تداولها، كما أنه إذ واصلت الارتفاع فإنها يمكن أن تحل تدريجيا محل الذهب كمخزن للقيمة، وهذا يعني تراجع الطلب على الذهب".
وأضاف، أن "هناك عاملا آخر سيضعف الطلب على المعدن الأصفر العام المقبل ويجب آخذه في الحسبان، فرفع أسعار الفائدة الأمريكية سيزيد من الطلب على الدولار، ومن المعروف أن سعر الذهب يتحرك في الاتجاه المعاكس للعملة الأمريكية، وزيادة الطلب على الدولار سترفع من سعره وتجعله أكثر جاذبية بالنسبة إلى المستثمرين في الذهب".
ولفت إلى أن المشكلة يمكن أن تتفاقم إذا شهدت أسعار الفائدة ارتفاعا كما هو متوقع في معظم الاقتصادات الكبرى، ما سيوجد طلبا متصاعدا على العملات بدلا من المعدن الأصفر.
مع هذا يعتقد بعض المختصين أن التراجع في طلب الأفراد على المعدن النفيس سيتم تعويضه ولو نسبيا من خلال زيادة الطلب الصناعي. فالذهب يدخل كعنصر في عديد من المنتجات التكنولوجية التي يتزايد الطلب عليها حاليا، وهو أحد العناصر المستخدمة في الهواتف الذكية والكمبيوتر والتلفزيونات الحديثة وعديد من الآلات الطبية وغيرها من المنتجات التي باتت جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية الحديثة.
وعلى الرغم من أنه من غير المتوقع أن يعوض الطلب الصناعي المتزايد على المعدن النفيس من انخفاض طلب الأفراد على الذهب إلى أنه سيحد نسبيا من تعرض الأسعار إلى هبوط حاد.
مع هذا لا يخفي بعض المختصين والمضاربين في تجارة الذهب قناعتهم بأن عام 2018 ربما لا يكون عام الذهب، بدعوى أنه العام الذي سيستعيد فيه الدولار بعضا من عافيته المفقودة، إنما يشيرون إلى عام 2019 باعتباره العام الذي سيحظى فيه المعدن الأصفر بمزيد من البريق.
من ناحيتها، أشارت جوليت دانلوب رئيسة قسم المعاملات الدولية في مجموعة "ألن كويل" الاستثمارية، إلى أن توقعاتهم بشأن أسعار الذهب العام المقبل ستراوح بين 1200-1250 دولارا للأونصة.
وقالت لـ "الاقتصادية"، "إن عائد سندات الخزانة الأمريكية العشرية راوح بين 0.2 - 0.7 في المائة هذا العام، ويتوقع أن يظل على ذات المستوى العام المقبل، وهذا سيضعف الطلب على الذهب الذي يرتفع هذا العام بقرابة 11 في المائة، لكن بعد تراجع العوامل المساندة للدولار بنهاية عام 2018، فإننا نتوقع أن تبدأ دورة جديدة للذهب، وأن يكون المتوسط السعري عام 2019 ما يعادل 1400 دولار للأونصة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- المعادن