FINANCIAL TIMES

خوارزميات تساعد على الحد من حالات الانتحار

خوارزميات تساعد على الحد من حالات الانتحار

عندما تقدم مارك زوكربيرج في وقت سابق من هذا العام بحجته التي تتعلق بكيف يمكن أن تصبح فيسبوك قوة أكثر إيجابية في حياة مستخدميها، لعب تطبيق الذكاء الاصطناعي دورا كبيرا.
أحد الوعود كان استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الأشخاص الذين قد يفكرون في الانتحار، ومن ثم التدخل لمحاولة إنقاذهم.
لكن هذا أحد جوانب العضوية في فيسبوك الذي لن يستفيد منه الأوروبيون. قالت شبكة التواصل الاجتماعي هذا الأسبوع إنها مستعدة لإطلاق خوارزمياتها المانعة للانتحار في جميع أنحاء العالم - ما عدا أوروبا. فوجود اللوائح المتعلقة بالخصوصية هناك جعلت الشركة تفكر مرتين إزاء توسيع هذه الميزة الجديدة.
دع جانبا، للحظة، هذه الفكرة المخيفة قليلا التي مفادها أن فيسبوك ستتولى تحليل حالتك النفسية، أو أنها ربما آخذة في التحول من دور "رقيب الاستخبارات الأمني" إلى دور المربية المسؤولة. أو خطر الإيجابيات المغلوطة (سكون من المخيف أن توصف عن طريق الخطأ بأنك معرض لخطر الانتحار).
الجمع ما بين البيانات الكبرى وتعلم الآلة يبشر بجعل الكثير من الخدمات الرقمية مفيدة أكثر. والقيود المفروضة على استخدام البيانات هي أيضا ضمانات ضرورية، رغم أنها لا محالة أيضا تعمل على تقييد أنواع الخدمات المتاحة.
في أوروبا ستصبح القواعد المفروضة على البيانات الشخصية أكثر تقييدا مع دخول "تنظيم حماية البيانات العامة" حيز التنفيذ في أيار (مايو) المقبل. وهذا يوصف بأنه تصحيح ضروري، يمنح الناس السلطة على كيفية استخدام المعلومات المتعلقة بهم. لكن ما هو الثمن؟
محاولات فيسبوك منع الانتحار هي مثال واضح على نحو خااص. لكن هناك الكثير من المنافع اليومية العادية لتحليل البيانات الشخصية التي قد تفوتها الشركات الأوروبية - واستطرادا المستهلكين.
لنأخذ في الحسبان قاعدة بيانات السجلات العامة التي يتم الاحتفاظ بها من قبل وكالة خدمات معلومات الشركات "ليكسيس نيكسيس" في الولايات المتحدة. فهي تحوي كمية هائلة من السجلات تصل إلى 65 مليار سجل حول معظم الأمريكيين، تم جمعها من عشرة آلاف مصدر. وتشمل التفاصيل معدل حضور المحاضرات في الجامعات، وتراخيص الأسلحة النارية، وسجلات المحاكم، وتاريخ الائتمان، وأكثر بكثير. ومع وجود هذا العدد الكبير من نقاط البيانات حول كل شخص، يصبح من الأسهل تحديد ما إذا كان الأفراد من ذوي الاختلافات الطفيفة في سجلاتهم هم الشخص نفسه - وهو أمر مفيد للكشف عن حالات الغش - أو التنبؤ بالسلوك.
هذا الكم الهائل من المعلومات يتم تطبيقه من خلال طرق كثيرة مختلفة. مثلا، هي تستخدم من قبل جميع شركات التأمين على السيارات في الولايات المتحدة، ما يؤدي إلى خفض الأسعار بالنسبة للناس الذين يعتقد أن من المحتمل أن يكونوا سائقين أكثر أمنا (ورفع الأسعار بالنسبة للسائقين الأكثر تعرضا للمخاطر). كذلك تستخدم حكومات الولايات هذه المعلومات لتحديد التحايل في المطالبات برديات ضريبة الدخل.
لا يمكن تجميع قاعدة بيانات من هذا القبيل في أوروبا. فبعض مصادر البيانات لا يمكن الوصول إليها بخلاف صاحبها. أيضا استخدام بعض أنواع المعلومات يقتصر على الهدف الأصلي الذي جمعت لأجله. مجموعة قديمة من القواعد المصممة لمنع الحكومات من تجميع كميات كبيرة فوق الحد من المعلومات حول مواطنيها تضع قيودا على الطريقة التي تتشارك بها الوكالات المعلومات.
إضافة إلى إرساء حكم عام يحدد كيفية استخدام البيانات، "تنظيم حماية البيانات العامة" يضع لائحة جديدة تتعلق بتعلم الآلة: سيحصل الأوروبيون على الحق في السؤال عن كيفية اتخاذ القرار المتعلق بهم والذي يتم التوصل إليه عن طريق الكمبيوتر. هذا يبدو وكأنه انتصار للبشر الذين يحاربون جميع الخوارزميات القوية التي تسيطر على كل شيء. لكن في حالة أكثر الأنظمة تطورا في مجال التعلم العميق (الصندوق الأسود)، حتى المبدعين يجدون من الصعب عليهم تفهم كيفية توصل تلك الآلات إلى تلك الاستنتاجات.
هذه ليست بالمشاكل البسيطة. كان خرق البيانات لشركة إكويفاكس بمثابة دعوة للتنبه لمخاطر تكديس كميات هائلة من المعلومات المتعلقة بجزء كبير من الناس في مكان واحد، لا سيما أن قلة من الناس هي التي أدركت أنه تم جمعها.
ومن الحق القول إن تلك مخاوف تتعلق بما إذا كان يتم استخدام البيانات بطريقة أخلاقية أم لا - ولا سيما إذا نتج عنها عرض أسعار مختلفة على مجموعات مختلفة من الناس، أو قيود مفروضة على الوصول إلى أمور مثل الائتمان والإسكان.
هناك أيضا ميل واضح للشركات للشكوى من أية قواعد جديدة، حتى وإن كانت بعد ذلك تعثر على طريقة للعمل بموجبها. ولأن البيانات تصبح مدخلات مهمة في كثير من الشركات، هناك أمور كثيرة على المحك.
لكن قرار فيسبوك بتجاوز أوروبا فيما يتعلق بخوارزميات التحذير من إمكانية الانتحار هو تذكرة بأن تنظيم البيانات لا يأتي بالمجان. بالنسبة للشركات الأوروبية الراغبة في تطوير منتجات وخدمات رقمية – وبالنسبة لكثير من الجهات الأخرى الراغبة في الاعتماد على الخدمات التي من هذا القبيل لتجعل أعمالها أكثر كفاءة – فإن الأمور التي على المحك في حالة تصاعد.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES