إبراهيم خفاجي .. صوت صباحات الوطن

إبراهيم خفاجي .. صوت صباحات الوطن
إبراهيم خفاجي .. صوت صباحات الوطن
إبراهيم خفاجي .. صوت صباحات الوطن

تظل الكتابة عن شاعر ما رهانا خاسرا. فكيف هو الحال إذا كان هذا الشاعر صاحب تميمة وطنية فريدة من نوعها، إذ تسكن وجدان الذاكرة الشعبية وترددها كل يوم شفاه الصغار قبل الكبار في صباحات الوطن والعمل مع انطلاق كل محفل وبعد كل انتصار.

نشيد الوطن

نشيد وطني يتعاظم بتسارع أمجاد الوطن، ليسكن الشاعر السعودي إبراهيم خفاجي ابن الجنوب، المولود في مكة 1926، علياء الوطن شعرا وغناء، عملا ومكانة. منذ أن كان يخطو خطواته الأولى طالبا في مدرسة الفلاح في مكة المكرمة حتى تخرجه كمأمور لاسلكي عام 1364. عاملا مجدا في أعلى نقطة في جبل القرارة المكي يتبادل الرموز المشفرة والحروف المتفرقة عبر أثير البلاد الممتدة، في إشارة أولى لقدر قصائده التي ستجمع شمل الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.
استغرق منه النشيد الوطني لكتابته أكثر من ستة أشهر، كان الملك خالد في زيارة إلى جمهورية مصر وبينما كان في المنصة الرئيسية عُزف السلامان الملكي السعودي والمصري، وكان السلام الملكي السعودي عبارة عن موسيقى فقط أعدت منذ عهد الملك عبد العزيز، فطلب من المختصين إعداد كلمات لنشيد وطني يكون مطابقا للموسيقى الموجودة في ذلك الوقت. فطلب المسؤولون من خفاجي أن يقوم بعمل كلمات النشيد الوطني وسلموه شروطا عدة، فأتمه بعد ستة أشهر وكان هذا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز. وقد بدأ بثه رسميا أثناء افتتاح واختتام البث التلفزيوني والإذاعي اعتبارا من يوم الجمعة 1/10/1404 هـ.

سماءات النغم

بلهجة حجازية غربية ونكهة جنوبية دفينة يشوبها بياض الوطن كان حرف خفاجي العاطفي يحمل على عاتقه الأخذ بأصوات الوطن الشابة لسماءات جديدة على مستوى الكلمة والنغم السعودي. كانت قصائده تدل عليه ولا يدل عليها. فتجده عذبا في العتاب، نبيلا عند الفراق، بديعا في الوصف، كريما في الشوق والحب، لطيفا متجاوزا عن زلات المحبوب رغم الصد ومهما كان الرد.
فيما توّج خفاجي أعماله العاطفية والوطنية بملحمة "عرائس الوطن" تغنّى فيها بتعدد مناطق المملكة وغناها الثقافي. حيث استغرق منه العمل ستة أشهر متواصلة قام فيها بجولة متأنية ومطولة، واقفا بنفسه على الموروث الشعبي لكل منطقة على حدة ليخرج لاحقا بهذا العمل الملحمي، الذي أنشده كبار مطربي السعودية على مرأى ومسمع من جمهور مهرجان الجنادرية العريض من داخل المملكة وخارجها.

"أقوالنا عمل"

خفاجي الدؤوب على وصل الوطن واتصاله عملا ونغما، تنقل في حياته العملية بين قرى ومدن المملكة إلى أن عاد مجدداً إلى مكة المكرمة في قسم الأخبار في النيابة العامة، وفي عام 1373 هـ انتقل إلى قسم الاستماع في الإذاعة، ثم انتقل عمله فيما بعد إلى وزارة الصحة وعمل في قسم المحاسبة ثم أصبح رئيساً للقسم ثم وكيلاً للإدارة المالية.
وفي عام 1972م كانت رحلته الأولى خارجيا إذ التحق بمعهد الإدارة في القاهرة وحصل على دبلوم في إدارة الأعمال والإدارة المالية فأصبح مديراً للإدارة المالية في وزارة الزراعة لشؤون المياه في الرياض. ثم كانت عودته إلى مكة المكرمة مفتشا مركزيا لوزارة الزراعة والمياة في المنطقة الغربية. وفي عام 1389 هـ طلب إحالته إلى التقاعد فأجيب طلبه بعد خدمة تقارب الـ 25 عاما.
ويبقى قدر الوطن المنحاز إلى الجمال دائما أن يفقد رموزه من وقت إلى آخر، لكن العزاء يعظم إذا ما علمنا أن مقدار ما زرعوه من إبداع وأكثر سيثمر ولو بعد حين ذكرى طيبة ومنصات نجاح لمبدعين جدد سيفيض بهم سيل الإحساس الغامر، مرددين مع الراحل خفاجي: "أفعالنا مَثل .. أقوالنا عمل".

الأكثر قراءة