إبتسام

مرت إبتسام القيواني بوقت عصيب بعد أن أخبرتها الطبيبة بنبأ إصابتها بالسرطان. تملكها الحزن، وخيم الظلام على صدرها. ضاقت بها الأرض بما رحبت وأحكمت إغلاقها. بدأت تردد: "اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها". لجأت إلى الله. تقربت إليه أكثر وتوضأت وشرعت في الصلاة. سجدت والدموع تنهمر من عينيها بغزارة، تسابقها بالدعاء ليلهمها الله الصبر على هذا الابتلاء. رجته أن يخفف المصاب على أمها وأبيها، سائلة أن يجبر كسر قلبيهما. تضرعت إلى خالق جسدها والقادر عليه، إلى الشافي؛ ليعافيها ويقيل عثرتها. دعت بإلحاح لا يغفو، ورجاء لا يخبو. هدأ بعدها الصخب الذي يجتاح أعماقها وتحول إلى أمل كبير ممزوج بسكينة. بدأت العلاج لاستئصال السرطان من ثديها. شفيت بتوفيق الله ثم إيمانها وإرادتها. عادت لتمارس حياتها بشكل طبيعي وترسم ابتسامتها الكاملة على وجهها بعد أن التهمت أطراف سعادتها الأدوية والعلاج القاسي.
ولم تلبث عامين حتى استيقظ السرطان من جديد لكن هذه المرة في الغدة. خضعت لعدة عمليات وكيماوي وإشعاعي أرهقت بدنها وقلبها. وبفضل الله سبحانه وتعالى ثم ابتسامتها وإرادتها تعافت منه. تقول إبتسام: "فرشت فراش الصبر، وهاتفت الخالق بالدعاء والذكر، وظننت بالله خيرا فكافأني بالشفاء".
وقبل يومين اكتشفت إبتسام ورما جديدا تواجهه بتفاؤل كبير شعرت به من خلال حديثها وثقتها. تقول: "سأتغلب عليه. إنها عطايا الله مغلفة بالأجر والثواب والدروس العظيمة". لقد أصبحت إبتسام مع كل شدة تتعرض لها أكثر صلابة وإصرارا. تردد الآية الكريمة: "وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
يحزنني عندما أشاهد قريبا أو صديقا ينهار أو ينكفئ عندما يعاني مشكلات أو هموما بسيطة، غير مدرك أن ضعفه أمامها سيزيدها تفاقما وتعاظما وإيمانه ورباطة جأشه ستزيده قوة وبسالة أمام أي مواجهة.
تجربة إبتسام الملهمة عبرة لنا جميعا. فالألم مهما كبيرا نستطيع تخفيفه بالاقتراب من الله وعدم القنوط من رحمته الواسعة. إحساننا الظن به، وصمودنا، وتحلينا بالابتسامة، ستساعدنا على تجاوز أي تحد مهما كبر. الاستسلام هزيمة مبكرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي