11 دولة تتوافق على إطار جديد للتبادل الحر عبر الهادئ بدون الولايات المتحدة

11 دولة تتوافق على إطار جديد للتبادل الحر عبر الهادئ بدون الولايات المتحدة

توصلت 11 دولة في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا-المحيط الهادئ "أبيك" أمس إلى إطار لاتفاق جديد للتبادل الحر بينها بدون الولايات المتحدة، وذلك غداة خطاب للرئيس الأمريكي دونالد ترمب في فيتنام غلب عليه بشكل واضح الطابع الانعزالي.
وتم التوصل إلى هذا الاتفاق على هامش قمة هذه المجموعة في دانانج في وسط فيتنام التي انضم إليها الرئيسان الأمريكي والروسي فلاديمير بوتين لإجراء محادثات مغلقة.
وبحسب "الفرنسية"، فقد أوضحت الدول المشاركة في أعمال القمة في بيان "أنها اتفقت على العناصر الأساسية" لاتفاقية جديدة، بعد أيام من المفاوضات الشاقة على هامش قمة الدول الـ 21 في "أبيك" في مدينة دانانج في فيتنام.
وذكر المسؤولون أن الاتفاق، الذي لم يتم الانتهاء منه بعد، سيحمل اسم الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ.
وأوضح توشيمتسو موتيجي وزير الاقتصاد الياباني أنه يأمل أن يكون المضي قدما نحو التوصل إلى اتفاق خطوة باتجاه عودة الولايات المتحدة.
وجرى تعليق نحو 20 بندا من الاتفاق الأصلي، وبعض هذه البنود يتعلق بحماية حقوق العمال والبيئة لكن معظمها خاص بالملكية الفكرية وهي من نقاط الخلاف الرئيسية بعد انسحاب الولايات المتحدة.
ونشر وزراء المنتدى الاقتصادي بيانا مشتركا بعد ثلاثة أيام من الموعد المقرر أصلا لذلك بسبب خلافات بشأن اللغة التقليدية التي كانت الولايات المتحدة تريد تغييرها.
ويشير البيان إلى التجارة الحرة والمفتوحة ومحاربة أساليب الحماية التجارية والاعتراف بعالم منظمة التجارة العالمية، لكنه يشير أيضا إلى التجارة العادلة وإلى" تعزيز الأعضاء التزامهم بالقواعد المتفق عليها".
وقد احتاجت هذه الدول إلى أشهر لتجاوز الزلزال الذي أحدثه وصول ترمب إلى البيت الأبيض، وكان الرئيس الأمريكي قرر بعد ثلاثة أيام على توليه مهامه سحب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، أكبر مشروع يبرم لمنطقة للتبادل الحر.
وكانت 12 دولة في منطقة آسيا المحيط الهادئ تمثل 40 في المائة من الاقتصاد العالمي، وقعت في 2015 وبعد سنوات من المفاوضات الصعبة، فإن هذه الاتفاقية تهدف بحسب محليين، إلى تحقيق توازن مع التأثير المتنامي للصين.
وتقضي الاتفاقية بفتح أسواق المنتجات الزراعية بشكل كبير أمام الولايات المتحدة وكندا واليابان، كما تنص على آليات للنظر في الخلافات بين المستثمرين الأجانب والحكومات، وتفرض الاتفاقية على دول مثل فيتنام والمكسيك وماليزيا تحسين معايير حماية العمال.
وهناك عدد كبير من المسائل التي تجب إعادة النظر فيها، لأن رحيل الولايات المتحدة أول اقتصاد في العالم، أعاد خلط الأوراق، وتحدث فرنسوا شامباني وزير التجارة الكندي عن "تقدم كبير أنجز" خلال المفاوضات، لكن كندا أوضحت في بيان أنه "ما زال هناك عدد من المشكلات العالقة"، وتصر كندا على البنود التقدمية خصوصا التي تم التفاوض حولها في الاتفاقية.
وكانت الولايات المتحدة مدافعة تقليدية عن التبادل الحر في ظل كل الإدارات السابقة الجمهورية والديمقراطية، لكن بدفع من ترمب قامت بهذا التحول الجذري.
وقد تجاذب الرئيسان ترمب وبوتين أطراف الحديث أثناء سيرهما معا للمشاركة في "الصورة الجماعية" في اجتماع قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ "أبيك" في فيتنام.
ورغم أن البيت الأبيض قال "إنه ليس من المزمع عقد اجتماع رسمي بين الزعيمين" فقد تصافحا خلال مأدبة عشاء مساء الجمعة، وتصافحا مرة أخرى في بداية الاجتماع الرئيسي لزعماء أبك أمس.
كما التقى الرئيس الأمريكي نظيره الفلبيني رودريجو دوتيرتي لأول مرة أثناء قمة "أبيك"، وأفاد هاري روك المتحدث باسم دوتيرتي للصحفيين أن الاجتماع كان "قصيرا لكنه كان دافئا ووديا".
لكن الرئيس الأمريكي لم يغير موقفه في خطابه أمام القادة في القمة، فقد دافع بقوة عن قراره مؤكدا أن الولايات المتحدة لن توقع بعد اليوم "اتفاقات كبرى" تجبرها على "التخلي عن سيادتها".
وبعدما دان "الاستغلال التجاري المزمن" الذي لم يعد بإمكان الولايات المتحدة "القبول به" وانتقد الاتفاقات المتعددة الأطراف التي "تقيد أيدي" بلاده، دافع ترمب عن مبدأ "أمريكا أولا".
وبعد دقائق قام الرئيس الصيني شي جينبينج بالدفاع عن العولمة، في مفارقة واضحة في القمة، وبما أن تزايد تأثير الصين يشكل أحد مصادر قلق طوكيو، فقد بذلت اليابان جهودا كبيرة في المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاقية جديدة للتبادل الحر خوفا من أن يؤدي تأخير جديد إلى سقوط الاتفاق نهائيا.
لكن كندا ذكرت بأن هذه الاتفاقية "ستحدد بنود المبادلات التجارية لأجيال"، كما أوضح عضو في الوفد الكندي، فيما قالت ديبورا إيلمز من المركز الآسيوي للتجارة "إنه حتى بدون الولايات المتحدة، ستكون اتفاقية التبادل الحر أهم اتفاق تجاري وقع في السنوات العشرين الأخيرة".
وبدون الولايات المتحدة، لا تمثل الاتفاقية سوى 13.5 في المائة من اقتصاد العالم، وتضم "أبيك" 21 دولة تضم 40 في المائة من سكان العالم في بلدان متنوعة من بينها الولايات المتحدة وروسيا والبيرو وبابوا غينيا الجيدة.
إلى ذلك، أعرب رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق عن قلقه إزاء تصاعد الحركة المناهضة للعولمة في منظمة "أبيك، الأمر الذي يتعارض مع تطلعاتها الأصلية، مضيفا "نحن في ماليزيا نرى أن العولمة جيدة لنا وللعالم. ولكن لا تدعها أن تكون مطلقة العنان، بل أن تكفل أثراً إيجابياً".
وأوضح عبد الرزاق "إنني أرى تحولاً ملحوظاً في "أبيك" مقارنة بما كان عليه الحال في العام الماضي. أسمع لهجة مختلفة. وأرى صعود السياسة المناهضة للعولمة، وهي سياسة أكثر توجهاً نحو الشأن الداخلي". وأشار عبد الرزاق إلى أن العولمة ليست خياراً، ولا شيئا يمكننا أن نهمشه، وعلينا أن نحتضن التغيير، وأن نواجه التحدي ونتحمل مسؤولية وضع السياسات والبرامج اللازمة، ومن ثم فإن ماليزيا تقود هذه القمة لوضع خطة تفعيل وخريطة طريق للاقتصاد الرقمي، ثم اعتماده كجزء من جدول أعماله الرئيسية.
أما زعيما كوريا الجنوبية وفيتنام فقد اتفقا على العمل لتعزيز علاقاتهما الثنائية بشكل جزئي، بزيادة التواصل بين المسؤولين الحكوميين للبلدين وبين شعبيهما.
وفي قمة ثنائية، تعهد الرئيس الكوري الجنوبي، مون جاي-إن والرئيس الفيتنامي، تران داي كوانج أيضا ببذل جهود لتعزيز التجارة الثنائية بين البلدين، لتصل إلى أكثر من 100 مليار دولار في عام 2020. ودعا مون إلى زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين، مشيرا إلى أن فيتنام تتبع نهج بلاده في الخبرة بشأن التصنيع السريع، في أعقاب حكم استعماري.
من جانبه، ذكر تران أن بلاده تعلق أهمية كبرى على شراكتها الاستراتيجية مع كوريا الجنوبية، وتعطي السياسة الخارجية فيتنام أولوية كبرى المسؤول في المكتب الرئاسي الكوري الجنوبي.

الأكثر قراءة