default Author

الاقتصادات الصاعدة واحتمالات اللحاق بالركب

|
من المتوقع أن ينمو نصيب الفرد من الدخل في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية بمعدل سنوي يزيد بنحو نقطتين مئويتين على معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة بين عامي 2017 و2022، ما يضيق فجوة مستويات الدخل بين مجموعتي البلدان. لكن نظرة أعمق إلى نصيب الفرد من الدخل في كل بلد ترسم صورة مختلفة وأكثر توضيحا للتفاصيل. فكما يتبين من الرسم البياني لهذا الأسبوع، الذي يتضمنه عدد تشرين الأول (أكتوبر) 2017 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، نجد أن النمو المتوقع لنصيب الفرد من الدخل يخفي وراءه فروقا كبيرة ــ سواء بين المجموعات الفرعية للبلدان الصاعدة والنامية أو في داخل كل منها. وتشير توقعاتنا إلى ارتفاع نصيب الفرد من الدخل في البلدان الصاعدة والنامية من 3.2 في المائة هذا العام إلى 3.6 في المائة في 2022. غير أن هذه التوقعات متأثرة إلى حد كبير بالنمو في أكبر اقتصادين ــ وهما الصين والهند. ويمثل هذان البلدان نحو 50 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية على أساس تعادل القوى الشرائية، ونحو 40 في المائة من مجموع سكانها. ومن المتوقع للبلدين تحقيق معدلات نمو في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي تتجاوز المعدلات المتوسطة ــ نحو 5.6 في المائة و6.3 في المائة سنويا، على الترتيب ــ على مدار الفترة 2017 ــ 2022. وليس من الغريب أن تشير توقعاتنا إلى نمو نصيب الفرد في آسيا الصاعدة بمعدلات أقوى بكثير من المناطق الأخرى ــ 5.4 في المائة مقارنة بنحو 1 في المائة في إفريقيا جنوب الصحراء، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة الكاريبي. بل إن هناك فرقا أوضح في الدخل المتوقع بين البلدان المصدرة والمستوردة للوقود ــ علما أن الصين والهند يندرجان تحت الفئة الأخيرة. فالنمو المتوسط لنصيب الفرد من الدخل في البلدان المصدرة للوقود لا يزال أبطأ من نظيره في البلدان المستوردة منذ عام 1995، ومن المتوقع أن يزداد تباعد هذا النمو بين المجموعتين على المدى المتوسط. وتعكس هذه التوقعات الإجراءات المستمرة في البلدان المصدرة للوقود حتى تتكيف مع انخفاض أسعار النفط، وكذلك الإصلاحات التي لا يتوقع أن تبدأ ثمارها في الظهور إلا على المديين المتوسط والطويل. وعلى وجه الإجمال، لا تبدو احتمالات التقارب واعدة بالقدر نفسه في كثير من الاقتصادات الصاعدة والنامية. فأكثر من ربع البلدان في هذه المجموعة ــ 43 بلدا "من مجموع 151" تضم 14 في المائة من سكان المجموعة ــ يتوقع أن تزداد بعدا عن مستويات الدخل في الاقتصادات المتقدمة. ومن بين هذه الاقتصادات، هناك 18 بلدا مصدرا للوقود وعشر "دول صغيرة" ــ وتعريفها هنا هو البلدان التي يبلغ تعداد سكانها أقل من نصف مليون نسمة. وبطبيعة الحال، تختلف البلدان في أولويات سياساتها المؤدية إلى تسريع وتيرة التقارب بين مستويات الدخل، وإن كان بعض هذه الأولويات ينطبق على معظمها. ففي البلدان المصدرة للوقود، من الضروري التكيف مع انخفاض الإيرادات النفطية مع اتخاذ خطوات ملموسة لتنويع الصادرات ومصادر النمو. ويشكل التنويع هدفا مهما لكثير من الدول الصغيرة أيضا. ومن المرجح ألا تتحسن الآفاق في عدد من البلدان إلا بعد تسوية التوترات السياسية أو الصراعات الجغرافية ــ السياسية.
إنشرها