أخبار اقتصادية- عالمية

محادثات بون تختبر إرادة العالم لمكافحة تغير المناخ بعد الانسحاب الأمريكي

محادثات بون تختبر إرادة العالم لمكافحة تغير المناخ بعد الانسحاب الأمريكي

يخيم الخروج المعلن للولايات المتحدة من اتفاقية باريس الدولية لحماية المناخ على فعاليات مؤتمر بون للمناخ، بمشاركة نحو 25 ألف شخص.
وقالت باربارا هيندريكس وزيرة البيئة الألمانية إنها تأمل في أن تتمكن الدول من الاتفاق على كيفية قياس انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في المستقبل ومقارنتها بقيم الانبعاثات في الدول الأخرى، موضحة أن هناك حاجة إلى معايير موحدة للحيلولة دون تلاعب دولة في هذه القيم.
وأضافت "عندما نتفق في باريس على قواعد أشبه بالدستور لحماية المناخ، فإنه يتعين الآن تطبيق تلك القواعد".
وذكرت هيندريكس أنها تنتظر من الولايات المتحدة رغم الخروج المعلن من الاتفاقية مفاوضات بناءة خلال المؤتمر، مبينة أن المؤتمر يشارك فيه كثير من خبراء حماية المناخ الأمريكان، من بينهم حاكم ولاية كاليفورنيا جيري براون وعمدة نيويورك السابق مايكل بلومبرج ونائب الرئيس الأمريكي الأسبق الحائز على جائزة نوبل للسلام آل جور.
يذكر أنه إذا تم تنفيذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فعليا بالخروج من اتفاقية باريس لحماية المناخ، فستكون الولايات المتحدة وسورية العضوتين الوحيدتين في الأمم المتحدة اللتين لا تشاركان في هذه الاتفاقية التاريخية.
واستبعدت الوزيرة الألمانية خروج دول أخرى من الاتفاقية، مضيفة "بذلنا كل الجهود من أجل عدم حدوث ذلك، والجميع متمسك بالاتفاقية حتى الآن"، مبينة أن إدارة ترمب لن يكون بمقدورها إعاقة الجهود الدولية لحماية المناخ.
من جانبه، دعا وزير التنمية الألماني جيرد مولر إلى عدم قصر الجدل حول حماية المناخ في ألمانيا على الطاقة المولدة من الفحم، مطالبا القطاعات كافة بالمساهمة في خفض الانبعاثات المتسببة في احترار الأرض، موضحا أن حماية المناخ لا تتعارض مع المصالح الاقتصادية.
وقال "حماية المناخ توفر ملايين من فرص العمل في العالم ومئات الآلاف في ألمانيا".
ومن المقرر أن تستمر فعاليات المؤتمر في بون حتى 17 تشرين ثان (نوفمبر) الجاري.
وتتولى رئاسة المؤتمر جمهورية جزر فيجي، وذلك في إطار مبدأ الرئاسة الدورية، الذي ينطبق حاليا على دولة من قارة آسيا. وبسبب صعوبة تنظيم مؤتمر بهذا الحجم في الدولة الجزرية الصغيرة الواقعة في المحيط الهادي، تولت ألمانيا تنظيم المؤتمر بصفتها "المضيف التقني".
وتعقد القمة المعروفة بـ"كوب 23" في مقر اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بمشاركة مندوبي 200 بلد، بحسب "الفرنسية".
وأكد تقرير علمي أمريكي صادق عليه البيت الأبيض الجمعة الماضية، أن المرحلة الحالية هي الأكثر حرا في تاريخ الحضارة الحديث، وأن الوضع سيتفاقم في غياب تخفيض كبير للغازات المسببة للاحتباس الحراري.
وقبل صدور التقرير مباشرة، حذرت حصيلة صادرة عن الأمم المتحدة من الفارق "الكارثي" بين الأفعال والحاجات، في ختام سنة شهدت كوارث طبيعية كبرى رجح الخبراء أن تتواصل في ظل اختلال المناخ، وبينها الإعصار إيرما، أشد إعصار في التاريخ في المحيط الأطلسي، والإعصار هارفي الذي تسبب في أمطار كانت الأكثر غزارة، التي تم تسجيلها على الإطلاق بعد إعصار.
ونشرت منظمة الأرصاد الجوية العالمية أمس، في بون حصيلة مؤقتة لدرجات الحرارة عام 2017.
وقال رئيس وزراء فيجي فرانك باينيماراما الذي سيترأس قمة المناخ "علينا الحفاظ على التوافق الدولي من أجل تحرك قوي" ضد الاحتباس الحراري.
وشدد المسؤول الذي افتتح القمة إلى جانب مسؤولة المناخ في الأمم المتحدة باتريسيا إسبينوزا ورئيس مجموعة الخبراء الحكوميين حول تطور المناخ هوسونغ لي، على أنه "أينما كنا نعيش، إننا عرضة (للتبدل المناخي) وعلينا التصرف".
من جهتها، أضافت المفاوضة الفرنسية السابقة لورانس توبيانا "يمكننا أن نثق بفيجي لممارسة ضغوط شديدة على الدول المسببة للانبعاثات".
والتزمت الدول في نهاية 2015 في باريس بنسب تخفيض للغازات المسببة للاحتباس الحراري تبدو اليوم غير كافية. ويحذر العلماء من أنه في حال أراد العالم إبقاء الاحتباس دون نسبة 2 في المائة، بالمقارنة بحقبة ما قبل العصر الصناعي، فإن ذروة انبعاثات غازات الدفيئة ينبغي أن تسجل عام 2020 كأبعد تقدير.
والمطلوب الآن هو حمل الدول على مراجعة طموحاتها. والمرحلة الأولى تقضي ببدء "حوار" في بون يستمر سنة حول الخطوات المتخذة والواجب اتخاذها.
كما يتحتم على هذه القمة الـ23 إحراز تقدم بشأن قواعد تطبيق اتفاق باريس، وهي مرحلة فنية إلى جانب كونها سياسية بامتياز، ومن النقاط التي تشملها كيفية رفع الدول تقارير حول ما تتخذه من خطوات، وآلية متابعة المساعدة المالية التي تعد بها الدول الغنية.
وتعقد القمة في ظل الغموض الذي يلف الموقف الأمريكي. فواشنطن التي تعتزم الخروج من اتفاق باريس غير أنه لن يكون بوسعها تنفيذ قرارها عمليا قبل تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، أكدت مرة جديدة عزمها على المشاركة في المناقشات حول قواعد التطبيق سعيا "لحماية مصالحها" الوطنية.
لكن أندرو ستير المختص في "معهد الموارد العالمية"، مركز الدراسات الذي يتخذ مقرا له في واشنطن، قال "لا نتوقع إنجازات كبرى" من الجانب الأمريكي.
وذكر المختص أن "هذا المؤتمر المناخي في غاية الأهمية، لأن التحديات على أعلى مستوى، فالمطلوب خلال سنتين لا يقتصر على أن تحقق الدول ما وعدت به فحسب، بل كذلك أن تلتزم بالمزيد".
وأشار إلى ازدهار الطاقات المتجددة والجهود الصينية على صعيد البيئة، موضحا أن الوضع مشجع، لكن المشكلة الوحيدة هي أن الأمور لا تسير بالسرعة الكافية.
كما قالت الخبيرة في معهد الموارد العالمية باولا كاباليرو "نرى كثيرا من الدول والمدن والشركات تمسك بزمام الأمور" مضيفة "إنها أهم رحلة لجنسنا البشري حتى الآن، لدينا فرصة متاحة لإعادة تحديد نمط نمونا. وقمة المناخ هي المرحلة المفصلية من أجل ذلك".
وتظاهر الآلاف في بون السبت الماضي، ضد استخدام الفحم ورفعوا لافتات كتب عليها "احموا المناخ: أوقفوا الفحم"، بحسب "رويترز". وقال المنظمون إن عدد المشاركين بلغ 25 ألفا، بينما قالت الشرطة إن عددهم عشرة آلاف.
ولا يزال الفحم يلعب دورا كبيرا في الاقتصاد على مستوى العالم خاصة في اقتصادات نامية مثل الصين والهند. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن الفحم مصدر ثلث الطاقة المستخدمة في العالم.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية