ثقافة وفنون

فيلم «مونستر فاميلي» .. مقارعة الشر بسلاح السعادة

فيلم «مونستر فاميلي» .. مقارعة الشر بسلاح السعادة

فيلم «مونستر فاميلي» .. مقارعة الشر بسلاح السعادة

السعادة هي سر الحياة ومطلب الجميع، وإن اختلف مفهومها أو كيفية الحصول عليها بين فرد وآخر، إلا أن معايشتها ضرورية لاستمرار الحياة بكم وافر من الأمل والفرح، ولقد أجمع الفلاسفة على سؤال عريض عن ماهية السعادة، واستفاض الأدباء والشعراء في الإجابة عن هذا السؤال كل في نطاق مفهومه إلا أن الحقيقة الراسخة أن سعادة الشخص لا أحد يعلمها إلا نفسه، وتختلف حتما بين البشر، فمن يرى سعادته في شيء معين ممكن أن يكون هدفا ثانويا عند آخر، لذلك تكمن المعضلة الأساسية في اكتشاف المرء لسعادته، وعند الوصول إلى هذه المرحلة معظم مشاكله تتلاشى تماما كما حصل في فيلم Happy Monster Family حيث ظلت عائلة مكونة من أب وأم وطفلين يصارعون على مدى 90 دقيقة للحصول على السعادة، والتي بمجرد امتلاكها تغلبوا على كل الصعوبات التي واجهتهم.

عائلة مفككة
منذ اللحظات الأولى للفيلم يكتشف المشاهد مشكلة هذه العائلة، فالأم التي تدعى إيما، تؤدي صوتها الممثلة إميلي واتسون، يائسة دائما من ابنتها الفاشلة في المدرسة، تدعى فاي تؤدي صوتها الممثلة جيسيكا براون، وهي دائما تلقي اللوم على والدتها وتتكلم معها بطريقة غير لائقة، أما ولدها ويدعى رينفيلد، يؤدي صوته الممثل إيوان بايلي، فهو ضعيف لكنه يتميز بذكاء خارق ولديه موهبة اكتشاف كوكب الأرض وتاريخ البشرية ما خلق له عداءات داخل صفه، وبسبب ضعف شخصيته يتحمل الإهانات من رفاقه بشكل يومي، أما الوالد ويدعى فرانك، يؤدي صوته الممثل نيك فروست، فهو رجل يهتم بعمله دائما ويخاف من مديره الذي يهدده بالطرد إذا لم يقم بكل ما يطلب منه.
لم يأخذ المخرج هولجر تابي وقتا طويلا لطرح قضية الفيلم ففي غضون عشر دقائق تعرف المشاهد على الممثلين كافة ومشاكلهم في أسلوب بسيط، وبدأت الحبكة بعد أن تحدثت إيما عبر الهاتف بالخطأ مع رجل يدعى دراكولا، يؤدي صوته الممثل جايسون إيزاك، ومنذ هذه اللحظة قرر دراكولا تحويل إيما إلى مصاصة دماء والزواج بها.

محاولة لم الشمل
في هذه الأثناء قررت إيما أن تدعو عائلتها إلى حفلة تنكرية لقضاء وقت ممتع برفقة بعضهم بعضا وهو ما لم يفعلوه من زمن طويل، فارتدوا ملابسهم التي أحضرتها إيما لهم ووافقوا الذهاب على مضد، فكل واحد منهم لديه مشاريعه الخاصة لكن والدتهم أجبرتهم على الذهاب.
دخلوا الحفلة وبسبب لباسهم الغريب طردوا خارجا وجلسوا على الرصيف يتشاجرون، في هذه الأثناء يرسل دراكولا المشعوذة التي لديه لإلقاء اللعنة على إيما وتحويلها إلى مصاصة دماء، لكنها قالت له "إذا كانت حزينة تستطيع لعنها لكن إن كانت سعيدة في حياتها لا تستطيع مطلقا تحويلها"، وبالفعل نجحت أثناء شجارهم في إلقاء اللعنة عليهم جميعا فأصبحت إيما مصاصة دماء وفرانك رجل ضخم وفاي مومياء قديمة ورينفيلد كلب صغير.
في البداية لفهم الذهول وعجزوا عن فعل أي شيء وحاولت إيما الصراخ بوجه المشعوذة،وأخذ الكرة السحرية منها لإعادتهم إلى حالتهم البشرية الطبيعية لكنها فشلت واختفت المشعوذة حيث ذهبت إلى مقر المشعوذين في لندن لشحن الكرة السحرية.

العائلة أولا
حاولت العائلة اللحاق بها بمساعدة صديقة إيما تدعى شيني، تؤدي صوتها الممثلة سيليا إمري، فكانت مغامرة طويلة لم ينجح المخرج في الحفاظ على عنصر التشويق، بل لقد بدت بعض المشاهد مملة إلى درجة أنني نظرت خلال الفيلم إلى ساعتي أكثر من ثلاث مرات متمنية أن ينتهي في أسرع وقت.
لكن الحوار وبعض المعاني العميقة فيه أوجدت نوعا من القيمة على الفيلم، فعندما خطف دراكولا إيما وطلب منها أن تتزوجه مقابل أن يؤمن السعادة لها رفضت وقالت له "لا أستطيع أن أترك عائلتي" رغم أنها غير سعيدة لكن حياتها العائلية أهم من سعادتها الشخصية وحياتها العاطفية، ولم تضعف أمام المغريات التي قدمها لها، فهذه هي طبيعة الأم التي تفكر دائما بعائلتها على حساب نفسها، فأعادها إلى عائلتها تصارعهم وتتحمل منهم الملامة بسبب تلك اللعنة.

الأم تختار حياتها
بعد ذلك عثروا على الساحرة، فشلوا مرة أخرى في إلغاء اللعنة وأخذتهم إلى صحراء مصر، هناك كبرت مشاكلهم وتم طرح قضية القناعة والثقة بالنفس، فالابنة فاي كانت تعاني فقدان ثقتها بنفسها وبجمالها، وفي لحظات قريبة من والدتها أخبرتها أن شكلها لا يهم ومهما كانت يجب أن ترضى بما هي عليه، ولا تبالي بكلام أحد، حتى بهيئتها المومياء يجب أن ترضى وتقتنع، فما يميزها شخصيتها وليس شكلها الخارجي.
تفرقوا وتشاجروا وسط الصحراء وبين الرمال وذهب كل واحد في جهة وجلست إيما تبكي وحيدة إلى أن أتى دراكولا مرة أخرى وأخذها، عندها اكتشفت أن حال عائلتها أفضل من دونها وهي سببت الأذى لهم، من الأفضل أن تبقى بعيدة عنهم، في هذه الأثناء تعرف فرانك على فتيات في الصحراء قدموا له كل الدلع والاهتمام، وتعرفت فاي على رجل مومياء أراد الزواج بها وذهب رينفيلد في طريقه يبحث عن حياة جديدة، لكن المشاكل جمعهتم من جديد، واكتشفوا أن لا غنى عن بعضهم بعضا ولا بد من العودة للبحث عن إيما.

السعادة ألغت اللعنة
المشعوذة جلست مع شيني التي أقنعتها بتحويلهم إلى ما كانوا عليه وزرعت في داخلها بعض الخير فما كان منها إلا لم شملهم مجددا في قصر دراكولا عند والدتهم، فاجتمعوا وتصالحوا وعرف كل واحد خطأه وعلمت الأم أن تعاملها السلطوي مع أطفالها أوصل بهم إلى هنا وتوصلوا إلى نتيجة أنهم سعداء، وبمجرد أن شعروا بالسعادة وهم يحضنون بعضهم بعضا ذهبت اللعنة عنهم، فالسعادة هي القوة السحرية التي تستطيع التغلب على أي نوع من الشر وذهبوا إلى دراكولا واستطاعوا القضاء عليه موحدين كعائلة ومصممين الدفاع عن وحدتهم.
مما لا شك فيه أن الفيلم يقدم فكرة جميلة وهي السعادة وأخرى تتعلق بكيفية اقتناع الفرد بنفسه كذلك الأمر بالنسبة للأمهات اللواتي لا يعرفن كيفية التعامل مع أولادهم، لكن تباطؤ الأحداث خفف من عنصر التشويق وأدخل الملل بعض الشيء إلى المشاهد، كذلك خلوه من المؤثرات البصرية جعل الفيلم أقل من العادي.

فيلم للكبار أم الصغار؟
والسؤال الذي تبادر إلى ذهني بعد الانتهاء من الفيلم من هي الفئة المستهدفة في الفيلم، فهذا الأمر غير واضح، القصة موجهة ببساطتها إلى الأطفال في حين أنها جاءت خالية من مشاهد تلفت انتباه الأطفال خاصة الموسيقى وهي العنصر الأساسي الواجب وجوده في أي فيلم للأطفال، لذلك جاء الفيلم مملا للكبار بسبب بساطته وافتقاده لعنصر التشويق ومملا للصغار بسبب افتقاره للعناصر التي يطلبها الصغار، لكن تبقى الفكرة الأساسية ألا وهي السعادة واقتناع الفرد بما لديه قوية بمعانيها وعمقها والفيلم يساعد على إدراكها بطريقة أو بأخرى.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون