أخبار اقتصادية- عالمية

صناديق التحوط تستثمر 19 مليار دولار في أسواق المعادن خلال 9 أشهر

صناديق التحوط تستثمر 19 مليار دولار في أسواق المعادن خلال 9 أشهر

مع تحسن معدلات نمو الاقتصاد العالمي، يزداد الانتعاش في أسواق المعادن، ويزداد التفاؤل بشكل واسع بين المنتجين والوسطاء والتجار، فالتراجع المحدود في الطلب الصيني على عديد من المعادن، تم تعويضه عبر نمو الطلب في عديد من المراكز الاقتصادية الأخرى، الذي ترافق مع تحسن ملموس في شهية المستثمرين للاستثمار بقوة في أسواق المعادن من جديد.
ويعتقد فينسنت هاربر المحلل المالي في بورصة لندن أن أسواق المعادن تجاوزت أزمتها التي وقعت عام 2015، وأجبرت عديدا من شركات التعدين العملاقة على القيام بعمليات اكتتاب واسعة النطاق، لتهدئة المستثمرين من الانخفاض الجاري في أسعار أسهمها.
ويضيف لـ "الاقتصادية"، أن "الوضع تغير حاليا، فعمالقة التعدين يحصدون الأرباح وبعض الشركات رفعت توقعاتها بشأن تحقيق الأرباح المستقبلية بعدما حققت أداء جيدا في الربع الثالث من هذا العام".
ويتفق ذلك مع الارتفاع الراهن في أسعار مجموعة كبيرة من أهم المعادن الصناعية، فالنحاس قفز إلى سبعة آلاف دولار للطن، والزنك في أعلى مستوى منذ عشرة أعوام، والألومنيوم ارتفع بنسبة 30 في المائة، وهذا كله يدفع بالمستثمرين إلى التكالب في الاستثمار على المعادن، وفي بورصة لندن عادت صناديق التحوط التي كانت فيما مضى مضاربا رئيسيا على المعادن لكنها توقفت نتيجة تراجع الأسعار، عادت مرة أخرى إلى المضاربة.
وتشير مؤشرات بورصة لندن إلى ارتفاع أحجام التداول لتصل إلى أعلى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2015، وسط توقعات بأن هناك إمكانية لمزيد من النمو المستقبلي، وهنا يصبح التساؤل ما العوامل التي أدت إلى الانتعاش الراهن في الأسواق؟
ويوضح لـ "الاقتصادية"، جون أوبرين الباحث الاقتصادي أنه للمرة الأولى منذ عقود لا تتوقف توقعات الطلب العالمي على المعادن على الطلب الصيني فقط، ومضيفا أن "الصين ستظل اللاعب الرئيسي في الأسواق لسنوات مقبلة، لكن هناك مجموعة جديدة من العوامل عوضت بل وكانت أكثر تأثيرا من تراجع الطلب الصيني، ومن أبرز تلك العوامل ارتفاع معدلات التصنيع وتحسنها في منطقة اليورو، وذلك بعد ثلاث سنوات من الركود".
ويلفت أوبرين إلى أن تراجع معدلات التصنيع في منطقة اليورو منذ عام 2014، كان أحد أسباب أزمة سوق المعادن عام 2015، كما أن صندوق النقد الدولي أبدى توقعات أكثر إيجابية بشأن معدلات النمو في الولايات المتحدة واليابان، وحتى بالنسبة إلى الصين مستقبلا، وهذا كله يوجد شعورا إيجابيا لدى المستثمرين بشأن المستقبل، خاصة أن توقعات الصندوق تشير إلى معدل نمو هو الأفضل خلال السنوات العشر الماضية.
لكن تحسن الطلب يمثل جزءا من المشهد الإجمالي في سوق المعادن، فالعرض أيضا يواجه بعض الصعوبات ما أوجد أوضاعا إيجابية بالنسبة إلى الأسعار.
وأدى خفض شركة "جلينكور" أحد عمالقة إنتاج المعادن في العالم إنتاجها من الزنك إلى رفع الأسعار، كما دفع تراجع الإنتاج الصيني من الألومنيوم إلى زيادة غير مسبوقة في أسعاره عالميا، وترافق ذلك مع وضع جديد لم تشهده أسواق المعادن منذ عام 2008، وهو السحب من مخزون مختلف المعادن.
وانعكس الميزان الجديد بين العرض والطلب على مؤشر "إل إم إي" للمعادن، الذي قفز بنحو 20 في المائة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وسط توقعات من البنك الدولي نشرت أخيرا بأن تبلغ نسبة ارتفاع أسعار المعادن لهذا العام نحو 22 في المائة بنهاية الشهر المقبل.
إلا أن السؤال هو: هل كان لسعر صرف الدولار المنخفض مقارنة بالعملات الرئيسية الأخرى دور في التحسن الراهن في سوق المعادن؟ يعتقد نيل مات الباحث في اتحاد السبائك أن للدولار تأثيره بلا شك، لكنه تأثير محدود وغير ضخم ولا تنبغي المبالغة فيه.
ويضيف لـ "الاقتصادية"، أن "الارتفاع الملموس في أسعار المعادن من القوة بحيث يعكس تغيرات بعيدة عن التغيرات في أسعار العملات، إنما تغيرات تعود إلى عوامل العرض والطلب الناجمة عن حدوث تغير في الاقتصاد الحقيقي أكثر منه في الجانب المالي".
ويستدرك نيل مات قائلا "إن صناديق التحوط هى الأكثر إدراكا بأن التغيرات في سوق المعادن تعود إلى عوامل حقيقية وليس إلى أسعار العملات، فاستثمارات تلك الصناديق تعد الأعلى في هذه السوق منذ عام 2011، وهو ما يكشف عن تنامي الإدراك بين المستثمرين الدوليين بأن سنوات الركود قد ولت".
وأشار نيل مات إلى أن استثمارات صناديق التحوط بلغت في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام قرابة 19 مليار دولار، وهذا لا شك أعلى بكثير من استثماراتها في عام 2015 التي تجاوزت عشرة مليارات دولار بقليل، لكن يبدو أن مجالس إدارات صناديق التحوط تستثمر في المعادن بحرص، إذ لم يصل بعد حجم استثماراتها إلى الذروة التي بلغتها عام 2010 حيث استثمرت في سوق المعادن قرابة 30 مليار دولار.
وبطبيعة الحال، فإن زيادة أسعار المعادن لا تسير بمعدلات متساوية لجميع أنواع المعادن الصناعية، ويتوقع المختصون أن تصبح أسعار الزنك الأكثر ارتفاعا في الفترة المقبلة، فالمخزونات في تراجع، في الوقت الذي يتوقع أن يشهد فيه الطلب دفعات قوية في النصف الأول من العام المقبل.
ويوضح لـ "الاقتصادية"، فينسنت هاربر المحلل المالي في بورصة لندن، أن أسعار الزنك ارتفعت بنحو 23 في المائة هذا العام، وبما يقارب 60 في المائة مقارنة بالعام الماضي، والسبب تراجع إنتاج مناجم الزنك في العالم، والإجراءات التي اتخذتها الصين ضد التلوث، وزيادة إجراءات السلامة في المناجم، ما تسبب في نقص المعروض، وهذا يدفع إلى توقعات بتراوح الأسعار بين 3350-3400 دولار للطن في الأشهر الأربعة المقبلة.
ومن المرجح أن تشهد أسعار عديد من المعادن خاصة الألومنيوم والكوبالت والنيكل ارتفاعا مع زيادة الطلب العالمي على السيارات الكهربائية، فالألومنيوم يستخدم بشكل ملحوظ في الهياكل المعدنية لتلك السيارات، بينما يعد الكوبالت معدنا رئيسيا في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية.
ويحظى النيكل بدور رئيسي في البطاريات القابلة لإعادة الشحن، وتشير تقارير بورصة لندن إلى أن الأسعار زادت بنحو 30 في المائة منذ منتصف العام حتى الآن، وقد يبلغ الطلب السنوي على النيكل نحو 230 ألف طن بحلول عام 2025 أي بزيادة تقدر بـ 12 في المائة مقارنة بالمعدلات الراهنة، وكانت عقود النيكل في بورصة لندن للمعادن قد قفزت أول أمس 5.3 في المائة إلى 12295 دولارا للطن، وهذا هو أعلى مستوى منذ الثامن من أيلول (سبتمبر).

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية