جدل في أسواق النفط العالمية بشأن توقيت ذروة الطلب

جدل في أسواق النفط العالمية بشأن توقيت ذروة الطلب

رصدت شركة "وود ماكنزي" الاستشارية الدولية حالة من التباين والجدل في سوق النفط العالمي بشأن توقيت الوصول إلى مرحلة ذروة الطلب على النفط الخام ومن ثم حدوث تراجع ملموس في الطلب عليه.
وقال أحدث تقرير للشركة إن المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أكد بثقة تامة أن الطلب العالمي على النفط من المتوقع أن ينمو بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2050، وهو النهج ذاته الذي يسير عليه محمد باركيندو أمين عام منظمة "أوبك" والذي شدد على أن الطلب سيرتفع بشكل متواصل حتى عام 2040 على أقل تقدير.
وأضاف التقرير أنه على النقيض من ذلك هناك عدد من التحليلات التي تشير إلى أن زيادة الكفاءة، وارتفاع إنتاج السيارات الكهربائية وعوامل أخرى يمكن أن تحقق ذروة الطلب في وقت أقرب بكثير من المتوقع.
ولفتت الشركة الاستشارية البارزة إلى أن الطلب العالمي على النفط لأغرض النقل - وهو الاستخدام المهيمن - يمكن أن يصل إلى ذروته بحلول عام 2030، مع بلوغ ذروته الإجمالية بحلول عام 2035، بينما يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة "رويال داتش شل" أن ذروة الطلب قد تحدث في وقت مبكر وتحديد أواخر 2029.
وأشار التقرير إلى أن السعودية تتعامل بشكل ذكي مع الاضطرابات في سوق النفط العالمية لافتا إلى كلام وزير الطاقة السعودي بأن: "عالم الطاقة قد يتغير، ولكن أرامكو ستبقى على قيد الحياة بشكل أقوى وأطول وتضخ النفط حتى البرميل الأخير".
وبحسب التقرير فإن السعودية قادرة على مواجهة التحديات والتهديدات ولا تنزعج من الإنتاج الصخري الأمريكي ولديها رؤية واقعية لنمو الطلب ولا تلتفت للتحذيرات التي يطلقها البعض حول انهيارات مفاجئة في مستوى الطلب على النفط.
إلى ذلك، مالت أسعار النفط أمس إلى الانخفاض نسبيا بتأثير من زيادة غير متوقعة في المخزونات والإمدادات الأمريكية إلى جانب أنشطة جني الأرباح، وذلك بعد أن كانت قد سجلت أعلى مستوى في أربعة أسابيع.
وجاءت التراجعات السعرية محدودة بسبب تفاؤل السوق بقرب مد العمل بتخفيضات الإنتاج لفترة جديدة قد تشمل العام المقبل 2018 بأكمله، كما يشهد التزام المنتجين في "أوبك" وخارجها على مستوى خفض الإنتاج نتائج جيدة وتقدما سريعا، فيما تترقب الأسواق الاجتماع الموسع للمنتجين في فيينا في 30 من الشهر المقبل.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، أن أسعار النفط مالت إلى الانخفاض بشكل مؤقت نتيجة زيادات غير متوقعة في الإمدادات الأمريكية ومستوى المخزونات النفطية، ولكن السوق تميل إلى الارتفاع بسبب العوامل الجيوسياسية خاصة بعد وقوع اشتباكات بين القوات العراقية والأكراد بالقرب من أنبوب نفطي، مشيرا إلى أن الأزمة العراقية الكردية ذات أبعاد كبيرة وربما تداعيات واسعة على سوق النفط.
وأضاف جانييك أن الملف الإيراني له أيضا تأثيرات أخرى قوية، خاصة إذا أصرت الإدارة الأمريكية على فرض عقوبات مجددا على طهران، ما سيؤثر دون شك على إمداداتها النفطية، وينعكس ذلك على تآكل المعروض وضيق السوق ومن ثم تحقيق مستويات سعرية مرتفعة وقياسية.
ومن جانبها، تقول لـ "الاقتصادية"، تي يتينج مدير المعادن في شركة "أي إيه سنجابور"، إن أسعار الخام مرشحة لتسجيل ارتفاعات قياسية جديدة في العام المقبل، ما سيجعل الأعباء أقل على دول الإنتاج عند إعداد الموازنات العامة، حيث سيتم رفع تقديرات سعر النفط في الموازنات الجديدة، وبالتالي ستشهد اقتصادات كثير من الدول المنتجة انتعاشة ملموسة، خاصة الدول التي تعتمد على النفط بشكل غالب ورئيس، التي كانت قد عانت من أزمات اقتصادية طاحنة في السنوات الثلاث الماضية.
ولفتت يتينج إلى أن العوامل الجيوسياسية قد تؤثر في إمدادات كثير من دول الشرق الأوسط ومنها العراق وإيران وليبيا والأخيرة لديها تخوفات واسعة من سقوط المنشآت النفطية في قبضة العناصر المسلحة، وما لذلك من تأثير واسع في إمداداتها واقتصاداتها التي تكافح من أجل التعافي على مدار السنوات الست الماضية.
ومن ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" للاستشارات المالية، أن إعلان روسيا بأنها ستزيد إنتاجها أربعة ملايين برميل يوميا العام المقبل في حالة إنهاء اتفاق خفض الإنتاج ربما يكون الهدف منه تحفيز المنتجين على الالتزام بالاتفاق، خاصة أن الرئيس الروسي سبق أن أعلن أنه يؤيد تمديد الاتفاق ليغطي عام 2018 بالكامل.
وأشار جونسون إلى أنه لا يتوقع أن تقوم روسيا بأي طفرات إنتاجية؛ نظرا لارتباطها مع دول "أوبك" بشراكة استراتيجية تستهدف العمل على بقاء الأسواق آمنة ومستقرة، وذلك على الرغم من نجاح موسكو في تخفيض تكلفة إنتاج برميل النفط لديها إلى نحو 15 دولارا، ولكنها تستفيد أكثر من بقاء الأسعار في مستويات جيدة فوق 50 أو 55 دولارا للبرميل.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد تراجعت أسعار النفط أمس متأثرة بضغوط ارتفاع غير متوقع في مخزونات الخام الأمريكية وزيادة الإنتاج والصادرات الأمريكية، لكن الأسعار ظلت قريبة من أعلى مستوى خلال شهور مع توازن أسواق الخام.
وبحسب "رويترز"، فقد انخفض خام القياس العالمي مزيج برنت 15 سنتا إلى 58.29 دولار للبرميل، ولا يبتعد سعر برنت كثيرا عن أعلى مستوى في 26 شهرا بلغه في نهاية أيلول (سبتمبر) عند 59.49 دولار للبرميل، كما نزل الخام الأمريكي الخفيف 15 سنتا إلى 52.03 دولار للبرميل.
واكتسبت الأسواق دعما من تعليقات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في الأسبوع الحالي الذي أكد فيها التزام المملكة بإنهاء تخمة المعروض العالمي التي كبلت الأسعار لأكثر من ثلاثة أعوام.
وقال سماسرة إن أسعار النفط تصعد منذ أسابيع، وإن بعض المستثمرين بدأوا في جني الأرباح، وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن مخزونات الخام الأمريكية زادت 856 ألف برميل في الأسبوع الماضي مقابل توقعات محللين بانخفاضها 2.6 مليون برميل.
وبلغ معدل تشغيل المصافي 87 في المائة من طاقتها التشغيلية خلال الأسبوع الماضي، وفي الوقت نفسه، تراجع إنتاج البنزين إلى نحو 9.9 مليون برميل يوميا خلال الأسبوع الماضي، في حين زاد إنتاج المكررات النفطية إلى نحو 4.8 مليون برميل يوميا خلال الفترة ذاتها.
وبلغ متوسط واردات الولايات المتحدة من النفط الخام خلال الأسبوع الماضي 8.1 مليون برميل يوميا، بارتفاع قدره 640 ألف برميل يوميا عن الأسبوع السابق، في حين كان متوسط استيراد النفط خلال الأسابيع الأربعة الماضية 7.6 مليون برميل يوميا بزيادة نسبتها 3.2 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
وارتفع مخزون النفط الخام الأمريكي خلال الأسبوع المنتهي يوم 20 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري بمقدار 900 ألف برميل ليصل إلى 457.3 مليون برميل، ليزيد على نصف متوسط المخزون في مثل هذا الوقت من السنة، في حين تراجع مخزون البنزين بمقدار 5.5 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، لكنه ظل أعلى من نصف متوسط المخزون في مثل هذا الوقت من العام.
من جهة أخرى، انخفضت شحنات الخام إلى تركيا من شمال العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، بعدما سيطرت القوات العراقية على مدينة كركوك في الأسبوع الماضي بعد استفتاء أجراه إقليم كردستان على الاستقلال عن العراق.

الأكثر قراءة