Author

أين تقع السعودية في منظومات البحث العلمي؟

|

تحتل المملكة المرتبة الـ32 على مستوى العالم في البحث العلمي بحسب منظومة SJR التي تعنى بالترتيب الدولي للعلوم في عام 2016، وهذا ترتيب يدعو للأمل حول الإمكانات التي يمكن أن تصل إليها المملكة مستقبلا.
سبقت المملكة الدول العربية لعام 2016 بينما تقع تركيا في المرتبة الـ17 وإيران في المرتبة الـ16 والهند في المرتبة الخامسة، وتحتل الولايات المتحدة المركز الأول بطبيعة الحال.
يأتي هذا الترتيب مع عوائق كثيرة أبرزها التالي: عدم تعميم ودعم واستثمار شركات التعليم في قواعد البيانات وكواشف السرقة العلمية، وبرامج التوثيق، ومواقع التواصل للباحثين، وإشكالية اللغة العربية العابرة لكل ما سبق.
يلوح في الأفق عدد من المبادرات والمشاريع من جهات مختلفة وينبغي الأخذ في الحسبان التالي:
منظومات اللغة المختصة، من قواميس مختصة بكل المجالات العلمية لاسيما اللغة الإنجليزية، تساعد الباحث على النشر باللغة الإنجليزية المختصة وتوفر بشكل مجاني لكل باحث عربي برامج الكتابة التي يجب توفيرها للجامعات بنسخها الأصلية، برامج إدارة التوثيق، الدعم الفني في مواقع البحث العلمي وهي على سبيل المثال:google scholar – academia.edu – research gate – orcid -، وغيرها من المواقع التي تضمن للباحثين التواصل والاتصال مع بعضهم بعضا علاوة على رفع الأبحاث العلمية.
تبقى هناك إشكالية عالقة، تتطلب جهودا حكومية وتكاتفا من القطاع الخاص بالضغط على تلك الشركات، لإدخال اللغة العربية في التقنيات الخاصة باحتساب معاملات التأثير وعدد الاقتباسات، ودون ذلك ستبقى الأبحاث باللغة العربية حبيسة نطاق ضيق، وهذه دعوة لكل شركات القطاع الخاص والجهات الوطنية للتواصل مع تلك الشركات أعلاه لاعتماد اللغة العربية ضمن تقنياتها والذكاء الإلكتروني حتى نستطيع أن ننافس العالم بما ننتجه من أبحاث سواء باللغة العربية أو الإنجليزية أو غيرها.
تعتبر الأمانة كذلك من القيم الإسلامية الحميدة، وترجمة ذلك في البحث العلمي تتأتى من احترام حقوق الملكية الفكرية وحقوق المؤلف، ولن يتم ذلك إلا بجهد القطاع الخاص عبر الاستثمار في برامج تكون مجانية تقوم بكشف السرقات من الإنترنت، وبعد ذلك تتطور تلك البرامج حتى تقوم بالكشف على كل قواعد البيانات العلمية والمختصة منعا للسرقة ويتم تطبيقها في المدارس المتوسطة فأعلى، ومن هنا يتم تعزيز مبدأ الرقابة والأمانة في البحث العلمي.
تجدر الإشارة أيضا إلى طرق التوثيق في الأبحاث في المملكة وفي العالم العربي، وعلى الرغم من أن خيارات توحيد طرق التوثيق قد لا تكون محببة، إلا أن طبيعة الأسماء في اللغة العربية لاسيما الألقاب، تجعل من الصعوبة اعتماد تلك الاقتباسات التي تكتفي بلقب العائلة في متن البحث، ويفضل أن تعتمد الدراسات على كتابة كامل المرجع وكامل الاسم وبقية معلومات التوثيق في هوامش أسفل الصفحة، وأيضا التعاون مع الشركات الكبرى مثل endnote –mendeley – zotero- refworks وغيرها من البرامج وبعض تلك البرامج أيضا تحتاج إلى عملية التواصل نفسها والضغط لاعتماد الواجهات العربية في واجهاتها.
يرفع تصنيف المجلات العلمية المحكمة في العالم العربي وقياس تأثيرها واقتباساتها كذلك من جودة البحث في العالم العربي، وسيضيف ذلك إلى التنافس العربي في مجال البحث العلمي وإدارته في العالم العربي ولذا يجب دعم الاستثمار في تلك البرامج والقواعد العربية ورفع قيمتها والعمل على تعميمها على المدارس حتى يتمكن طلاب المدارس من الإبحار في المحتوى المتخصص. والسؤال الذي نختم به: إلى أين تتجه العلوم والبحث العلمي؟
يتشكل العلم وتتجه أبحاث العالم إلى التخصصات التالية على سبيل الذكر لا الحصر: الفيزياء الفلكية، دراسات الشخصية وعلم النفس الاجتماعي، دراسات معاملات الأنماط والذكاء الصناعي، الطب والخلايا العصبية، الإدارة والتمويل، المواد الحيوية، البحوث الجيوفيزيائية، الطبيعة والكيمياء، علم الأورام السريري.
إن البحث العلمي قوة للدولة وداعم لاقتصادها عبر الاختراع لاسيما الأبحاث التطبيقية والهندسية والصناعية، وربط تلك التخصصات والباحثين بمنظومات قانونية وتقنية تساعدهم على التنافس العالمي، وإكمال ذلك بقطاع خاص قوي يستثمر في المحتوى والأدوات المساعدة، ودعم مالي لكل باحث ومختص عبر لوائح وطنية ترعى البحث العلمي بشكل مؤسساتي، علاوة على وضع استراتيجيات ومؤشرات أداء تدعم ذلك، يمكن للمملكة أن تصل إلى المراتب العشر الأولى -بإذن الله- مع عام 2030 إذا ما تم اعتماد استراتيجية وطنية تدعم البحث العلمي والباحثين.

إنشرها