التفكيك محتمل .. «كريدي سويس» يعلق برادار النشطاء
عادةً ما يستهدف النشطاء الشركات وهي في أدنى مستوياتها. لكن الأمر ليس كذلك في "كريدي سويس"، حيث يشن صندوق تحوط مجاور حملة لتفكيك المؤسسة السويسرية العريقة.
الخطوة التي تقدم بها "آر بي آر كابيتال أدفايزرز"، الذي يتلقى المشورة من جايل دي بواسار، الرئيس المشترك السابق للمصرف الاستثماري في "كريدي سويس"، تأتي بعد أشهر فقط من احتفال المحللين بلحظة "فاصلة" في التحوّل الجذري المتعثر في المصرف السويسري تحت قيادة الرئيس التنفيذي، تجاني ثيام.
بعد إعادة التركيز على إدارة الثروات والنمو الآسيوي والحد من مصرفه الاستثماري، زادت أرباح "كريدي سويس" أكثر من الضعف في الربع الثاني، مقارنة بالفترة نفسها عام 2016. والمصرف في سبيله إلى بيع الأصول غير الأساسية بشكل أسرع مما وعد به، والإيرادات تنمو على الرغم من عامين من تخفيض التكاليف.
لكن حقيقة أن "كريدي سويس" يبدو أنه يتحسن ليست كافية لعزله عن "آر بي آر"، الذي أسسه المحلل والمتداول السابق، رودولف بوهلي، الذي يملك أقل من 0.5 في المائة من "كريدي سويس".
يقول محللون "إن لا مركزية السلطة التي ينتهجها ثيام في أقسام "كريدي سويس" الرئيسية تجعل من السهل فصل المصرف، إذا تحمس المستثمرون لفكرة "آر بي آر" التي تدعو إلى تقسيمه إلى مصرف استثماري يكون مقره في نيويورك، وشركة لإدارة أصول، ومصرف تجزئة وإدارة ثروات.
من الناحية المالية ربحية المصرف آخذة في التحسن، إلا أن موقفه لا يزال لا يُحسد عليه. العائد على الأسهم خلال الأشهر الستة المنتهية في حزيران (يونيو) بلغ 4.4 في المائة، بينما بلغت تكلفة حقوق الملكية في المصرف، الحد الأدنى من العائد لتعويض المساهمين عن المخاطر، نحو 10 في المائة.
وسجلت التكاليف في النصف الأول من عام 2017 انخفاضا يقارب 10 في المائة عما ورثه ثيام في النصف الأول من عام 2015 - لكن إيرادات المصرف انخفضت بسرعة أكثر من الضعف خلال الفترة نفسها. وسعر سهمه يبلغ نحو نصف مستواه في تموز (يوليو) 2015.
كذلك تلقت قيادة المصرف بعض الضربات، أبرزها عندما أُجبر مجلس إدارته على تراجع محرج بعد قرار بدفع مكافآت كبيرة للإدارة العُليا، على الرغم من أن الحد الأدنى من الأرباح في عام 2016 واجه ردود فعل عنيفة من المساهمين والسياسيين.
في ضوء هذه الخلفية ليس من الصعب أن نرى كيف ستجذب خطة "آر بي آر" الجذرية المستثمرين الـ 100 أو أكثر الذين وقع معهم صندوق التحوط اتفاقيات عدم الكشف عما تم الاتفاق عليه.
لكن بعضا من أتباع "كريدي سويس" الأقرب لا يتفقون مع تقييم "آر بي آر" ويعتقدون أن الحملة ستفشل في تحفيز المستثمرين قبل يوم الاستراتيجية التالي للمصرف في 30 من تشرين الثاني (نوفمبر).
أندرو كومبس، المحلل في "سيتي"، أخبر العملاء بأن فريقه "يُشكك في منطق آر بي آر" لأن هناك "تعاونا واضحا" بين إدارة الثروات والمصرف الاستثماري في "كريدي سويس".
وهذا التعاون، حيث عملاء المصارف الخاصة الأثرياء يستخدمون المصرف الاستثماري لاحتياجاتهم التجارية، هو جزء لا يتجزأ من استراتيجية ثيام، خاصة في آسيا.
ديفيد هيرو، الذي يُشرف على حصة "هاريس أسوشيتس" البالغة 9 في المائة في المصرف، يقول "إن تقييم "آر بي آر" للمصرف الاستثماري التابع لـ "كريدي سويس" في نيويورك كان هشاً جداً لأنه يفترض أن العلامة التجارية المنتعشة "فيرست بوسطن" ستُقيّم على غرار مصارف وول ستريت، مثل جولدمان ساكس أو مورجان ستانلي".
بشكل عام، يعتقد هيرو أن ثيام ينبغي أن يلتزم بمساره الحالي "بالطبع، كانت هناك بعض المطبات، لكن الاستراتيجية صحيحة".
فيليبو ألواتي، الذي يحتفظ بسندات "كريدي سويس" بالنيابة عن شركة هيرمس لإدارة الاستثمار، يرى أن العبء التنظيمي الكبير على المصارف "يتعارض مع مصرف استثماري مستقل قابل للاستمرار اقتصادياً".
يقول "الرئيس التنفيذي الجديد وجد نفسه أمام بداية متعثرة جداً. لكن بعد هذه البداية المتعثرة، حصل "كريدي سويس" على بضعة أرباع جيدة (...) نحن بحاجة إلى معرفة ما إذا كان سيتم الحفاظ على هذا الزخم".
وبحسب كومبس، لا ينبغي الحُكم على "كريدي سويس" مقابل العوائد الضعيفة التي أظهرها حتى الآن هذا العام. ويُضيف "أعتقد أن ما سنراه هو زيادة (أرباح) ملحوظة في عام 2018، كثير منها يتعلق بالعوامل المعوقة غير الأساسية التي تتلاشى". ويتوقع أن يرتفع العائد على حقوق الملكية من 5.5 في المائة في عام 2017 إلى 9.5 في المائة في عام 2018 و11 في المائة في عام 2019.
ويُصبح المحللون بشكل عام أكثر إيجابية بشأن المصرف. فهم يتوقعون أن ترتفع أرباحه في الربع الثالث 35 في المائة بالمعدل السنوي، وذلك وفقاً لتوقعات وضعها المصرف. وكانت أهداف السعر المتوسط للمحللين ترتفع بثبات في الأشهر الأخيرة: من 15 فرنكا سويسريا في 17 تموز (يوليو) إلى 16.45 فرنك سويسري الآن، وذلك وفقاً لبيانات من وكالة رويترز.
يقول كينر لاكاني، المحلل في "دويتشه بانك"، "الربع الثاني كان لحظة فاصلة وأعتقد أن الربع الثالث ينبغي أن يشهد تأكيداً على ذلك"، مُضيفاً أن "مجموعة أخرى من النتائج القوية يُمكن أن تعني أن المستثمرين الذين تخلّوا عن المصرف قد يكونون بحاجة إلى الانتباه".
بصورة عامة، نشاط المساهمين ضد المصارف ليس شائعاً كما هي الحال في الصناعات الأخرى، ويعود ذلك جزئياً إلى حجم كثير من المصارف الكبرى، وإلى عدم الشفافية في هيكلها وإيراداتها، وبسبب الكم الهائل من التنظيمات التي تحكم الصناعة.
في الحالات التي كانت علنية، النتائج كانت متباينة. في اثنتين من أقدم حملات النشطاء في أوروبا، "نايت فينك" الذي يوجد مقره في موناكو استهدف كلا من "يو بي إس" و"إتش إس بي سي"، وهما اثنان من أكبر المصارف في القارة. لكن الصندوق تعرض إلى انتقاد علني من قِبل "يو بي إس" في عام 2013 بعد أن ضغط على المصرف السويسري لبيع فرع الخدمات المصرفية الاستثمارية التابع له، ومن قِبل "إتش إس بي سي" قبل عقد تقريباً، بعد أن حث الصندوق المصرف البريطاني على إجراء مراجعة استراتيجية لأعماله.
وفي كلا المصرفين ارتفعت الأسهم في الوقت الذي كان "نايت فينك" يستثمر فيهما. وعلى الرغم من عدم وجود تأثير، لا يزال يُقال إن الصندوق يدعي أنه حقق انتصاراً صغيراً.
"سيفيان كابيتال"، واحد من أكبر الصناديق الناشطة الأوروبية، حقق نجاحاً أكثر مع "دانسك"، المصرف الدنماركي الذي خرج من الشركات ذات الأداء الضعيف بناءً على طلب الصندوق. أخذ الصندوق حصة أول مرة في عام 2011 وبدأ يخرج منها العام الماضي. لارس فوربيرج، الشريك المنتدب في "سيفيان"، انضم إلى مجلس إدارة المصرف في عام 2013 وبقي فيه ثلاث سنوات.
"ثيرد بُوينت"، صندوق تحوط يديره الناشط الأمريكي، دان لويب، لديه في الوقت الحاضر حصة في "يوني كريديت"، لكن الصندوق لم يتقدم حتى الآن بأي مطالب علنية للمصرف الإيطالي.
على الجانب الآخر من الأطلسي، اشترى صندوق فاليو آكت، ومقره في سان فرانسيسكو، حصة بلغت قيمتها 1.1 مليار دولار في "مورجان ستانلي" في آب (أغسطس) 2016. وطلب الصندوق من المصرف استثمار مزيد من الوقت والموارد في توسيع بعض الأقسام، بما في ذلك ذراعه المختصة بإدارة الثروات، وقسمه الاستشاري.
بعد أن ارتفعت أسهم "مورجان ستانلي"، باع الصندوق نصف حصته تقريبا.