FINANCIAL TIMES

لعبة مالية جديدة في فناء المصارف الخلفي

لعبة مالية جديدة في فناء المصارف الخلفي

عيون المستثمرين الآن مركزة على المصارف الأمريكية الجبارة. لا عجب في ذلك. ستكشف مجموعات وول ستريت عن نتائجها المالية للربع الثاني. وهذه يمكن أن تقدم إشارات مفيدة عن حالة الاقتصاد الأمريكي، وما إذا كانت قرارات دونالد ترمب الخاصة بتحرير القوانين التنظيمية والتعهدات بتخفيض الضرائب لا تزال تطلق العنان لمشاعر الثقة.
لكن في الوقت الذي يشاهد فيه المستثمرون والأجهزة التنظيمية أسماء مثل جيه بي مورجان وسيتي جروب، يجدر بهم أيضا مراقبة العالم المجهول للمؤسسات غير المصرفية، ذلك أن أحد الأسرار الصغيرة عن التمويل اليوم هو أن القطاع المصرفي ليس اللعبة المثيرة للاهتمام حقا في الساحة. بدلا من ذلك، فإن النمو الحقيقي للائتمان - والابتكار - يحدث الآن في عالم رأس االمال الخاص.
لفهم هذا، لنلقِ نظرة على HPS، مجموعة الاستثمار التي تقدر قيمتها بـ 39 مليار دولار، التي كانت جزءا من مجموعة هايبريدج، المملوكة سابقا لـ "جيه بي مورجان لإدارة الأصول". جذور هذا الكيان كانت توصف بأنها "صندوق تحوط" لأنه كان يكسب المال عن طريق الاستثمار في الأسواق.
لكن HPS تحولت. في الأسبوع الماضي أعلنت هذه المجموعة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، أنها جمعت 6.5 مليار دولار لتقديم قروض للشركات، معظمها من الشركات الخطرة والصغيرة. ويموَّل هذا "القرض المتخصص" أو "الدين الخاص" بمبلغ 4.5 مليار دولار من استثمارات الأسهم من شركاء محدودين، مثل صناديق المعاشات التقاعدية وصناديق الثروة السيادية. لكن لدى صندوق HPS أيضا مليارا دولار من الديون من مجموعة من المصارف، مثل المصارف التي تعلن عن أرباحها هذه الأيام.
ما يعنيه هذا أساسا هو أن المصارف الكبيرة في وول ستريت ستقرض المال إلى HPS، التي تقدم بدورها القروض إلى الشركات. قبل أزمة الائتمان عام 2008 كان من المتوقع أن تقدم المصارف ببساطة تلك القروض بنفسها.
وهذا يقلب فكرة الشخص العادي عن كيفية عمل المصرف. لكن بالنسبة إلى الممولين هذا هو المعيار الطبيعي الجديد. يبدو أن صندوق HPS هو الأكبر حتى الآن - على الرغم من صعوبة معرفة هذا على وجه التحديد، لأن السوق "الخاصة" غير شفافة. لكن يوجد لدى HPS صناديق أخرى أصغر. كذلك تفعل معظم الشركات الكبيرة الأخرى في قطاع الأسهم الخاصة وصناديق التحوط، مع إقدام مجموعات مثل "أبولو" و"بلوباي" أيضا على إنشاء أدوات ضخمة بمليارات الدولارات. تعتقد المؤسسات الاستشارية مثل "بريكين" أن إجمالي سوق الديون الخاصة يبلغ منذ الآن 600 مليار دولار، وتتوقع الصناعة أن يصل هذا إلى تريليون دولار في عام 2020، مع افتراض أن يستمر نموه النشط.
هل هذا صحي؟ يصر أهل المال على أنه كذلك. ويجادلون بأن هذه الأموال لا توجد إلا لأن هناك حاجة ملموسة إليها: شركات السوق المتوسطة تحتاج إلى المال، والمصارف مترددة في تقديمه، لأن القوانين التنظيمية التي أدخلت بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 تجعل من المكلف جدا بالنسبة إليها أن تقرض عملاء صغارا محفوفين بالمخاطر.
بالتالي يجادل المبشرون بهذا النوع من التمويل بضرورة الإشادة بسوق الديون الخاصة باعتبارها علامة على الإبداع في مجال ريادة المشاريع - وقوة دافعة للنمو الاقتصادي. ويعتبرون الإقراض الخاص أقل تهديدا لسلامة النظام المالي، لأن المصارف تتقاسم مخاطر الائتمان مع بعضها بعضا، ويتحمل الشركاء المحدودون أول ضربة إذا تحولت القروض إلى حالة من الفشل. وبما أن حقوق الملكية في هذه الصناديق محصورة عموما في مدة تراوح بين خمس وسبع سنوات، فلا ينبغي أن يكون هناك أي هرب لرأس المال إذا اختل وضع القروض.
وهذه نقاط عادلة تماما. لكن مع تزايد حجم هذه الصناديق، يصعب التخلص من إحساس بأننا "كنا هنا من قبل"، خاصة بالنظر إلى تحذير صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي من فقاعات الائتمان. لاحظ أن ما تفعله هذه الصناديق أساسا هو أنها تحصد الأرباح من المراجحة التنظيمية. فهي عادة ما تحقق عائدات بأرقام منخفضة من خانتين، لأنها - على عكس المصارف - يمكنها تقديم قروض دون متطلبات رأس المال المرهقة أو التدقيق التنظيمي. وفي الوقت نفسه، تحقق المصارف عوائد من مالها الخاص عن طريق "الإقراض" - لكن من خلال شخص آخر.
لحسن الحظ، على عكس عام 2007، هذه اللعبة الغريبة لا تشكل حقا أي خطر على سلامة النظام المالي، أو لم تفعل حتى الآن. وفيما يتعلق بالنظام المالي العالمي، فإن 600 مليار دولار تعد مبلغا صغيرا نسبيا. والطبيعة الطويلة الأجل للتمويل تعني أنه ينبغي أن يكون أكثر مرونة من ابتكارات سوق الائتمان التي شهدها العقد الماضي.
مع ذلك، إذا لم يكن هناك أي شيء آخر، فإن الحكاية هي مثال قوي على الطريقة التي يمكن أن يؤدي بها التنظيم الأخرق والسياسة النقدية الفضفاضة إلى بعض النتائج الغريبة، غير المقصودة، وعلامة على مدى الابتكار الذي يمكن أن تتفتق عنه عقول أصحاب المال، في الوقت الذي يطاردون فيه العائدات في عالم تسيطر عليه أسعار الفائدة المنخفضة. وينبغي أن يوفر هذا علامة تحذير أوسع أيضا: إذا كنت ترغب في تتبع ما يحدث حقا في الائتمان اليوم، في نظام مالي يسبح في بحر من النقدية، لا تجعل نظرك يقتصر على المؤسسات الرئيسية. يجب على الأجهزة التنظيمية والمستثمرين على حد سواء تعلم الدروس من عام 2008، والنظر فيما يحدث في ظلام عالم مصرفية "الظل"، سواء كان ذلك في الصين وأمريكا أو في أي مكان آخر. أصبح الطفل المالي الغريب لـ "جيه بي مورجان" - أو الحفيد - أكثر إثارة للاهتمام من "جيه بي مورجان".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES