أخبار اقتصادية- عالمية

الاقتصاد الإيراني يدخل مرحلة حرجة بعد العقوبات الأمريكية

 الاقتصاد الإيراني يدخل مرحلة حرجة بعد العقوبات الأمريكية

شكك محللون لـ "الاقتصادية" في قدرة الاقتصاد الإيراني على الصمود أمام التلويح بعقوبات جديدة من قبل الإدارة الأمريكية، مؤكدين أن تلك العقوبات ستكون لها انعكاسات سلبية على أداء كثير من القطاعات وأبرزها الاستثمار والنفط والمصارف.
وأوضحوا أن إعادة فرض عقوبات أمريكية جديدة على إيران، سيجعل كثيرا من الشركات العالمية التي كانت مندفعة نحو الاستثمار في طهران تراجع توجهاتها للاستثمار في السوق الإيرانية.
وقال عبدالله البراك، المحلل الاقتصادي، إن أي عقوبات تفرضها أي دولة على دولة سيكون لها بطبيعة الحال انعكاس سلبي على الاقتصاد ، فما بالك لو كانت عقوبات أمريكية تجاه الاقتصاد الإيراني، مشيرا إلى أن مجرد التلويح بالعقوبات يعني أن الاقتصاد الإيراني سيدخل مرحلة حرجة من الصعب تجاوزها.
وأضاف البراك، أن إعادة العقوبات المالية التي كانت مفروضة على القطاع المالي في إيران مثلا، سيؤثر سلبا في مستوى التحويلات والمعاملات المالية للقطاع، وسيؤدي إلى ضعف كبير في نمو الاقتصاد وزيادة نسب التضخم، فضلا عن الهبوط الكبير في قيمة العملة الايرانية.
ولفت البراك إلى أن أي تعاملات تجارية في العالم لابد أن تمر عبر السياسة المالية الأمريكية، وهذا يدل على أن الجانب الأمريكي موجود بقوة في أي تعاملات مالية وتجارية ليس لإيران فقط وإنما جميع دول العالم، باعتبار أن الولايات المتحدة تعد أكبر اقتصاد في العالم، خاصة أن أغلب دول العالم تتعامل ماليا وتجاريا عن طريق الأنظمة الأمريكية.
وأشار البراك إلى أن إيران تدرك ذلك، ويتضح ذلك جليا عندما قال مسؤولون إيرانيون :" إن عدم وجود الجانب الأمريكي في الاتفاق النووي يعتبر هذا الاتفاق غير مجد، وإن وجود بقية الدول في الاتفاق ليس لها قيمة سواء كانت الصين أو روسيا"، مضيفا أنه يجب إدراك أن الاقتصاد العالمي تقوده أمريكا بغض النظر عن وجود الصين والاتحاد الأوروبي، فحتى بكين يقوم اقتصادها على الاقتصاد الأمريكي، لافتا إلى أن أغلب استثمارات واحتياطيات الصين الآن في أمريكا.
وأكد البراك أن الأنظمة المصرفية والمالية والبرمجيات التقنية والإنترنت وقطاع الملاحة في العالم قائمة على الولايات المتحدة، وبالتالي فإن كل المعاملات التجارية لابد أن تمر بالأنظمة الأمريكية في جميع المجالات، وبمجرد تشديد العقوبات الأمريكية على طهران فإن الاقتصاد الإيراني سيدخل مرحلة الاحتضار.
ويرى البراك، أن إيران استفادت من فترة رفع العقوبات بعد الاتفاق النووي وسعت لاستقطاب استثمارات أجنبية، والآن بعد إعادة فرض هذه العقوبات وتشديدها سيصبح الاقتصاد الايراني في وضع حرج للغاية، كما أن ثقة المستثمرين الأجانب بالاقتصاد الإيراني ستهتز مجددا بعد فرض العقوبات الأمريكية، خاصة أن هؤلاء المستثمرين كان يعولون كثيرا على الاستفادة من السوق الإيرانية التي يوجد فيها أكثر من 90 مليون نسمة.
وأوضح البراك أن عودة العقوبات الأمريكية ستجعل الشركات الأجنبية رافضة للاستثمار في إيران أو بقاء استثماراتها فيها لفترة أطول، مشيرا إلى أن التلويح فقط بعقوبات يزعزع ثقة المستثمرين بالاقتصاد الإيراني.
وأضاف البراك أن طهران وعدد من دول العالم لم تستوعب بعد قوة أمريكا الاقتصادية والعسكرية، فمثلا أوروبا تحتاج إلى أكثر من 20 سنة من الأبحاث والتطور للوصول لمستوى التسلح الأمريكي، لافتا إلى أن الاقتصاد السعودي برغم أنه يعتبر أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي ولديه علاقات اقتصادية راسخة مع الولايات المتحدة إلا أنه لا يشكل سوى 2 في المائة من الاقتصاد الأمريكي، فمابالك بإيران التى يعاني اقتصادها ضعفا وتدهورا كبيرا منذ سنوات، وفي نفس الوقت يواجه عقوبات أمريكية جديدة خاصة تلك العقوبات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.
بدوره، أكد الدكتور خالد البنعلي أستاذ المالية والاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أن العقوبات الأمريكية الأخيرة على إيران ستعطل اندفاعة الشركات العالمية وخاصة الأوروبية الراغبة في ضخ استثمارات ضخمة في السوق الإيرانية، في ظل توقعات بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية الأخرى على طهران على المدى القريب.
وأشار البنعلي، إلى الانعكاسات القوية للعقوبات الأمريكية على قطاعات النفط والمال والأعمال والتقنية في إيران، حيث من المؤكد أن تؤثر في أعمال الحفر والتكرير في القطاع النفطي والتعاملات المالية بين القطاع المصرفي الإيراني ونظرائه من دول العالم. وذكر البنعلي أن هذه القطاعات محور أساسي للاقتصاد الإيراني، الذي بالضرورة سيكون تحت ضغوطات كبيرة من الصعب تجاوزها، ولا سيما أن إيران عملت بعد الاتفاق النووي على التهرب من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، ولكن الآن هذه العقوبات ستكون أكثر تشددا ومراقبة من قبل الإدارة الأمريكية.
من جهته، أوضح الدكتور فهمي صبحة، المحلل المالي، أن العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني تشمل مجموعة متنوعة من الأهداف المتعلقة بالاقتصاد الإيراني محليا ًوخارجياً حيث تستهدف قطاعات وكيانات مختلفة ومحددة ومنها عقوبات مالية ومصرفية وتجارية وعقوبات على صادرات النفط إضافة إلى منظومة متنوعة من العقوبات ذات العلاقة بتجميد الأصول والممتلكات وحظر السفر.
وأشار صبحة، إلى أن تلك العقوبات ستكون لها تأثيرات سلبية واضحة المعالم والأبعاد في الاقتصاد الإيراني، متوقعا أن تؤدي في النهاية إلى خلل هيكلي ملموس، لأن الاقتصاد الإيراني يعتمد في إيراداته على القطاع النفطي، لافتا إلى أن الهدف من تعزيز العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني هو دفع طهران للتخلي عن برنامجها النووي ووقف تدخلها في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي ودول المنطقة.
من جانبه، أكد الدكتور عبدالله العثمومي، المحلل الاقتصادي الإماراتي، أنه في حال اتخذت أمريكا عقوبات جديدة ضد إيران فسيكون لها أثر سلبي في الاقتصاد الإيراني، ولكن العالم ينتظر في الوقت الحالي معرفة هذه العقوبات حتى يمكن توضيح النتائج وأثرها الفعلي في الاقتصاد الإيراني.
وأضاف العثمومي، أن العقوبات التي يتم الحديث عنها حاليا تتعلق بالجوانب السياسية، ولكن في حال شملت العقوبات البنك المركزي الإيراني فإن ذلك بالتأكيد ستكون له تداعيات على الاقتصاد، وكذلك الحال إذا تضمنت العقوبات مقاطعة تجارية لإيران، مبينا أن أي قرار تتخذه واشنطن ضد طهران ستكون له تداعيات سلبية في الاقتصاد الإيراني.
إلى ذلك، أوردت وكالة "رويترز" للأنباء، أن كثيرا من الإيرانيين يشعرون بالقلق من تفاقم المصاعب الاقتصادية حالة انهيار الاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية، في أعقاب تلميح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالانسحاب من الاتفاق في أى وقت.
وضاق كثير من الإيرانيين ذرعا بالمحنة الاقتصادية التي تعرضوا لها خلال سنوات العقوبات الصارمة التي فرضت على البلاد بسبب برنامجها النووي، وتشير الإحصاءات الرسمية الإيرانية إلى أن 15 في المائة من القوة العاملة في البلاد عاطلة عن العمل، وكثيرون ممن يعملون في وظائف رسمية يحصلون على مبالغ زهيدة وهو ما يعني أن العدد الفعلي للأشخاص الذين يفتقرون إلى العمل المناسب لكفالة أنفسهم أعلى بكثير على الأرجح.
وسيؤدي ضعف الاستثمار الأجنبي في حالة فرض مزيد من العقوبات إلى تعميق أزمة البطالة، وترفض محال الصرافة حاليا بيع الدولار الأمريكي بسبب غموض الموقف بعد تراجع الريال في الأيام الأخيرة.
ويخشى الإيرانيون من أن تؤدي عقوبات جديدة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بما في ذلك الأرز والخبز ومنتجات الألبان، وقال مدرس يدعى غلام علي (43 عاما) في طهران: "أخشى من تراجع الاقتصاد إلى ما كان عليه فترة العقوبات عندما واجهنا صعوبات في الحصول على المواد الغذائية الأساسية وحتى الدواء. أرغب في أن يعيش ابني حياة جيدة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية