أخبار

بدعوى تنظيم المونديال.. قطر تنعش العبودية في القرن الـ 21

بدعوى تنظيم المونديال.. قطر تنعش العبودية في القرن الـ 21

بدعوى تنظيم المونديال.. قطر تنعش العبودية في القرن الـ 21

بدعوى تنظيم المونديال.. قطر تنعش العبودية في القرن الـ 21

كشفت فيلم وثائقي جديد عن فظاعات كبيرة تحيط بملف تنظيم قطر لكأس العالم 2022 حيث أظهرت شهادات عمال بناء كيف أنعشت الدوحة العبودية الجديدة في أبشع صورها وصعدت على أكتاف البسطاء من أجل تلميع صورتها البائسة للعالم.

ويساعد فيلم "سوبيل" الوثائقي على التعرف على حياة هؤلاء العمال الذين يقطن معظمهم في مواقع متهالكة في موقع معسكر أم صلال الذي يحتضن ما يزيد عن 7000 عامل من الهند وبنغلاديش والفلبين ونيبال وأفريقيا، والذين يعتبرون العمال الأكثر فقراً في العالم في البلد الأغنى في العالم. ناهيك عن تلك المصاعب التي لا حصر لها والتي يُجبر هؤلاء العمال على تكبد عناء القيام بها يومياً والتي قد تم توثيقها بشكل كامل، خصوصاً حينما يهمّون بالتوجه إلى عملهم المنهك للغاية والقاتل في غالب الأحيان لبناء البنية التحتية التي تحتاجها قطر لتنظيم كأس العالم 2022. إنهم يعملون لساعات طويلة في ظروف خطرة، وأجواء حارة، وبيئة غابرة مقابل أجرٍ مادي لا يزيد عن 200 دولار في الشهر.

وجاء تقرير صدر مؤخراً عن هيومن رايتس ووتش بتقديراتٍ مفادها أنه في خضم نزعة هذه الدولة العربية وتحضيراتها لهذه المنافسة الكروية التي منحها اتحاد الفيفا بشكلٍ مثير للجدل في عام 2010، تشكل القوة العاملة الأجنبية ما يقرب من مليوني شخص يمثلون تقريباً 95% من القوة العاملة ككل في تلك البلاد. ويتولى هؤلاء العمال الأجانب مهمة تشييد ثمانية ملاعب كرة قدم وفنادق ضخمة وطرق وجميع ما هو مطلوب للتعامل مع مثل جحافل الحشود الضخمة العالمية هذه، ولن يكون بالإمكان التجهيز لكأس العالم إلا من خلال الانتهاكات الممنهجة وعمليات استغلال هؤلاء العمال - الذكور في الغالب.

وفي الوقت الذي ترفض فيه البلاد الافصاح عن المعلومات المتعلقة بعدد الوفيات بين العمال، تقدر هيومن رايتس ووتش عدد حالات الوفاة غير المفسّرة للعمالة الوافدة بألفين حالة منذ إعلان سيب بلاتر عن حصول قطر على حق استضافة كأس العالم. وقال نيك ماغيهان، وهو مؤلف التقرير، في مقابلة أجريت معه مؤخرًا: "أصدر الفيفا بيانًا حول النتائج التي توصلنا إليها". قبل أن يضيف معلقًا على البيان: "لم يكن هناك أي تعبير عن القلق من الحقائق التي توصلنا إليها، كما لم يكن هناك أي تعبير عن القلق حيال الوفيات، وكانت لهجة البيان غاضبة بسبب تقديمنا لمعلومات تتعارض مع سرد الأحداث الذي كان سيرضيهم".

ويساعد فيلم "سوبيل" الوثائقي على إعطاء صبغة إنسانية لهذا البؤس، فقد تمكن سوبيل من خلال السماح له بالدخول إلى ما وراء الكواليس من تقديمنا للاعبين الذين يمثلون الشركة العالمية للبناء في كأس العمال لعام 2014م، الذي نظمته اللجنة القطرية العليا للمشاريع والإرث.

وفي بداية الفيلم الوثائقي يبدوفريق كرة قدم ولكن تغشى وجوه لاعبيه علامات الملل والكلل على الدوام. إنهم مجموعة من اللاعبين التعيسين الذين عادة ما يتأملون في مسألة عدم جدوى ما يفعلونه، وهم ليسوا سوى لاعبين يملكون آمالاً كبيرة يحيط بها كابوس خيبة الأمل من أن يخرجوا من تلك المنافسات الكروية بركلات الترجيح. هنالك العديد من أوجه التشابه التي يمكن الإشارة إليها بين فريق الهواة من عمال منشآت كأس العالم وبين لاعبي الزمن الجميل الانجليزيين في الماضي، ولكن من بين كافة أوجه التشابه بين هؤلاء اللاعبين المتحمسين ونظرائهم من اللاعبين المحترفين، قد يكون من الصعب للغاية ترحيل عبيد الزمن الحالي الموجودين في الفيلم الوثائقي الذي أعده آدم سوبل عن بطولة كرة القدم السنوية المقامة للعمال الأجانب في مخيمات العمال المهاجرين القطرية. 

ويعد الفيلم متلائما بطبيعة الحال مع نوعية سرد الأحداث الذي تقبله الفيفا. ويُذكر إن من شأن المشاركة في البطولة زيادة فرص شركات البناء الأربعة والعشرين في تأمين مناقصات كأس العالم، في وقتٍ أصبح فيه استقدام العمالة من الخارج في تجارة الرقيق بالعصر الحديث أسهل قليلا عندما يمكنك تجربة الشباب اليائسين وتوثيق المجموعات التي سيتم اختيارها مستقبلًا بالصور الفوتوغرافية وهم يلعبون كرة القدم أمام الحشود المتحمسة فيما يبدو وكأنه وقت جيد للجميع. ويشهد البرنامج تنظيم مباراة لكرة القدم بين فريق من العمال الذين تغشى وجوه لاعبيه علامات الملل والكلل على الدوام.

ويقول أحد المنظمين: "هذه البطولة توضح مدى تقديرنا للمسؤولية الاجتماعية للشركات".

وعلى الرغم من أن اللاعبين المشاركين يعرفون جيدًا أنهم مُستخدمون إلا أنهم مستمرون باللعب على أي حال لما لذلك من أثر في التخفيف من وطأة حياتهم المنعزلة واليائسة.

لقد التقينا بكينيث، الغاني، أحد اللاعبين القلائل اللائقين في فريق الشركة العالمية للبناء، والذي أكد له وكيل أعماله أنه سيذهب إلى قطر للانضمام إلى فريق كرة قدم محترف قبل أن يُخدع ويتم تحويله للعمل في البناء، حيث يأمل الشاب الموهوم البالغ من العمر 21 عامًا في لفت انتباه أحد كشافي المواهب خلال بطولة كأس العمال. وفي نفس العمر، يعيش بول القادم من كينيا حالة من العزلة التامة، إذ أنه محصور في موقع البناء وسكن العمال لمدة سبعة أيام في الأسبوع، كما أنه يحلم باللقاء بجميع النساء اللاتي لم يلتقي بهن على الاطلاق – ناهيك عن اغرائهن – في الوقت الذي يتحدث فيه عن تجربته في هذا المكان الذي أشبه ما يكون بسجن مع عدة آلاف من الرجال. ويعمل أوميش – القادم من الهند والمحب لفريق مانشستر يونايتد – في قطر من أجل الحصول على ثمن منزله، وسيبقى منفصلًا عن زوجته وطفلية – روني وروبن – إلى أن يتسنى له تحقيق ذلك. في حين لم يسمح الكبرياء لحارس المرمى الموهوب سامويل الذي سبق له اللعب في الدوري الغاني الممتاز والذي لم يكن باستطاعته توفير قوت يومه من إخبار والده أنه يعمل في مجال البناء، إذ قال له بأنه ذاهب لقطر من أجل لعب كرة القدم المحترفة.

بينما يقضي بادام – القادم من نيبال –وقت فراغه القصير في التشاجر مع زوجته التي لا يراها على الاطلاق عبر الهاتف. هؤلاء عبارة عن رجال يائسين ومحبوبين للغاية لكنهم لا يطلبون منا الشفقة. وفي حين أن الشعور بالوحدة واليأس في وضعهم يُعد أحد الصور البارزة خلال كأس العمال، إلا أن نجوم هذا الكأس لم يقعوا في شرك الشفقة على النفس بل حافظوا على كرامتهم بصمت. إن هذه التجمع المُحزن عبارة عن فرصة للتأمل في معاناة عبيد العصر الحديث الذين لا حلم لهم سوى الحرية، كما إن رؤية كينث وباول وهما يفقدان أمل تحقيق احلامهم الرياضية بصمت لأمرٌ تسيل له الدموع. لقد استطاعت بطولة كأس العمال ببراعة أن تقدم نفسها كبطولة كروية رغم أنها لا تمت في الواقع بأي صلة بكرة القدم. وينبغي على أي شخص يملك أدنى اهتمام بهذه الرياضة الجميلة التي تتحول بتسارع إلى رياضة قبيحة، أن يشاهد هذه البطولة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار