قيادة المرأة

سألني رئيسي في العمل قبل أكثر من 20 سنة، هل توافق على قيادة المرأة للسيارة، فأجبت: نعم، ولكن بشروط. كان الجواب صادما له. كرر علي سؤاله مرة أخرى بعدها بسنوات وبقي الجواب نفسه رغم أن الفكر السائد وقتها كان يرفض الفكرة. تحادثنا في الموضوع، وكنت أبرر قولي بحالات معينة موجودة في المجتمع ولا يمكن أن نغفلها حتى إن اعتقدنا أن القيادة يمكن أن ينتج عنها بعض من الإشكالات المتوقعة مع التغيير.
أكدت له أنني أهتم بأن تكون المطلقة قادرة على خدمة نفسها والأرملة تستطيع أن توصل أبناءها وبناتها إلى المدرسة أو المستشفى. قضية التحليل والتحريم لم تكن في الأساس موجودة، لكنني شرطت له آنذاك أن هناك سنا معينة يجب أن نبدأ بها.
ها قد هدأت الأمور، وبدأ الجميع يقرأون الوضع بمنطق وعقلانية ويتعرفون على مزايا جديدة لم يكونوا يعلمون بوجودها بسبب حالة التأزم التي كانت سائدة في النقاشات الاجتماعية والفكرية خلال الأعوام السالفة. ولئن استمع البعض للخلافات من قبل سد الذرائع وجلب المصالح ودرء المفاسد، فتلك كلها أمور سببية يمكن أن تميل إلى جهة دون أخرى بحسب تفسير المتلقي ومنطلق الفكرة.
يجب اليوم أن نتأكد من وجود فكر مستنير منطقي عقلاني سائد يستطيع الناس من خلاله أن يراعوا مصالح غيرهم، ويضعوا أنفسهم مكان المحتاج والمضطر. هذه الوسيلة الأهم ستكون الداعم الأكبر لكل عمليات التغيير الإيجابي في المجتمع. وأحد أهم عناصر هذا الفكر حسن الظن في أنفسنا وأبنائنا وبناتنا وزوجاتنا وكل شركاء الوطن. الاهتمام ينبع من الأسرة التي يحترم كل واحد فيها الآخر، وينطلق إلى المدرسة التي لا بد أن تغير أسلوب تعاملها وتدفع بمزيد من مفاهيم الحوار والنقاش البناء كأسلوب تفاعل فكري للجميع.
ينبغي أن نكون منفتحين نحو المزايا التي يحملها قرار السماح بقيادة المرأة، مزايا أخلاقية واقتصادية مهمة. كون المرأة محمية من الاحتكاك بالسائق ومعفاة من الحاجة إلى من قد يكونون أخطر عليها من قيادتها المنفردة. يتبع ذلك العدد الكبير من السائقين الذين ستستغني عنهم البلاد، وبهذا نضمن حماية الاقتصاد وإفادة الوطن وانتشار حالة طبيعية كانت سائدة قبل أن نفكر بهذا الأسلوب الحساس للمختلف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي