تقرير دولي: المستقبل للنفط التقليدي منخفض التكلفة رغم ركود الاستثمارات

تقرير دولي: المستقبل للنفط التقليدي منخفض التكلفة رغم ركود الاستثمارات

أكد تقرير نفطي دولي أن شركات الطاقة الدولية لديها ثقة كبيرة بمستقبل جيد لصناعة النفط على أساس أن ذروة الطلب على النفط الخام والنفط الزيتي الصخري الأمريكي لايمكن تحديدها بدقة وأن الأمر قد يستغرق عدة عقود مقبلة.
وأفاد تقرير "ذا إنرجي كولكتيف" بأن شركة "توتال" الفرنسية الدولية العملاقة للطاقة تشعر بوضوح أنه لا يزال هناك مستقبل أفضل للنفط التقليدي منخفض التكلفة ولا سيما في البلدان الأوروبية المستقرة سياسيا مثل الدنمارك والنرويج.
وسلط التقرير الضوء على انكماش الاستثمارات النفطية الذي أعقب تراجع الأسعار، مشيرا إلى أنه بعد فترة من ركود الاستثمارات وتركيز الشركات على خفض التكاليف فاجأت "توتال" الأسواق في الشهر الماضي بقيامها بالاستحواذ على الشركة الدنماركية البارزة "مايرسك" المتخصصة في النفط والغاز وذلك بمبلغ 7.5 مليار دولار.
ولفت التقرير إلى أن الصفقة ستعطي إنتاجا إضافيا يصل إلى نحو 160 ألف برميل نفط يوميا موضحا أن الشركة الفرنسية أنتجت في العام الماضى 2.45 مليون برميل من النفط المكافئ من الهيدروكربونات.
وطالب التقرير بزيادة الاستثمار في قطاع الغاز خاصة الصخري الذي يعتبره عديد من الشركات والاستثمارات الدولية أنه وقود الانتقال نحو عالم منخفض الكربون، مشيرا إلى أهمية أن تراجع الولايات المتحدة سياسات المناخ لديها خاصة بعد وقوع إعصاري هارفي وإيرما اللذين بلغت فاتورة خسائرهما مستويات قياسية فادحة – لم تحدد بعد على وجه دقيق – ولا يعرف أحد كيف ستوزع فواتير هذه الخسائر كما لم يعد مقبولا إهمال سياسات مكافحة تغير المناخ خاصة بعد زيادة قوة الأعصاير التدميرية إلى مستويات لم تحدث قبل عقود مضت.
في سياق متصل، توقع مختصون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط خلال الأسبوع الحالي بعد أن اختتم تعاملات الأسبوع الماضي على خسائر سعرية بنحو 3 في المائة وذلك بسبب استمرار تداعيات إعصاري هارفي وإيرما في الولايات المتحدة والأخير جاء أكثر تدميرا وتأثيرا في صناعة النفط الأمريكية.
وأوضح المختصون أن عودة قطاع النفط في الولايات المتحدة إلى كامل طاقته الإنتاجية سيستغرق عدة أسابيع ومن ثم سيبقى وضع السوق متقلبا خاصة أن إغلاق المصافي الأمريكية تسبب في إضعاف الطلب على النفط، ومن ثم تراجع الأسعار بشكل حاد.
وتتواصل جهود منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في ضبط المعروض النفطي من خلال رفع مستوى الامتثال لتخفيضات الإنتاج. وتعقد المنظمة اجتماعا وزاريا للجنة المراقبة على خفض الإنتاج في فيينا يوم 22 من الشهر الجاري لمراجعة أحدث المواقف بشأن تطبيق خفض الإنتاج.
وفاجأت فنزويلا الأسواق بإعلانها قدرتها على التغلب على العقوبات الأمريكية من خلال بيع نفطها بعملات غير الدولار وفي مقدمتها اليوان الصيني وهي الخطوة التي سبقتها إليها كل من السعودية وروسيا، وستساعد هذه الخطوة فنزويلا بصفة خاصة على تجنب الآثار الاقتصادية الكارثية للعقوبات الأمريكية.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا " للاستشارات المالية، أن أسعار النفط من المتوقع أن تظل في حالة تقلبات وتذبذب مادامت مستويات الطلب العالمية تأثرت سلبا من جراء الإعصارين المدمرين هارفي وإيرما، مشيرا إلى أن بعض المصافي تحاول التعافي وتجاوز الأزمة، ولكن مستويات الطلب مازالت ضعيفة ما تسبب في خسائر فادحة خاصة للإنتاج الأمريكي.
وأضاف نوبل أن مشاركة وزيري النفط في ليبيا ونيجيريا في الاجتماع الوزراي لمراقبة خفض الإنتاج في فيينا الشهر الحالي مهمة للغاية وداعمة لجهود أوبك للسيطرة على زيادة الإنتاج وتخفيف التخمة في الأسواق للتعجيل بخطط استعادة التوازن في السوق.
وذكر نوبل أن الزيادات الإنتاجية التي حدثت في إنتاج "أوبك" في تموز(يوليو) الماضي وساهمت فيها ليبيا ونيجيريا عطلت كثيرا من فاعلية الاتفاق، منوها إلى أن أصوات عديدة تدعو الدولتين إلى الانخراط في الاتفاق لإنجاح خطط عمل "أوبك" وشركائها من المستقلين بقيادة روسيا نحو تحقيق تعافي السوق.
من جانبها، تقول لـ "الاقتصادية"، تي يتينج مدير المعادن والمياه في شركة "أي إيه سنجابور"، إن فنزويلا تواجه ضغوط أزمة اقتصادية شديدة العنف خاصة مع البدء في تطبيق عقوبات أمريكية موجعة تشمل حظر شراء سندات الحكومة أو التعامل مع أى شركات نفطية في فنزويلا.
وأضافت يتينج أن كراكاس بحثت عن مخارج عديدة من هذه الأزمة وفي هذا السياق قرر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بيع السلع الرئيسة وفي مقدمتها النفط الخام بعملات غير الدولار لكسر هذا الحصار الاقتصادي لافتة إلى أن فاعلية هذه الخطوة محل اختلاف وجدل واسع بين دوائر مالية واقتصادية دولية.
وأشارت يتينج إلى استمرار تلك العقوبات سيكون لها انعكاسات واسعة على اقتصاد فنزويلا وعلى سوق النفط الخام في العالم خاصة أن فنزويلا هي ثالث مورد للنفط إلى السوق الأمريكي بعد كندا والسعودية بنسبة 8 في المائة، كما تستورد كراكاس أيضا من واشنطن النفط الخفيف وتمزجه بنفطها الثقيل وتعيد تصديره مؤكدة أن توقف التجارة النفطية البينية بين البلدين سيؤدى إلى نتائج سلبية عديدة على السوق الدولية.
ومن ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، مارك ردولف مدير المنتجات في شركة "أى سي أى إس" للمنتجات النفطية، إن فنزويلا أطلقت أخيرا تحذيرا من استمرار بقاء مستوى المخزونات مرتفعا فوق المتوسط في خمس سنوات مطالبا بضرورة إعادة النظر في الاتفاق من خلال توسيع عضويته وتعميق مستويات التخفيضات للحفاظ على أسعار ملائمة في أسواق النفط.
وأشار ردولف إلى أن بعض الدوائر الاقتصادية الدولية ترى أن الإدارة الأمريكية تعمل على خفض قيمة الدولار من أجل رفع أسعار النفط وبالتالي مساعدة منتجي النفط الصخري على الاستمرار في الإنتاج والبقاء في دائرة المنافسة وهذا الرأى يتبناه كثيرون منهم شركة روسنفت الروسية العملاقة.
ولا يتفق ردولف مع الآراء التى تنتقد أو تقلل من تأثيرات اتفاق خفض الإنتاج بقيادة "أوبك" معتبرا أن الاتفاق حقق نتائج إيجابية بخصوص خفض نسبي في مستوى المخزونات ودعم نمو الأسعار مشيرا إلى أن احتمال مد العمل به كبير للغاية خاصة في ضوء قناعة السعودية وروسيا بهذا الأمر وضرورته للسوق في المرحلة الراهنة.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد هبطت أسعار الخام الأمريكي أكثر من 3 في المائة في ختام تعاملات الأسبوع المنصرم بفعل المخاوف من تضرر الطلب على الطاقة بشدة في الوقت الذي ضرب فيه الإعصار إرما، أحد أقوى الأعاصير في قرن، فلوريدا وجنوب شرق الولايات المتحدة.
ويقول محللون إن طاقة تكرير بنحو 3.8 مليون برميل يوميا، أو ما يعادل نحو 20 في المائة، ظلت معطلة وإن عودة قطاع البترول الأمريكي إلى كامل طاقته ستستغرق أسابيع، وفي حالة الإعصار إرما يشعر المحللون بقلق أكبر من أن الدمار الذي ستحدثه العاصفة قد يقلص بشدة الطلب على الطاقة.
وبحسب "رويترز"، فقد انخفض الخام الأمريكي 1.61 دولار، أو ما يعادل 3.3 في المائة، في التسوية إلى 47.48 دولار للبرميل، وتراجع خام القياس العالمي مزيج برنت 71 سنتا، أو ما يعادل 1.3 في المائة، إلى 53.78 دولار للبرميل بعدما بلغ أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) عند 54.87 دولار للبرميل.
واختتم برنت الأسبوع مرتفعا 1.9 في المائة بينما زاد الخام الأمريكي 0.4 في المائة مبددا معظم مكاسبه الأسبوعية التي حققها في وقت سابق بفعل المخاوف المستمرة من تواصل أثر الأعاصير في الطلب والإمدادات.
وخفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد الحفارات النفطية للأسبوع الثالث في أربعة أسابيع، في الوقت الذي توقف فيه التعافي في أنشطة الحفر الذي استمر 14 شهرا مع تقليص شركات الطاقة لخطط الإنفاق في رد فعل على الانخفاضات التي سجلتها أسعار الخام.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة في تقرير إن الشركات قلصت عدد منصات الحفر النفطية بواقع ثلاث حفارات في الأسبوع المنتهي في الثامن من أيلول (سبتمبر) ليصل العدد الإجمالي إلى 756 منصة وهو الأقل منذ حزيران (يونيو).
وتقابل هذا العدد 414 منصة حفر نفطية كانت عاملة في الأسبوع المقابل قبل عام، وخفضت الشركات عدد منصات الحفر بواقع سبع حفارات في آب (أغسطس) في أول خفض على أساس شهري منذ أيار (مايو) 2016.
وعدد الحفارات مؤشر مبكر على الإنتاج في المستقبل، ويأتي خفض عدد الحفارات في ظل سلسلة من العواصف المدارية بما في ذلك الإعصار هارفي الذي هب في أواخر آب (أغسطس) وهو ما خفض أنشطة الحفر النفطية في الخليج الأمريكي وتكوينات النفط الصخري في منطقة إيجل فورد في تكساس.
ومن المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي إلى 9.4 مليون برميل يوميا في 2017 وإلى 9.9 مليون برميل يوميا في 2018 من 8.9 مليون برميل يوميا في 2016 بحسب توقعات اتحادية للطاقة.
وضغطت تلك الزيادة في الإنتاج على أسعار الخام في الأشهر الماضية وهو ما دفع عددا من شركات الاستكشاف والإنتاج إلى الإعلان عن تقليص خطط الإنفاق للعام الحالي.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة قفزت الأسبوع الماضي بينما انخفضت مخزونات البنزين ونواتج التقطير، مع إغلاق مصاف نفطية بسبب الإعصار هارفي.
وأظهرت بيانات الإدارة للأسبوع المنتهي في الأول من أيلول (سبتمبر) هبوط معدل تشغيل المصافي 16.9 نقطة مئوية إلى 79.9 في المائة من إجمالي الطاقة الإنتاجية وهو أدنى مستوى منذ عام 2010، في حين انخفض استهلاك الخام في مصافي التكرير 3.3 مليون برميل يوميا إلى 14.5 مليون برميل يوميا.
واستأنف عدد من المصافي والمنصات البحرية وقطاعات من خطوط الأنابيب الرئيسة العمليات بدءا من الأربعاء الماضي، بعدما ضرب الإعصار هارفي ساحل تكساس في 25 آب (أغسطس) وتسبب في توقف نحو 4.2 مليون برميل يوميا من الطاقة التكريرية، أو ما يعادل نحو 23 في المائة من الطاقة الإجمالية في الولايات المتحدة.
وارتفعت مخزونات الخام بمقدار 4.6 مليون برميل الأسبوع الماضي، مقابل توقعات محللين لزيادة قدرها أربعة ملايين برميل، وذكرت إدارة معلومات الطاقة أن مخزونات الخام في نقطة التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما زادت 797 ألف برميل.
وتراجعت مخزونات البنزين 3.2 مليون برميل، بينما توقع محللون أن تنخفض بمقدار 5.4 مليون برميل، وأشارت البيانات إلى أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل وقود الديزل وزيت التدفئة، نزلت 1.4 مليون برميل مقارنة بتوقعات لهبوط قدره 3.5 مليون برميل، وتراجعت واردات الولايات المتحدة من الخام الأسبوع الماضي بمقدار 73 ألف برميل إلى 6.93 مليون برميل يوميا.

الأكثر قراءة