نجاح موسم الحج .. لم يكن مفاجئا

كتبت في مثل هذا الوقت من العام الماضي مقالا أشرت فيه إلى أن نجاح موسم الحج لم يكن مصادفة .. وأكرر هذا العام مع النجاح الباهر لحج هذا العام أنه لم يكن مفاجئا .. ولذا فإن الإشادة بهذا النجاح يجب ألا تصل إلى حد عدم توقعه .. فعوامل النجاح متوافرة على الرغم من زيادة عدد الحجاج بنسبة تقارب 30 في المائة .. ومن أهم عوامل النجاح حرص القيادة العليا من خادم الحرمين وولي العهد على التوجيهات أن يوفرا كل ما من شأنه راحة الحجاج مهما كانت التكاليف .. ثم تلك الإدارة المهنية العالية للحشود وللمرافق والخدمات كافة .. ولم يقتصر الأمر على المهنية وإنما مزجت باللمسات الإنسانية التي لا تتوافر عادة في التعامل مع الحشود فلم نر في وجوه رجال الأمن الذين يديرون حشود مباريات كأس العالم "مثلا" ابتسامة ولم تمتد أيديهم لمصافحة الصغار وكبار السن والمسح على رؤوسهم كما فعل جنود الأمن في موسم الحج الذين ضربوا أروع الأمثلة في التعامل مع الحجاج على اختلاف أعمارهم وجنسياتهم ومذاهبهم .. وظلم نفسه من قال إنهم يفعلون ذلك من أجل التصوير أو الشهرة أو المكافأة .. فهم يطلبون الأجر والثواب من الله وحده .. وهم يتعاملون بأخلاق الإسلام وبتربيتهم العربية الإسلامية الأصيلة ولعل العامل المهم الذي برز وحقق نجاحا أكبر لموسم حج هذا العام هو تكاتف المواطنين مع كل العاملين في خدمة الحجاج من موظفين حكوميين ومن كشافة ومتطوعين ومتطوعات وتشجيعهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي ما رفع الروح المعنوية لهؤلاء .. ويقول لي أحد أقاربي من الضباط الذين عملوا في موسم الحج إننا والأفراد الذين يعملون معنا نملأ جيوبنا بعبوات المياه الباردة عند نزولنا للميدان ونوزع ونرش الماء على أي حاج نراه قد ظهر عليه الإعياء أو التعب وهذا بطبيعة الحال ليس واجبا من واجباتنا الرسمية لكنه شعور إنساني وفقنا الله إليه ووجدنا له تأثيرا طيبا في تخفيف أثر حرارة الجو على الحجاج خاصة كبار السن منهم .. ولا بد ونحن نتحدث عن عوامل نجاح موسم الحج من الإشارة إلى اعتماد التقنية في تقديم الخدمات فالعصر هو عصر التقنية الذي يختصر الوقت والجهد .. وشيء مفرح أن بلادنا تأخذ بأحدث وسائل التقنية في شتى المجالات وتستفيد من التجارب وتعدل الأخطاء كما حدث في قطار المشاعر الذي انتظم هذا العام ونقل مئات الألوف من الحجاج بسهولة وانسياب.
وأخيرا: التخطيط المبكر والحزم والمتابعة هي أهم مكونات خطة النجاح في أي عمل وفي موسم الحج بالذات لا عذر لأحد فجميع عوامل النجاح متوافرة لبلادنا في إدارة هذا الحشد العالمي الذي يتكرر في كل عام .. ضمن مساحة محدودة ووقت محدود وقد سقطت مقولة من يعتقد أن وجود حجاج إيران سيؤثر في نجاح الحج فالاستعداد موجود لكل طارئ .. والترحيب بجميع حجاج الدول مهما كانت العلاقات السياسية معها موجود أيضا كما تؤكد قيادتنا دائما.