«ليشهدوا منافع لهم»

قال الله تعالى: "وأذّن في الناس بالحجِّ يأتوك رجالا وعلى كلّ ضامر يأتين من كل فج عميق * ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير"، الآية 27 من سورة الحج.
وقال تعالى: "ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين"، 198 من سورة البقرة.
و"ليشهدوا منافع لهم" يحتاج لبيان معنى اللام، ومعرفة سبب تنكير كلمة "منافع"، وتحديد أنواع المنافع. أما اللام في "ليشهدوا" فهي للتعليل أو الغاية، والجار والمجرور في "لهم" متعلق بقوله "يأتوك"، والمعنى يأتوك لشهادة منافع لهم، أو يأتوك فيشهدوا منافع لهم. وجاء في أحكام القرآن لابن العربي: هذه لام المقصود والفائدة التي ينساق الحديث لها، وتنسق عليه، أي أنها لام الغاية والصيرورة. وأما تنكير كلمة "منافع" فهو للتعظيم والتكثير، ويصلح أن يكون للتنويع، أي أنواع من المنافع الدينية والدنيوية. وقد حملها جماهير المفسرين على المنافع الدينية والدنيوية معا. وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في الآية: منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة، فأما منافع الآخرة فرضوان الله تعالى.
روى الإمام البخاري عن ابن عباس قال: كانت عكاظ ومِجَنَّة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتاثَّموا أن يتَجروا في المواسم، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنزلت الآية. الإخلاص شرط في جميع العبادات، إلا انه ألا حرج على الإنسان أن يبتغي فضلا من الله بالتجارة، وهو قاصد البيت الحرام، وإنما الذي يخل بالإخلاص ألا يكون له قصد إلا الاتجار والتكسب.
جاء الأمر بفريضة الحج، مقرونا ببيان حكمته، للفرد والجماعة والأمة، في نطاق العبادة ورعاية المصالح.
الهدايا واقتصاديات الحج
معروف شدة اهتمام الحجاج والمعتمرين والزائرين على شراء هدايا من الديار المقدسة، ولكن نسبة كبيرة وربما معظم الهدايا، بل معظم السلع التي يحتاج إليها الناس تنتج في بلاد غير إسلامية، ولذلك تقل استفادة البلاد الإسلامية وخاصة هذه البلاد "السعودية" من منافع الدنيا المحققة في الحج. وهنا فرصة عظيمة لبلادنا ومن ترغب في المشاركة من دول المسلمين لإنشاء مشروعات تتولى إنتاج وتسويق كل ما يمكن أن ينتج ويسوق في مكة والمدينة على الحجاج والمعتمرين والزوار، من الطيبات طبعا، حتى يكون خير المسلمين للمسلمين، وخاصة في الديار المقدسة. وينبغي للمؤسسات المالية دراسة النشاط الاقتصادي المترتب على الحج والعمرة، وتمويل ما يمكن من مشروعات تجارية.
وهنا مقترح أو تأكيد أفكار أو خطط متوقع أنها موجودة.
أعلن قبل أسابيع عن إقامة مشروع حضاري كبير مجاور لمكة باسم الفيصلية.
ينبغي تخصيص أجزاء كبيرة من مشروع الفيصلية لإقامة مدن صناعية تمثل فيها الصناعات والحرف المحلية في العالم الإسلامي. أي أنه تقام في هذه المدينة مصانع مخصصة لإنتاج سلع تنتجها البيئات والمجتمعات الإسلامية.
والرأي أن تتعاون الجهات الحكومية المعنية كهيئة الاستثمار وهيئة المدن الصناعية، مع القطاع الخاص وخاصة في مكة المكرمة ما جاورها، وأن يجري تنسيق مع منظمة المؤتمر الإسلامي، والغرفة التجارية الإسلامية، حول التفاصيل وحول التنفيذ. وقد تضم المدينة المنورة بصورة ما.
الإنتاج يباع على الزوار والمعتمرين والحجاج وغيرهم. وللتعريف بما تنتجه المدينة الصناعية، ينبغي أن يقام معرض أو معارض صناعية دائمة، تحوي نماذج من الصناعات التقليدية والحرف القائمة والمنتشرة في المجتمعات الإسلامية.
وعيدكم مبارك وتقبل الله من الجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي