عناية ملكية بالحجاج الأشقاء من قطر

جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين بإعفاء الحجاج الأشقاء من قطر من تصاريح الحج الإلكترونية، لتسجل موقفا روحيا إنسانيا ساميا تؤكد من خلاله السعودية وقوفها بكل مبدئية راسخة ضد تسييس الحج الذي سعت القيادة القطرية إلى العمل على أن تجد له من العالم من يساندها في أغراضها وضغينتها، لكنها منيت بفشل كاسح على الصعد الدولية والمؤسسية كافة، إذ جاءت المواقف الدولية من كل صوب مستنكرة مستهجنة ما تدعو إليه هذه القيادة بعدما سدت الأبواب في وجهها من كل مزاعمها السياسية السابقة من معزوفة "الحصار" الناشزة، إلى مغالطاتها في عدم دعم الإرهاب والتطرف تمويلا وإيواء، وما سمعته من إدانات على المستويات الرسمية والشعبية.
خادم الحرمين الشريفين في إعفائه الأشقاء الحجاج القطريين من تصاريح الحج الإلكترونية إنما يعبر عن غيرة على الرسالة الإسلامية السمحة من أن تتجرأ هذه القيادة القطرية إلى إقحام الخلاف السياسي في أبعاد الحج الروحية الربانية، وتنزيه الإسلام من أن يكون مدخلا لأجندات دنيوية، لا تراعي قداسة مبادئ هذه العقيدة ولا تتورع عن المساس بها. خصوصا أن الأمر يتعلق بركن من أركان الإسلام وبشرف لا يسبقه شرف آخر عند السعودية في أن تكون خدمة الحرمين الشريفين والأماكن المقدسة والمشاعر نعمة من الخالق، تكرس لها السعودية ما لا يحد من الإنفاق المالي في المشاريع التوسعية والمرافق المساندة والخدمات العديدة من تفويج ونقل وإرشاد ومعها رعاية صحية وتموينات سخية في الماء والغذاء، تزداد كل عام كفاءة وجودة وحجما.. وكلها أدوار كانت على الدوام مثار تقدير واحترام شهد بذلك زعماء الدول ورؤساء بعثات الحج وتدفقت على ألسن ملايين الحجاج والمعتمرين بالشكر الثناء والامتنان منذ رعاية المؤسس الملك عبدالعزيز وحتى اليوم وإلى طول المدى بإذنه تعالى.
إعفاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الأشقاء الحجاج من قطر من تصاريح الحج، أسقط في أيدي القيادة القطرية وأربكها على نحو مخجل، خصوصا أنه قد سعت وزارتها للشؤون الإسلامية إلى حجب التصاريح عنهم في موقف لا أخلاقي ولا يتسم برشاد حيال حرمة ما يخص روحانية الدين وحق المسلم في أن يبلغ توقه في الوصول إلى البقاع المقدسة وتأدية نسك الحج وتلبيته نداء الرحمن، ولعل زيارة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني لخادم الحرمين في مقره بطنجة للتعبير عن الشكر والتقدير عن هذا الموقف الروحاني الإنساني النبيل نائبا وممثلا بذلك عمق الامتنان الذي يكنه الأشقاء القطريون لخادم الحرمين وتثمينهم لهذه المبادرة الكريمة بلسان حال يؤكد أن الأخوة مع الشعب القطري لا شأن لها بالخلاف مع هذه القيادة، الأمر الذي لم تجد معه القيادة القطرية ما تحفظ به ماء وجهها أمام شعبها والعالم الإسلامي أيضا.
ولم يقتصر موقف القيادة السعودية على الإعفاء من تصاريح الحج للأشقاء القطريين، بل عزمت على تسيير سبع رحلات طيران سعودية لنقل من شاء من حجاج قطر المجيء عبر الجو، وقدمت خدمات نقل لمن شاء أن يسافر من الدمام أو أي وجهة أخرى للديار المقدسة.. وهي مبادرات عملية تترجم تطبيقا فوريا يسهم إلى جانب الإعفاء من التصاريح الإلكترونية في تيسير وتسهيل وصول الأشقاء من قطر دون عوائق وبأسرع وقت وأكثر قدر من الراحة.
هذا هو ديدن القيادة السعودية فلم تتردد قط في إزاحة أي عائق، مهما كان، عن أن يبلغ الحجاج من أي مكان الديار المقدسة، فأجهزتها الإدارية والتنفيذية وبعثاتها الخارجية ودبلوماسيوها يعملون على مدى العام جنودا منذورين لشرف خدمة الحجيج، لا تحول دون ذلك أي ظروف مستجدة أو سلبيات قد تطرأ لسبب من الأسباب.. فلم يسجل، على الإطلاق، في تاريخ الدولة السعودية سوى أنها كانت القلب المفتوح بفرح لأن يبلغ الحاج أو المعتمر أرض الحرمين، محاطا بكل أسباب الرعاية والأمن والتقدير.
ولن تملك القيادة القطرية بجناياتها وتخبطاتها ومسرحياتها البهلوانية أن تستطيع التعتيم على شمس الروحانية التي يحرص خادم الحرمين بإيمانه العميق أشد الحرص على أن تظل أنوارها ساطعة ودفؤها غامرا!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي