ثقافة وفنون

انتبه .. «توم هانكس» يراقبك

انتبه .. «توم هانكس» يراقبك

انتبه .. «توم هانكس» يراقبك

على الرغم من عدم إمكانية العيش بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من دور إيجابي في التواصل بين البشر، إلا أن سلبياتها كثيرة أبرزها تلك المتعلقة بالخصوصية ورغبة الإنسان في الاحتفاظ بحياته الشخصية بعيدا عن حياته على السوشيال ميديا وتطبيقاتها. ولقد باتت قضية الخصوصية على الشبكة العنكبوتية محور اهتمام عديد من الباحثين، وتمت معالجة هذه القضية في عديد من الكتب والروايات قبل أن تنتقل إلى الشاشة السينمائية والتفزيونية. وكثيرة هي الأفلام التي عالجت موضوع أثر شبكات التواصل الاجتماعي في حياة الفرد الخاصة، إلا أن فيلم الدّراما والتّشويق الجّديد The Circle- "ذا سيركل»، شكَّل مدخلا جديدا لمناقشة القضية من خلال منحى إنساني وطرح عديدا من التساؤلات حول إمكانية أن يكون العمل في شركة تقنية كبرى أمرا مرعبا بدلا من كونه فرصة لا تُعوض، وإذا ما يصبح العاملون داخل هذه الشركات فئران تجارب يتم استغلالهم من قِبل شركاتهم!
هذه هي الأسئلة التي جاوبت عليها رواية «الدائرة - The Circle»، التي صدرت عام 2013 وتمكنت من اعتلاء قائمة الأفضل مبيعا لمدة زمنية طويلة. ويجيب عنها أيضا هذا الفيلم الذي يحمل الاسم نفسه، الذي يقوم ببطولته النجم الهوليودي الحائز على جائزة الأوسكار توم هانكس بالمشاركة مع الممثلة إيما واتسون، حيث تولت كل من شركتي الإنتاج السينمائي الأمريكيتين Likely Story و Playtone، عملية تصوير وإنتاج الفيلم، ذلك بالتعاون مع الشركة الإماراتيةImage Nation Abu Dhabi.

شركات خطرة 

تدور أحداث فيلم «ذا سيركل» حول فتاة شابة تُدعى مي هولاند (تلعب دورها الممثلة إيما واتسون)، تحيط بها ظروف وأحداث غامضة، فهي تعمل في مجال الاتصالات والتكنولوجيا، وموظفة في شركة تكنولوجية كبيرة تُعرف باسم الدائرة The Circle، التي من المتوقع أن تكون إحدى الشركات التكنولوجية العملاقة مثل «جوجل» و«فيسبوك» و«تويتر».
يشجع مؤسس الشركة إيمون بايلي (يلعب دوره الممثل توم هانكس) مي على خوض غمار تجربة جديدة تتخطى الحواجز المعتادة للخصوصية، وتتمكّن من إثبات جدارتها وكفاءتها في وقت وجيز، إلا أنها تستنتج فيما بعد أن هذه الشركة تمتلك عيونا مخفية في كل مكان، تراقب من خلالها ما تريد، وبالتالي تجد نفسها تحت المراقبة أيضا، وأصبحت في وضع محفوف بالمخاطر، ما يؤثر في حياتها الشخصية وحياة أصدقائها وعائلتها والبشرية بأسرها بفعل قراراتها في هذه التجربة.
وفي كل مشهد من مشاهد الفيلم يظهر المخرج الأمريكي جيمس بونسولدت تفاصيل المغامرة التي تعيشها مي، بدءا من اللحظات الأولى للقصة التي تجسدت في دخول مي إلى المؤسسة بهدف خدمة الإنسانية، وصولا إلى اكتشافها حقيقة المؤسسة وصاحبها الطاغي الذي يستخدم المعلومات التي يجمعها عن الأشخاص بهدف السيطرة عليهم. ويزداد الأمر تشويقا عندما تدرك أنها وقعت في فخ سيصعب الخروج منه، كما أنها أساءت إلى أفراد عائلتها وإلى أصدقائها عن طريق البوح بأسرارهم لكومبيوترات المؤسسة.
إن رسالة الفيلم واضحة جدا للمشاهد حيث يقدم رؤية مخيفة عن عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي وكيفية تحكمها ومراقبتها للمعلومات الخاصة، ما جعل الممثلة إيما واتسون تعبر عن عدم إدراكها قبل مشاركتها في الفيلم تداعيات العمليات الضخمة لجمع البيانات والأنشطة على الإنترنت وحدود الحرية الشخصية، وقالت واتسون التي ظهرت تحت الأضواء منذ طفولتها بمشاركتها في أفلام «هاري بوتر»، إن مشاركتها في الفيلم كانت حساسة جدا.

أداء متواضع 

انطلقت قصة الفيلم ببداية قوية توحي بالكثير، خاصة أنها تحاكي واقع الحياة اليومية التي نعيشها، لكن مع مرور المشاهد واستمرار الأحداث بروتين بطيء، يبدأ الشعور بالملل يتسلل إلى المشاهد، فيشعر بأن سيناريو الفيلم مبعثر وغير متماسك بشكل جيد، خاصة أن أداء الممثلين بما فيهم توم هانكس، لم يكن كما يجب، حيث يراوح بين كونه متواضعا إلى ضعيف، على الرغم من إمساكه بالخطوط العامة للشخصية الأساسية في الفيلم، ورغم أنه ظهر في بعض المشاهد يقارب بشكله وتصرفاته مخترع شركة أبل ستيف جوبز، إلا أن هذا لم يغط على ضعف الأداء.
ويعود سبب الضعف التمثيلي للأبطال إلى المخرج جيمس بونسولدت الذي فشل في التوفيق بين القصة والسيناريو والأداء التمثيلي لنجوم فيلمه، أما المؤثرات الخاصة فكانت قليلة نسبيا، لكنها كانت متناسقة وجميلة ومتناغمة مع سيناريو الأحداث بشكل جيد، ونجح بونسولدت في توظيفها بشكل صحيح.
ولقد تميز الفيلم بموسيقى تصويرية وديكورات رائعة وجاذبة للعين ومتناسقة مع الجو التكنولوجي العام للفيلم، وعكست الديكورات عالم العروض التقديمية والتسويقية لشبكات التواصل الاجتماعي والأجهزة الحديثة التي نتابعها. وعلى الرغم من قوة الموسيقى التصويرية، إلا أنها لم تكن بقوة وتفرد الديكورات نفسها.

خصوصية من التراث

في الواقع لم يعد خافيا على أحد أن الخصوصية أصبحت من التراث الماضي الجميل مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، فبقدر ما عززت التواصل بين البشر وقربت الناس من بعضها بشكل إيجابي، بقدر ما اقتحمت الخصوصية الفردية وحطمت الأبواب والنوافذ ودخلت غرف نومنا، ولا ندري إن كنا نحن من دعاها لاقتحام حرمة خصوصياتنا، أم أنها تسللت خلسة ورغم عنا، بعد أن أدمنا على تصفح مواقعها وبناء شبكات علاقاتنا فيها.
ويبقى أنه على الرغم من أن فيلم «الدائرة» للمخرج جيمس بونسولدت، مع إيما واتسون وتوم هانكس، وجون بديجا، كشف الانحرافات الرقابية للشبكات الاجتماعية، إلا أنه قدم لنا عالما توتاليتاريا على طريقة جورج أورويل، فلا يبقى غير خط سردي ملتبس، مجرد من رأي سجالي.
وعندما خرجت من صالة السينما، قررت إعادة النظر في طريقة استخدامي لشبكة الإنترنت والمشاركة في شبكات التواصل الاجتماعي، ووعدت نفسي بأن أبتعد عنها، ولكنني لم أنجح لأكثر من يومين، تماما كما يحصل معي كلما قررت الامتناع عن التدخين، فأعود إلى السيجارة أكثر لهفة من ذي قبل، وأعود إلى السوشيال ميديا بشكل أكثر شراهة وإدمانا.. فهل هناك حقا إدمان إلكتروني؟!.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون