صناعة المُسيّرات تنقل تركيزها إلى استهداف الفرص التجارية

صناعة المُسيّرات تنقل تركيزها إلى استهداف الفرص التجارية

كانت المُسيّرات (طائرات بدون طيّار) تُستخدم في تصوير حفلات الزفاف وأفلام هوليوود والإرهابيين، لكن الآن الطائرات بدون طيار (الدرون)، والشركات الصانعة لها، تتوجه إلى مسار ثالث بين الهواة والحرب نحو العالم الصناعي، ما يهدد بإحداث هزة واسعة في الصناعة المزدهرة التي بقيمة ستة مليارات دولار.
الاستخدامات الجديدة للطائرات بدون طيار UAV، وهو الاسم الفني لطائرات الدرون، تبرز يومياً: تسليم الطرود، والبيتزا والدم؛ ومسح الألغام؛ ومكافحة الحريق الوقائية؛ وحتى جمع قيء الحوت للمساعدة في الحفاظ على الثدييات.
قال بول تشو، نائب الرئيس في شركة دي جيه آي، في مؤتمر في تشنتشن الشهر الماضي: "نحن نطوّر الطائرات بدون طيار لتصبح وسيلة إنتاج". منحت شركته الصين مركز القيادة بلا منازع في القطاع، مع حصتها السوقية بنسبة 70 في المائة من الطائرات بدون طيار غير العسكرية.
مع ذلك، إذا كانت دي جيه آي، التي بقيمة تراوح بين ثمانية إلى عشرة مليارات دولار في جولة تمويلها الأخيرة في عام 2015، ستحتفظ بهذه المكانة، ستكون بحاجة إلى التكيّف مع ديناميكيات السوق الجديدة.
ترفض الصناعة الحديث عن "ذروة" طائرات الدرون الاستهلاكية، لكن قلّة يتوقعون أن هذا الجزء من الأعمال سيُحافظ على معدلات نموها القوية. خارج الصين، تكثر الخسائر: في كاليفورنيا، شركة ليلي روبوتيكس أغلقت معاملها في كانون الثاني (يناير)، بينما 3 دي روبوتيكس حوّلت تركيزها على البرمجيات وشركة باروت الفرنسية، تُخفض الوظائف. الداخلون الجُدد يأتون من نسيج مختلف تماماً، حيث المجموعات الصناعية والتكنولوجية، بما في ذلك كوالكوم وإنتل وبوينج تحوم في المكان.
المنظمون أيضاً مستعدون للتغيير، في الوقت الذي تضغط فيه الصناعة لمزيد من الافتتاحات. كخطوة أولى، فتحت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية، من الناحية العملية، السماء لطائرات الدرون التجارية قبل عام، مع قواعد سلامة محدودة تُغطي هذا القطاع.
وحيث إن قواعد إدارة الطيران الفيدرالية تتغير، كما قال مايكل بيري، مدير الشراكات الاستراتيجية في شركة دي جيه آي، فإن صناعة المشاريع تتوسع بسرعة، بتشجيع من البيئة التنظيمية الأكثر تأكيداً. "أجرينا من قبل محادثات مع الشركات لكنها قالت: كيف سيتعامل فريقي القانوني مع هذا؟ آخر شيء نريده هو التقلبات. الناس لن تستثمر إذا لم تكُن متأكدة".
شركة دي جيه آي، ابتكار فرانك وانج، متحمس الهليكوبتر ذات السيطرة اللاسلكية من هانجتشو الذي استثمر في هوايته الصبيانية في شركة مع مبيعات تبلغ 1.5 مليار دولار، تبحث الآن في مجالات تتراوح من الزراعة إلى القضاء على البعوض.
"يحاول بائعو طائرات الدرون الشخصية بقوة الآن وضع أنفسهم في السوق التجارية"، كما قال جيرالد فان هوي، كبير محللي الأبحاث في جارتنر، على الرغم من أن الشركة تقول إن طائرات الدرون البالغ عددها ثلاثة ملايين التي تتوقع شحنها هذا العام ستبقى في الغالب للسوق الاستهلاكية. هذه الأرقام ارتفعت بنسبة 39 في المائة في عام 2016 وينبغي أن تُترجم إلى إيرادات بقيمة ستة مليارات دولار.
وقال إن السوق الاستهلاكية سوف تستغرق وقتاً أطول لتحقق. طائرات الدرون الجاهزة للتسليم، على سبيل المثال، سوف "تكون عالقة في مشاكل لوجستية" وستحصل على أقل من 1 في المائة من هذه الشريحة الجديدة بحلول عام 2020.
بيري يتفق مع ذلك. قال إن الخدمات اللوجستية هي على مسافة زمنية "15-10-5 عاماً" وتطلبت ثلاثة تغييرات: التنظيمات لإخلاء المجال الجوي؛ وقدرة حمولة أكبر، قدرة على التحمل وقدرة على تجاوز العقبات؛ فضلاً عن تطوير حاجة ملحة إلى التسليم من خلال طائرات الدرون بدلاً من الخيارات الأخرى المستخدمة الآن.
الزراعة تجذب الاهتمام الأكبر. يستخدم المزارعون الطائرات بدون طيار لرش المبيدات، وتحليل محتوى التربة وتحديد الآفات، الأمراض والرطوبة باستخدام التصوير الحراري. طائرات الدرون الزراعية أصبحت منتشرة للغاية، كما قال أندرو يوركويتز ، كبير المحللين في شركة أوبنهايمر، بحيث إن إحدى الشركات الناشئة أعلنت: "نحن حتى لا ننظر إلى الزراعة لأنها مجال مزدحم للغاية".
يُمكن أن يكون الزراع أيضاً أقل استعداداً للعمل كفريق ويقاومون تبادل البيانات الأساسية التي تلتقطها الطائرات بدون طيار، كما قالت جان جي، العميدة المُشاركة للابتكار التكنولوجي وريادة الأعمال في كلية تشونج كونج لإدارة الأعمال للدراسات العُليا في بكين ومديرة في شركة دي جيه آي.
قالت: "الكثير من الشركات الزراعية الكبيرة تهيمن عليها شركات مملوكة للدولة ومن الصعب جداً التعاون معها".
"الأمر الجيد هو أن الولايات المتحدة هي سوق حرة، من ناحية أخرى، الكثير من أصحاب المزارع يقولون في أنفسهم: لماذا ينبغي أن أتعاون معك؟ بإمكاني استخدامك لرش الأسمدة. لماذا ينبغي أن أعطيك بياناتي؟ هذا النوع من البيانات هو منفعة عامة لكن الجميع يُريد أن يكون راكبا بالمجان".
السيدة جان ليست وحدها في رؤية التعاون بأنه وسيلة للتقدم، لأن متطلبات الصناعة الأكثر تحديداً تقتضي التخصصات. شركة يوركويتز توقع سوقاً متقاسمة: دي جيه آي تتمسك بالأجهزة - وتزيد هوامش أرباحها على خلفية حجمها المتزايد - بينما تُركّز الشركات الناشئة، والآخرون على توفير البرمجيات للوصول إلى القمة.
هذا يُمكن أن يؤدي إلى تعاون غير مستقر بين المزودين أنفسهم، حيث إن شركة دي جيه آي التي ترتكز على الأجهزة تبحث عن شراكات مع الشركات المتخصصة في مجال البرمجيات، خوفاً من أن الشركة العملاقة في مجال طائرات الدرون قد تصعد لتهاجمها وتلتهما.
وهي تُصبح سوقا أكثر صرامة بكثير، كما قال كريس أندرسون، أن شركته 3 دي روبوتيكس توقفت عن صناعة الأجهزة. "من الصعب جداً اختراق السوق لأن الأمر لا يتعلق بطائرات الدرون، لكن في القطاعات: البناء، والزراعة والبقية؛ يتعلق بتحليل البيانات، برمجيات الشركات، وقنوات البيع".
"الأمر صعب، لكن عندما تفهم أن الناس لا يشترون طائرات الدرون لأنها رائعة أو كهدية في عيد الميلاد، لكن لأنها أداة أساسية للعمل، عندها ستحصل على مبيعات آلاف الملايين من الوحدات".
الحقبة الجديدة لن تفصل فقط الأجهزة عن البرمجيات لكن أيضاً ستختبر نماذج الأعمال المختلفة، كما يقول يوركويتز، الذي يُشير إلى أن هناك بعض شركات التصنيع تقوم منذ الآن بالفعل بتأجير طائراتها وخدماتها - على سبيل المثال، إلى أصحاب مزارع الكروم الفرنسيين - بدلاً من بيعها بشكل مباشر.
يقول: "لا أعتقد بالضرورة أن هذه صناعة، حيث المُزارع سوف يمتلك طائرة درون خاصة به. يُمكن أن تكون هناك سوق لطائرات الدرون كخدمة".
في الوقت نفسه، الشركات الناشئة تستمر بالانتشار: بعد تسجيل رقم قياسي من الصفقات العام الماضي، كان الربع الأول من عام 2017 هو الأنشط على الإطلاق، مع 32 استثمارا بمجموع كلي بلغ 113 مليون دولار، وذلك وفقاً للشركة الاستشارية للبيانات، سي بي إنسايتس. المجالات الرائدة كانت الصور الأرضية، وتفتيش البنية التحتية والتسليم.
مجموعات التكنولوجيا الكبيرة في الصين من المتوقع أن تعمل في الطائرات بدون طيار أيضاً، لكن مع نجاح محدود. عملت تينسينت مع شركة صناعة الأجهزة "ينج" على طائرة بدون طيار، مشروع صغير يبدو أنه اختفى دون آثار. قال أحد العاملين في الصناعة، واصفاً دورة تطوير لمدة 18 شهراً، "إذا كنت تحاول البدء بطائرة بدون طيار من الصفر، فهناك الكثير لتلحق به".
جوبرو، شركة صناعة كاميرات الحركة، تعلمت هذا على حسابها: في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، اضطرت إلى استرداد طائرة الدرون "كارما" الخاصة بها، منذ إعادة إطلاقها، بعد أن سقطت الكاميرات الجوية لبعض الزبائن من السماء بعد وقت قصير من إدخالها.
في الوقت نفسه، سوف يستمر المنظمون بوضع القوانين حول كيف وأين ستتحرك الصناعة في المرحلة اللاحقة. التقى دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، أخيراً مسؤولين تنفيذيين في مجال طائرات الدرون في الولايات المتحدة لكن يعتقد كثيرون أن الولايات المتحدة غير متفوقة.
قاعدة "خط الرؤية"، التي تعني أن الطائرات بدون طيار تستطيع الطيران فقط طالما كان بإمكانك رؤيتها، تقتل الفكرة الكاملة لمسح، على سبيل المثال، أميال من خطوط الكهرباء وتحميل البيانات التي جمعتها على الفور إلى خدمة السحابة، كما قال يوركويتز.
وقال: "المشكلة هي أن هذا لا يُمكن أن يحدث اليوم. ستكون بحاجة إلى رجل في شاحنة صغيرة، يخرج، ثم يرسل طائرته الدرون إلى السماء بقدر ما يُمكن أنه يرى، من ثم إعادتها، والعودة إلى شاحنته الصغيرة، والقيادة مرة أخرى وتكرار الأمر".
وقال إن الشركات بدلا من ذلك كانت تستخدم بريطانيا وكندا وفرنسا وحتى إفريقيا لتكون مواقع لاختباراتها – وهي إعادة رسم للأجواء يعتقد كثيرون أنها ليست في مصلحة شركات الدرون الأمريكية.
وأضاف يوركويتز أن مزيدا من الأجواء المفتوحة، بالقدر نفسه، يمكن أن تحدث تعطيلا في الآفاق أكثر حتى من قبل، من خلال اجتذاب داخلين جدد إلى الصناعة.
وقال: "إذا تم إصلاح القوانين التنظيمية وتم إنشاء فرصة حقيقية، فإن شركة مثل جنرال إلكتريك يمكن لها بسهولة أن توسع من نطاقها بسرعة من أجل التنافس ضد أي شخص، سواء في مجال البرامج أو الأجهزة."

الأكثر قراءة