المصارف والمخاطر المالية المحتملة «1 من 2»

المصارف في العالم ليست مجرد مصارف - فهي بمنزلة أسواق مالية تكتتب في الأوراق المالية وتدير صناديق الاستثمار وتقوم بدور الوسيط إلى جانب إقراض الأموال. وتقديم مجموعة كبيرة من الخدمات المالية المختلفة يؤدي إلى زيادة أرباح هذه المؤسسات - سواء كانت مصارف شاملة تقوم بجميع هذه الوظائف كجزء من نشاطها أو شركات قابضة تمتلك جهات تقديم خدمات مصرفية وغير مصرفية منفصلة. ولكن عديدا من الجهات التنظيمية ترى أن اجتماع كل هذه الأنشطة تحت سقف واحد يضيف مخاطر جديدة قد تعرض المؤسسة والنظام المالي ككل للخطر. وعقب الأزمة المالية العالمية التي وقعت عام 2008، اقترحت الجهات التنظيمية في عدد من البلدان قواعد بهدف فصل أنشطة المصرفية التقليدية "تلقي الودائع وتقديم القروض" عن المخاطر المصاحبة للخدمات المالية الأخرى. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، صدرت قاعدة فولكر كجزء من قانون دود - فرانك في عام 2010، وهي قاعدة تحظر على المصارف ممارسة أنشطة التجارة في الممتلكات "أي باستخدام أموالها الخاصة بدلا من المتاجرة لحساب العملاء". وفي أوروبا، اقترحت الجهات التنظيمية في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي مجموعة متنوعة من إجراءات التطويق - أي فصل الوظائف التقليدية للمصارف عن باقي عملياتها. غير أن هذه الإجراءات تستند بشكل أكبر إلى مخاوف من وقوع أحداث سلبية محتملة وليس إلى تجارب واقعية. ويبدو أن ضعف آليات اتخاذ قرارات الإقراض لدى المصارف وعديد من جهات الإقراض غير المصرفية هو السبب الرئيس وراء الأزمة، وليس الأنشطة غير التقليدية مثل التجارة في الممتلكات. ولكن قد يكون من الضروري حماية الأنشطة المصرفية التقليدية من الضرر المحتمل الذي قد ينشأ نتيجة الأنشطة المالية الأخرى التي تمارسها المصارف. وينبغي أن يستند هذا القرار إلى تحليل دقيق للمخاطر الناتجة عن الجمع بين النشاط المصرفي والخدمات المالية الأخرى في شركة واحدة.
توصلنا إلى وجود اختلاف مهم بين المخاطر المصاحبة للأنشطة المصرفية التقليدية والمخاطر المصاحبة للأنشطة المالية الأخرى التي تسهم في تفسير السبب وراء المخاطر المحتملة التي قد تتعرض لها المصارف نتيجة ممارسة الأنشطة غير التقليدية استنادا إلى فئتين من المخاطر: مخاطر متباطئة النمو ومخاطر متسارعة النمو. ويستغرق تراكم المخاطر المالية متباطئة النمو وقتا طويلا وتتسبب في خسائر على مدى فترات طويلة قد تصل إلى شهور أو حتى سنوات. ونظرا لأن هذه المخاطر تتراكم ببطء نسبيا، فإنها غالبا ما تعطي إنذارا مسبقا باحتمالية وقوع خسائر مستقبلية. ومخاطر الائتمان، أو مخاطر عدم السداد، هي أهم مثال على المخاطر المالية متباطئة النمو. ففي كثير من الأحيان يمر المقترضون بفترات تتراجع خلالها المبيعات أو مصادر الدخل الأخرى التي تشير إلى أنهم سيواجهون صعوبة في سداد قروضهم. وتتيح هذه العملية الطويلة وقتا كافيا للمصارف لاتخاذ الخطوات اللازمة للحد من أضرار عدم السداد أو حتى منعها... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي