تغريم «جوجل» لمخالفة قواعد المنافسة الأوروبية

أعلنت المفوضية الأوروبية صدور قرارها بخصوص مخالفة "جوجل" لقواعد المنافسة للاتحاد الأوروبي، الذي قررت المفوضية فيه تغريم "جوجل" مبلغ 2.42 مليار يورو أي ما يقارب 2.7 مليار دولار. لقد بدا القرار مفاجئا أو صارخا لعدد من وسائل الإعلام أو المهتمين بالنظر لضخامة الغرامة وبالنظر لكون المعاقب بها "جوجل"، وفي المقابل يظهر أن القرار كان متوقعا نوعا ما لبعض المهتمين والمتابعين للموضوع. لذلك علق كثير من المهتمين تعليقا مبدئيا حول الموضوع إلى حين صدور نص القرار كاملا بتفاصيله وحيثياته.
وبدت المفوضية صارمة في قرارها، حيث ذكرت المفوضية الأوروبية في إعلانها أن على "جوجل" أن تتوقف عن ممارسة المخالفة خلال 90 يوما أو ستقوم المفوضية بتغريم "جوجل" غرامة قدرها 5 في المائة من متوسط الدخل اليومي للشركة الأم حول العالم عن كل يوم تأخير.
أما عن طبيعة المخالفة التي بنيت عليها هذه الغرامة الكبيرة فهي أن "جوجل" أساءت استخدام هيمنتها في السوق، ما أضر بمنافسيها، ومن المعلوم أن إساءة استخدام الهيمنة لدى المنشأة تعد إحدى أكبر المخالفات لقواعد المنافسة الأوروبي، كما هي الحال باعتبارها مخالفة في نظام المنافسة السعودي ولائحته. وتفصيل المخالفة مختصرا أن "جوجل" عام 2004 دخلت إلى السوق الأوروبية في مجال محركات البحث لمقارنة أسعار التسوق، حيث يتم عرض أسعار لعدد هائل من البضائع من مختلف الموزعين والمنتجين والبائعين.
وفقا للخبر من المفوضية الذي تستند إليه هذه المقالة، في عام 2008 بدأت "جوجل" باستخدام استراتيجية تقوم من خلالها بعرض نتائج البحث عن البضائع التابعة لخدمة مقارنة التسوق الخاصة بـ "جوجل" في مكان بارز أو في الصفحات الأولى، بينما تقوم بإضعاف أو تخفيض طريقة عرض النتائج في محرك "جوجل" للبحث فيما يتعلق بخدمات مقارنة التسوق الأخرى المنافسة لـ "جوجل"، ما ينتج عنه ظهور النتائج التابعة لـ "جوجل" في الصفحات الأولى، بينما تظهر نتائج خدمات مقارنة التسوق الأخرى المنافسة لـ "جوجل" في الصفحات الأخيرة. فمثلا عندما يقوم مستهلك بالبحث في "جوجل" عن سلعة معينة فإن نتائج البحث ستظهر نتائج مقارنة السلع التابعة لـ "جوجل" على شكل مربعات في المقدمة أو في الصفحة الأولى، بينما نجد نتائج المقارنة للمنافسين تظهر ربما في الصفحة الرابعة كمثال. وبحسب المفوضية فإن الأدلة تشير إلى أن أغلب النقرات في نتائج محرك البحث العام تكون للصفحة الأولى بمعدل 95 في المائة من مجموع نقرات البحث، بينما أول نتيجة في الصفحة الثانية تحصل على 1 في المائة من مجموع النقرات، ما يعني أن المستخدمين لمحركات البحث ينصرفون للنتائج البارزة والأولية. لذلك قررت المفوضية الأوروبية أن "جوجل" قامت بإساءة استخدام هيمنتها عن طريق عرض نتائجها بشكل بارز، بينما أضعفت النتائج فيما يتعلق بمنافسيها، ما سبب هبوطا للمنافسين في دول الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من وجود انتقادات مبدئية على نتيجة القرار من عدد من النواحي كتعريف السوق ومسألة الابتكار وغيرها، وبانتظار كامل تفاصيل القرار لبناء فكرة دقيقة عن حيثيات القرار، إلا أنه ثمة مسائل قد تسترعي اهتمام الجهات في السعودية. أولا أن الإعلان ـــ بـ 20 لغة ـــ تضمن خلاصة تشتمل على تفاصيل لا بأس بها، وسيتم نشر القرار كاملا مفصلا لتعزيز الشفافية من جهة وللمساهمة في نشر الوعي والفكر القانوني لدى المفوضية. ثانيا وجود عدد من التنظيمات الإجرائية القانونية الدقيقة المنشورة للخاضعين لها وللمهتمين والباحثين. والموضوع ذو شجون وله بقية ـــ إن شاء الله تعالى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي