تقرير دولي: سوق النفط تتجه نحو تحولات مهمة في 2018 بسبب طرح "أرامكو"

تقرير دولي: سوق النفط تتجه نحو تحولات مهمة في 2018 بسبب طرح "أرامكو"

أكد تقرير "بريكنج إنرجي" الدولي المعنى بصناعة النفط الخام أن العام المقبل 2018 سيشهد تغيرات مهمة من المرجح أن تكون لها انعكاسات إيجابية على سوق النفط وفي مقدمتها الانتخابات الروسية التي سيكون تأثيرها واسعا في السوق في ضوء الشراكة الواسعة التى تم تدشينها أخيرا بين المنتجين في "أوبك" بقيادة السعودية والمنتجين من خارجها بقيادة روسيا.
وقال التقرير إن العام المقبل سيشهد حدثا عالميا تنتظره أسواق المال حول العالم وهو طرح عملاق النفط السعودي "أرامكو" للاكتتاب العام في نسبة 5 في المائة، مضيفا أن إنجاح التأثير الإيجابي للحدثين الكبيرين يتطلب قدرا عال من الشفافية والموضوعية.
ونوه التقرير إلى أن "أوبك" تكثف جهودها حاليا لحماية أسعار النفط من الانزلاق فيفخ التهاوي تحت تأثير زيادة الإنتاج الأمريكي بصفة خاصة معتبرا أن تجديد دول منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" التزامها بتحقيق هذا الهدف عن طريق تمديد تخفيضات الإنتاج لمدة تسعة أشهر إضافية ستتضح تأثيراته تدريجيا وبشكل ربما يكون أبطأ من المتوقع في السابق.
وأشار "بريكنج إنرجي" إلى أن أحد الأدوات الفاعلة التى لجأت اليها "أوبك" روسيا هى دعوة مجموعة من اللاعبين الأصغر حجما في سوق إنتاج النفط من أجل الانضمام إلى الاتفاقية.
في سياق متصل، مالت أسعار النفط في مستهل الأسبوع الحالي إلى الحفاظ على مكاسب سعرية محدودة في ضوء تعافي الأسعار نسبيا من انخفاضات قياسية سابقة ولكن يبقى السوق تحت ضغوط المخاوف بسبب حالة تخمة المعروض المتفاقمة في الأسواق.
ويتطلع السوق الى تخفيضات أعمق توصى بها اللجنة الوزراية لمراقبة اتفاق خفض الإنتاج خلال اجتماعها في مدينة سان بطرسبرج الروسية يوم 24 يوليو المقبل وذلك بعدما تمكنت زيادة الإنتاج في داخل "أوبك" وخارجها من تبديد تأثيرات التخفيضات السابقة وقدرها 1.8 مليون برميل يوميا على الرغم من ارتفاع نسبة الالتزام بها إلى 106 في المائة، بحسب أحدث تقييمات منظمة "أوبك".
وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" للاستشارات المالية، أن انخفاض الأسعار إلى أدنى مستوى في عشرة أشهر له تأثيرات سلبية في السوق وعلى عجلة الاستثمار خاصة أن الأسعار تدور حاليا حول 45 دولارا للبرميل أو أقل وهو يتصادم مع طموحات المنتجين في دفع الأسعار إلى مستويات ملائمة سواء لاقتصاديات الدولة المنتجة أو المستثمرين وحتى المستهلكين.
وتوقع نوبل أن تواصل "أوبك" التمسك باتفاق خفض الإنتاج على الرغم من أنه خفض إنتاجها قاد إلى طفرة مقابلة في إنتاج النفط الصخري الأمريكي وفي إنتاج عدة دول أخرى سواء من المعفاة داخل "أوبك" أو المنتجين المستقلين من خارجها.
وقال نوبل إن انخفاض الأسعار بنحو 15 في المائة منذ فبراير الماضي هو تراجع يصنف ضمن التراجعات الحادة والقياسية، مشيرا إلى أن "أوبك" مازالت متمسكة برؤية تفاؤلية للسوق وتسعى دوما لبث الثقة بين الأطراف المعنية من خلال تأكيدات على تعافي السوق بشكل ملموس قبل نهاية العام في ضوء توقعات بانحسار فائض المخزونات وهو ما يحتل اهتماما كبيرا من جهود "أوبك".
من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، إن تخمة المعروض تثقل كاهل السوق وتحول دون تعافي الأسعار، مشيرا إلى أن إنتاج ليبيا على سبيل المثال ارتفع إلى 900 ألف برميل يوميا ومن المخطط أن يتجاوز المليون الشهر المقبل كما أن الإنتاج الأمريكي زاد 10 في المائة منذ التوصل إلى اتفاق فيينا وبدء تطبيقه مطلع العام الجاري وارتفع الإنتاج إلى أكثر من تسعة ملايين برميل يوميا.
ونوه ماندرا إلى أن المحصلة هى صعوبة الخروج من نفق تخمة المعروض في المرحلة الحالية وبعد أن ظلت الأسعار نحو 50 دولارا للبرميل لعدة شهور متتالية تتجه التوقعات نحو تسجيلها مستوى 40 دولارا خلال أسابيع قليلة مشيرا إلى ضرورة أن يعدل المنتجون الأمريكيون عن سياسات الإنتاج بأقصى قدرات منتجة ويدركوا حجم ما يمثلوه من ضغوط كبيرة على الأسعار سترتد إليهم مرة ثانية خاصة في ضوء توقعات توسعهم في الإنتاج من مناطق عالية التكلفة.
ومن ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللى شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن "أوبك" تحاول خفض 1.8 مليون برميل يوميا أي نحو 2 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي للنفط وتأمل في إعادة تشكيل السوق ودفعه للاستقرار بهذا الخفض ولكن لم يتحقق الهدف حتى الآن بسبب ضعف مستويات الطلب.
وأضاف كروج أن الولايات المتحدة والصين يعدان اكبر مستهلكين للنفط في العالم باستهلاك أكثر من 30 مليون برميل من النفط يوميا، مشيرا إلى أن هذا المستوى الكبير من الاستهلاك هو تقريبا يوازي إجمالي ما تنتجه جميع دول منظمة "أوبك" مجتمعة.
وأشار كروج إلى أن معظم الاستهلاك الأمريكي وهو ما يقرب من 20 مليون برميل يوميا من النفط يتم توفيره إما من خلال إنتاجها المحلي أو من قبل جيرانها، وخاصة كندا و المكسيك بينما تعتبر الصين من أكبر عملاء "أوبك" وروسيا.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد ارتفعت أسعار النفط للجلسة الرابعة على التوالي مع اتجاه المستثمرين لتغطية مراكز مدينة على الرغم من المخاوف بشأن استمرار التخمة في المعروض في الأسواق العالمية.
وبحسب "رويترز"، فقد زاد خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 35 سنتا أو ما يعادل 0.7 في المائة إلى 46.18 دولار للبرميل، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 30 سنتا أو 0.7 في المائة في العقود الآجلة إلى 43.68 دولار للبرميل.
وتعني هذه المكاسب أن السوق مرتفعة قليلا منذ بداية هذا الأسبوع بعد أن ظلت منخفضة خلال معظم الفترات في الشهر الماضي، وتحاول منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وشركاء لها تقليص تخمة المعروض في أسواق الخام العالمية من خلال خفض الإنتاج. واتفقت دول المنظمة مع 11 من المصدرين من خارجها في أيار(مايو) على تمديد خفض للإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا حتى نهاية آذار(مارس) 2018.
وعلى الرغم من خفض الإنتاج الذي بدأ في كانون الثاني (يناير) ما زالت الأسواق فيها إمدادات وفيرة نتيجة لزيادة الإنتاج في أماكن أخرى، وارتفع إنتاج النفط الصخري الأمريكي بنحو عشرة في المائة منذ العام الماضي إلى 9.4 مليون برميل يوميا وبلغ عدد منصات الحفر النفطية الأمريكية العاملة أعلى مستوى في أكثر من ثلاث سنوات.

الأكثر قراءة