جنون الحديث مع الجمادات

هل سبق أن تحدثت مع حاسبك الشخصي ورجوته أن يعمل بعد توقفه فجأة أو أن يعيد لك بعض المعلومات والصفحات التي فقدتها؟!
أو هل ناديت جوالك وتوسلت إليه أن يعود لك بعد أن فقدته وهو على وضع صامت؟ وهل سبق أن أغلق عليك باب ووقفت تحدثه ألا يطيل مزحه معك وأن ينفتح؟، وما حالك مع نباتاتك المنزلية التي آلمها حر الصيف وبدأت أوراقها تذبل هل دللتها وحادثتها وحملتها إلى مكان بارد؟!
قد يقول البعض إن هذا ضرب من الجنون أو طريق إليه! إن من جرب التحدث إلى أغراضه والجمادات من حوله أو الكائنات الصامتة سيعرف معنى ذلك ومقدار السعادة والألفة التي تشيعها في المكان من حولك!
ولكن ما رأي العلم في ذلك؟ هل سيؤكد ما يظنه أصحابك من أن ضغط العمل وظروفك الاجتماعية قد أثرا في قواك العقلية وبدأت تتحدث مع الجمادات؟!
إليك المفاجأة على لسان نيكولاس إيبلي، عالم السلوك في جامعة شيكاغو، حيث يقول: إن إعطاء صبغة إنسانية للأشياء والكائنات غير الإنسانية تصرّف طبيعي يدل على ذكاء أعلى لدى البشر من غيرهم من الكائنات الأخرى!
وأكد نيكولاس أن كثيرا من الناس يقومون بها بشكل أوسع مما يعتقدون ودون أن يلحظوا ذلك، فكثير منا يوجّهون الشتائم إلى سياراتهم ويتغزلون في فنجال قهوة، ويصفون الطقس بأنه غاضب، كما يطلق البشر على الأعاصير والعواصف والفيضانات أسماء بشرية، وكلها تؤدي إلى منح الأشياء غير الحية أو غير البشرية خصائص البشر!
أحد أسباب هذه الظاهرة هو قدرتنا كبشر على رؤية وجوه في كثير من الأشياء وفي كل مكان! مثل النباتات والجمادات، وهي إحدى القدرات التي يتميز بها الجنس البشري لتدخل في حيز الأسباب التي تجعله الكائن الأكثر ذكاء وتميزا على وجه الأرض. فنحن مبرمجون على رؤية وجوه في كل شيء حولنا كما نميل للتفكير في كل ما نحبه على أن لديه عقلا يستطيع التفكير.
قامت جامعة نيوكاسل بتجربة طريفة حين رسمت أعينا على ملصق جدار كافيتيريا الجامعة لتجد أن ذلك قلل من ترك الطلاب المكان متسخا كما قلل من درجة الفوضى في المكان!
إن وجود عيون مرسومة على أي جماد قد تخدع الدماغ ليظن أن هناك عقلا وراءه شخص يستطيع التفكير، مثل ما فعل الممثل توم هانكس في فيلمه الشهير مع الكرة حين رسم لها أعينا وأخذ يتحدث إليها ككائن حي طوال سنين بقائه في الجزيرة وارتبط بها بشكل قوي كصديق من لحم ودم، هل نحن مجانين؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي