تصريحات تميم امتداد لسياسة «الوجه والوجه الآخر»

تصريحات تميم امتداد لسياسة «الوجه والوجه الآخر»

لطالما كان الإعلام السعودي هادئا ومغلبا الحكمة تجاه إساءات طويلة ومتواصلة من قبل جهات إعلامية محسوبة على دولة قطر؛ إما بشكل مباشر كقناة "الجزيرة" وضيوفها تحت شعار "الرأي والرأي الآخر"، أو غيرها من المواقع والقنوات المحسوبة على الدوحة بشكل لا يخفى على من يحمل أبجديات الخطاب الإعلامي وتوجهاته. إلا أن للصبر الإعلامي حدود قد تفجرها التصريحات الرسمية اللامسؤولة، وهو ما ظهر جليا تجاه تصريحات الأمير تميم الأخيرة عبر الوكالة الرسمية للبلاد. امتدادا لسياسة "الوجه والوجه الآخر" التي امتهنتها دولة قطر، والتي عانت منها دول الخليج خصوصا والمنطقة بوجه عام. لأكثر من ستة أعوام حصيلتها "خراب" عربي وانتشار غير مسبوق للميليشيات والجماعات الإرهابية.
سياسة "التغريد" خارج سرب البيت الخليجي إعلاميا وسياسيا هو ما دأبت عليه الدوحة، رغم توقيعها على كثير من الاتفاقيات التي تصب في وحدة البيت الخليجي وتماسكه. لتأتي "تصريحات تميم" الأخيرة بوقوفها في صف الإرهاب الإيراني وميليشياته صادمة للجميع. فإعلان الرياض المنبثق عن القمة العربية ــ الإسلامية ــ الأمريكية لم يجف حبره بعد.
حيث كانت قمة الرياض بالنسبة للجميع اجتماعا وإجماعا تاريخيا غير مسبوق بحضور الدولة الأقوى في العالم، فيما يحسب تنظيمه لدبلوماسية الرياض والتعاون الخليجي المشترك، ومع ذلك تتجاهله الذراع الإعلامية للدوحة مع تغطية غير مفهومة لانتخابات طهران. إضافة لإساءات مقصودة ومباشرة لهذا المحفل من قبل قنوات إعلامية أخرى معروفة الأجندة والتمويل.
وعلى ذلك يمكن قياس كثير من التوجهات السياسية والإعلامية الماضية للدوحة المحابية، بل المستضيفة في مناسبات عديدة جماعات وقيادات محظورة، مع شهرة عالمية في القدرة على مقايضة المختطفين المدنيين وإخلاء سبيلهم مقابل فديات مثلّت العصب الأقوى لتمويل كثير من الجماعات المتطرفة.
لتتوج هذه السياسات المستفزة والممولة للإرهاب أخيرا بتصريحات تميم الفجة في حق دول الجوار والمنطقة، كجزاء مجحف في حق سنوات من سياسات التأني والاحتواء التي تمثلتها دول التعاون، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
ومع هذه المحاباة الواضحة والمستمرة لإيران وميليشياتها كحزب الله والقاعدة في المنطقة من قبل الدوحة، مع مجافاة واضحة لسبل لم الشمل والوحدة، تأتي الغضبة الإعلامية، فضلا عن القرارات السعودية والخليجية الأخيرة بحجب المواقع الإعلامية التابعة في إطارها المعقول كردة فعل طبيعية لا يمكن تبريرها بادعاء خروقات إلكترونية لا تليق بمواقع حكومية سيادية متنوعة ومتعددة.
ولكنها سياسة الوجه والوجه الآخر التي تريد الدوحة من دول التعاون والمنطقة، بل العالم جميعه، تجاوز زلاتها كل مرة، بحثا عن دور سياسي ضيق تظن بأهميته. حتى ولو كان ذلك على حساب الوفاق الخليجي والسلم العالمي.
يبقى أن ما قبل إعلان الرياض والقمة العربية الإسلامية الأمريكية تاريخ وما بعده تاريخ آخر تماما لا يقبل أنصاف الحلول. وهذا ما يجعل الرياض بوضعها القيادي ونموذجها المعتدل لا تنظر إلا لما هو بعده من إنجاز على الجميع الإسهام فيه لدحر الإرهاب ومن يرعاه أو يموله، ودائما بمعونة المجتمع الدولي ومحبي السلام حول العالم.

الأكثر قراءة