بين السعودية وأمريكا .. أبناء يتشاركون العلم والأمل

بين السعودية وأمريكا .. أبناء يتشاركون العلم والأمل
بين السعودية وأمريكا .. أبناء يتشاركون العلم والأمل

ليس هناك أقوى من "العلاقات الإنسانية" لتعزيز أواصر المحبة بين بلدين، فكيف هو الحال إذا كان لب هذه العلاقات وأساسها شبابا في مقتبل العمر والعمل يتشاركون يوميا العلم والحلم والأمل بين أروقة صف دراسي، وبين دفتي كتاب منهجي؟ هو بلا شك ضمان لديمومة العلاقة ولتوطيدها حاضرا ومستقبلا.
ضمان لا يقف عند حدود التبادل المعرفي بين شباب بلدين من الجيل ذاته، بل يتعداه ليلامس قلوب الأهالي الذين يستقبلون فرحة قبول ابنهم أو ابنتهم في جامعة أمريكية على وجه التحديد بكثير من الثقة بمسار أكاديمي أرفع، والأهم بشعور نفسي باعث على الاطمئنان رغم بعد المسافة بين البلدين، التي تكاد تكون الأطول بين بلدان الابتعاث المتاحة.
ولكنها كما يدرك الجميع الثقة بأريحية الشعب الأمريكي وتنوعه الثقافي والعرقي هي التي تعطي الأهالي السعوديين وأبنائهم المبتعثين جرعات عالية من الاطمئنان المقاوم لأعراض الغربة والاغتراب في هذه البلاد، وعلى امتداد رقعتها الجغرافية الغنية بجامعات متفوقة في مجالاتها العلمية والتطبيقية.
ليشكل هؤلاء المبتعثون رصيدا مستقبليا حيا وحيويا يضاف لرصيد العلاقة التاريخية بين البلدين. حيث الشعب الأمريكي بطبعه مفتخ وشغوف بمعرفة حضارات الشعوب الأخرى. وفي المقابل الشعب السعودي ممثلا في شبابه المبتعث ودود ومقدر للشعوب التي تميل للتواصل دون تكلف أو تجهم يمكن ملاحظته في بلدان غربية وشرقية أخرى. بينما يندر ملاحظته على الشعب الأمريكي المتعدد والمتنوع وهذا الأمر مثار إعزاز وتقدير لدى الشعب السعودي.
حيث تشير الإحصائيات الأخيرة إلى تقدم الولایات المتحدة الأمریكیة دول العالم في استقبال المبتعثین السعودیین ضمن برنامج خادم الحرمین الشریفین للابتعاث الخارجي، بنسبة 30 في المائة، تلتها بریطانیا بنسبة 15 في المائة، ثم كندا بـنسبة 11 في المائة، فأسترالیا بنسبة 8 في المائة، مسجلة أكثر من 84 ألف مبتعث ومبتعثة، في حین بلغ عدد من التحقوا كأول بعثة طلابیة سعودیة إلى أمریكا عام 1947م 30 طالب درسوا في جامعة تكساس الأمریكیة الحكومیة.
بينما یبلغ إجمالي الدارسین السعودیین في الجامعات الأمریكیة أكثر من 125 ألفا من المبتعثین والمبتعثات ومرافقیهم، والدارسین على حسابهم الخاص، والموظفین المبتعثین، للاستفادة من الخبرات العلمیة التي تزخر بها الجامعات العریقة في الولايات المتحدة الأمريكية.
فيما أسهم الوجود الكبیر لمبتعثینا في مختلف أرجاء العالم في ارتفاع نسبة التعلم والمعرفة، وزیادة التواصل والتفاهم بین المملكة وغیرها من شعوب الدول التي یبتعث الطلاب إلیها، وعلى رأسها أمريكا، بجانب تحقیق قفزة نوعیة في دور هؤلاء الطلاب كرموز ثقافیة وسفراء حقیقیین یعبرون عن الوجه الحقیقي للمملكة.
ويتواصل تميز الطلاب السعوديين في ظل هذه الرعایة والأجواء المستقرة المحفزة ليسجل مبتعثي أمریكا فقط ما یربو على 200 طلب براءة اختراع، اعتمد منها 133 براءة، من بینها 25 براءة في مجال الكیمیاء، و108 في مجالات الهندسة الكهربائیة والمیكانیكیة، فضلا عن تمیز معظمهم في عدد من التخصصات العلمیة النادرة في الجامعات الأمریكیة العریقة.
ولأن التثاقف والتعلم عملية متبادلة ولا تقف عند بلد أو عرق فقد التزمت المملكة العربية السعودية - كما تؤكد المؤشرات العلمیة - لتصبح من أكبر 20 دولة في العالم تؤسس لكراسي بحثیة في الجامعات الأمریكیة طوال الخمس والعشرین سنة الماضیة، ویأتي حجم الهبات التي تقدمها في المرتبة الثالثة بعد الیابان وسویسرا.
يبقى أن هؤلاء الأبناء هم ثروة الحاضر وأمل المستقبل بالنسبة لكلا البلدين، لذلك فإن الاستثمار فيهم - وهم المورد الأغلى - هو استثمار يمتد ليشمل تنمية وتقوية العلاقة بين البلدين الصديقين. التي تعيش هذه الأيام مع زيارة الرئيس ترمب أوج عطائها وثقتها.