البئر رقم «7» .. نقطة الانطلاق في التعاون النفطي السعودي - الأمريكي

البئر رقم «7» .. نقطة الانطلاق في التعاون النفطي السعودي - الأمريكي
البئر رقم «7» .. نقطة الانطلاق في التعاون النفطي السعودي - الأمريكي
البئر رقم «7» .. نقطة الانطلاق في التعاون النفطي السعودي - الأمريكي

تحتل ملفات الطاقة أهمية خاصة على أجندة عمل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خلال زيارته للسعودية خاصة أن ترمب – وبحسب خلفيته كرجل أعمال واقتصادي بارز – يعطي تركيزا أكبر للتعاون السعودي الأمريكي في مجال الطاقة خاصة استثمارات النفط الخام، خاصة بعدما أطلق الرئيس الأمريكي العنان لأنشطة التنقيب والإنتاج في مناطق عديدة برية وبحرية في الولايات المتحدة كانت محظورة في عهد الإدارة الأمريكية السابقة بسبب مخاوف التغير المناخى.
وبحسب تأكيدات الرئيس الأمريكي فإن عينيه تتجهان بقوة نحو زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة وتجيء العوامل البيئية والالتزامات الخاصة باتفاق باريس لمكافحة التغير المناخي في مرتبة تالية من الأهمية.
ويتوقع المراقبون النفطيون أن تتطرق المباحثات السعودية الأمريكية إلى مناقشة حديث السوق حاليا وهو أسعار النفط إضافة إلى التطرق لمناقشة قرب طرح أسهم شركة "أرامكو" السعودية للاكتتاب العام في أسواق المال الأمريكية منوهين إلى أن ترمب وإدارته يدعمون هذه الخطوة، ويرون في طرح "أرامكو" للاكتتاب العام خطوة في مجال تعزيز العلاقات الثنائية في مجال الطاقة حيث يرجح البعض أن شركات أمريكية ستكون حريصة على شراء أسهم في الحصة المطروحة من "أرامكو" وفي مقدمتها "إكسون موبيل".
ويتوقع المراقبون أن تسهم زيارة ترمب للسعودية في تحسن علاقة منظمة أوبك بالمنتجين الأمريكيين الذين يكثفون الجهود للاستفادة من تخفيضات الإنتاج عن طريق زيادة امداداتهم بما قد يعطل جهود "أوبك" في استعادة التوازن المنشود في السوق.
في سياق متصل، أكد تقرير "أويل برايس" على أهمية مصفاة بورت آرثر العملاقة التي استحوذت عليها السعودية أخيرا التي تعتبر جوهرة التاج في أسطول مصافي التكرير في الولايات المتحدة بقدرة على التقطير تبلغ 603 ملايين برميل يوميا مشيرا إلى أن هذه المصفاة العملاقة هي بالفعل أكبر مصفاة في الولايات المتحدة، وقد نجحت "أرامكو" في الاستحواذ عليها اعتبارا من أول أيار (مايو) الحالي بنسبة 100 في المائة.
وأضاف التقرير أنه بموجب الصفقة لم يقتصر الأمر على الاستحواذ على المصفاة العملاقة بل انتقلت إلى "أرامكو" أيضا ملكية عدد من محطات التوزيع وحقوق لبيع بنزين شل في عدد من ولايات الساحل الشرقي والنصف الشرقي من ولاية تكساس مشيرا إلى أن هذه الخطوة تعتبر تطورا مهما بالنسبة لعملاق النفط السعودي.
ولفت التقرير إلى أن "أرامكو" تمتلك الآن ما يقرب من 300 مليون برميل يوميا إضافية في طاقة التكرير المحلي في الولايات المتحدة وهذا يعني أن السعودية لديها الآن القدرة على تصدير المزيد من نفطها الخام لتلبية احتياجات أسطول التكرير في الولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن الرياض اكتسبت مساحة أكبر في السوق الأمريكي الذي يتزايد اعتماده على الخام السعودي حيث من الصعب استبدال واردات النفط السعودية بسبب الالتزامات التعاقدية وبموجب حصص الملكية الأجنبية في المصافي المتفق عليها مسبقا.
وذكر التقرير أن السعودية هي ثاني أكبر مصدر كبير للنفط إلى الأسواق الأمريكية، حيث تحتل كندا المركز الأول وأنها تحافظ على مكانتها في الأسواق الأمريكية وتعزز وجودها.
من جانبه، أفاد التقرير الأمريكي "موني إنترناشونال" أنه مع حدوث تحول واضح وجذري في أسواق الطاقة العالمية، فقد فرض الأمر تطوير علاقات التعاون السعودية الأمريكية في مجال الطاقة لتكون أكثر فاعلية وتأثيرا.
وأضاف التقرير أن السعودية تبذل جهودا واسعة ومخلصة لتقليل الاعتماد على النفط، ولكن النفط سيظل المصدر الأول للوقود في العالم لعقود مقبلة وتوليه الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترمب أهمية خاصة وتعزز الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي مشيرا إلى أن السعودية ما زالت تعتمد على صناعة النفط التي تشكل ما يقرب من نصف ناتجها المحلي الإجمالي.
وأوضح التقرير أن أسعار النفط تتجه حاليا إلى التعافى التدريجي بعد اتفاق "أوبك" والمستقلين على الحد من الإنتاج، حيث خفضت السعودية بصفة خاصة أكثر من حصتها المعلنة، ولكن ذلك في المقابل شجع المنتجين الأمريكيين مرة أخرى على العودة إلى العمل ويترقب المستثمرون الخطوة التالية لمنتجى أوبك والمستقلين هذا الشهر.
وبحسب التقرير الأمريكي فإن العلاقات النفطية السعودية الأمريكية ليست فقط علاقات تنافس بين منتجين وإنما السعودية تنظر إلى السوق الأمريكي كسوق مستورد مهم ويهمها أن تبقى حصتها قوية ومتنامية في تصدير النفط إلى الولايات المتحدة إلى جانب ضرورة التغلب على الصعوبات الاخيرة والطارئة في العلاقات التجارية النفطية.
ونوه التقرير إلى أنه بسبب وفرة الإنتاج النفطي الصخرى في الولايات المتحدة اتجه الطلب على استيراد النفط إلى التقلص في السنوات الأخيرة حيث استوردت الولايات المتحدة ما يزيد قليلا على مليون برميل يوميا من النفط السعودي في كانون الأول (ديسمبر) 2016 مقارنة بمستوى أعلى في نيسان (أبريل) 2014 بلغ نحو 1.6 مليون برميل يوميا، وذلك وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
من ناحية أخرى فإنه من المعروف أن حقل الغوار من الحقول العتيقة في السعودية التى يتم تطويرها بالتعاون مع خبرة الجانب الأمريكي، وأوضح تقرير "ريسيلانس" أن حقل الغوار من أهم وأكبر حقول النفط في العالم، مشيرا إلى وجود أربعة حقول للنفط فقط في العالم تنتج أكثر من مليون برميل يوميا في مقدمتها حقل الغوار الذي ينتج نحو 5.4 مليون برميل يوميا، ثم حقل "كاناريل" في المكسيك الذي ينتج ما يقرب من مليوني برميل يوميا، ثم حقل البرقان في الكويت الذي ينتج مليون برميل يوميا، وحقل تشينج في الصين الذي ينتج مليون برميل يوميا.
واعتبر التقرير أن حقل الغوار نموذج للتعاون السعودي الأمريكي وهو مهم للغاية بالنسبة للاقتصاد العالمي ورفاهيته مشيرا إلى أن حقل الغوار تم بدء الإنتاج منه في عام 1951 وبحلول عام 1981 ارتفع مستوى إنتاجه إلى 5.7 مليون برميل يوميا، وكان إنتاجه محدود نسبيا خلال الثمانينيات، ولكن بحلول عام 1996 تم إضافة منطقتين أخريين في منطقة الغوار الجنوبية وارتفع الإنتاج إلى أكثر من 5 ملايين يوميا.
يذكر أن قصة اكتشاف البترول في المملكة بدأت حين وقع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن في 29 أيار (مايو) من عام 1933 اتفاقية الامتياز للتنقيب عن البترول بين حكومة المملكة وشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال)، وفي 8 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه تم إنشاء شركة تابعة هي شركة كاليفورنيا أريبيان ستاندرد أويل كومباني (كاسوك) لإدارة الامتياز، وتمت عملية المسح بإعداد خريطة هيكلية لقبة الدمام، موقع اكتشاف أول حقل نفطي في المملكة، واعتمد الجيولوجيون الأمريكيون الأوائل على البدو لإرشادهم من مكان إلى آخر، في عام 1935 تم حفر أول بئر اختبارية في الظهران في قبة الدمام التي لم تأت نتائجها محققة للتطلعات، ولكن لأن الدلائل كانت تشير إلى وجود الزيت والغاز، فقد استمرت الشركة في الحفر، وبعد خمس سنوات من الحفر غير المثمر، بدا أن بئر الدمام رقم 7 ليست سوى طريق مسدود آخر، وفي 4 آذار (مارس) من عام 1938 بدأت بئر الدمام رقم 7 إنتاج 1.585 برميل في اليوم على عمق 1.5 كيلومتر تقريبا.
في سياق آخر، ذكرت بيانات لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي أن شركات الطاقة الأمريكية حافظت على مصالحها التجارية في السعودية خاصة شركات شيفرون، وداو للكيماويات، وإكسون موبيل، الذين يواصلون حتى الآن المشاركة في مشاريع التكرير والبتروكيماويات.
ونوه التقرير إلى أنه وفقا لمبادرة بيانات المنظمات المشتركة التي تجمع معلومات عن إنتاج الطاقة العالمي فإن حجم إنتاج المملكة من الطاقة يعطيها تأثيرا كبيرا في أسواق الطاقة وأن التعاون السعودي الأمريكي في مجال الطاقة كان وسيظل حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأمريكية لعقود.
وفيما يتعلق بتوقعات المحللين لنتائج زيارة ترمب للسعودية، قال رالف فالتمان المحلل بمجموعة "إكسبرو" للخدمات النفطية، أن الزيارة تجيء في توقيت دقيق ومهم للبلدين وكونها أول زيارة خارجية لترمب يعطيها أهمية كبيرة وتعكس مكانة السعودية الرفيعة على أجندة العلاقات الخارجية الأمريكية.
وأشار فالتمان إلى أن ملفات قضايا الطاقة ستحتل أهمية كبيرة خلال المباحثات السعودية الأمريكية التي ستتناول الكثير من الشؤون السياسية وقضايا التعاون الاقتصادي متمنيا أن تسفر الزيارة عن تفاهمات جديدة تدعم استقرار سوق النفط وتهدئ التجاذبات في السوق بين جهود أوبك مقابل نشاط النفط الصخري الأمريكي.
من جانبه، أوضح أرنود كارايون المختص الاقتصادي الدولي، أن المحادثات السعودية الأمريكية من المتوقع أن تركز حثيثا على تطوير علاقات التعاون في مجال الطاقة خاصة بعد تقلص واردات الولايات المتحدة بسبب ثورة النفط الصخري الزيتي ومحاولات أمريكا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من النفط.
وأشار كارايون إلى أنه منذ عام 2014 تراجعت أسعار النفط على نحو واسع بسبب ما سمي بثورة النفط الصخري الأمريكي وهو ما أدى لزيادة التحديات التي تواجه المنتجين التقليديين، مستذكرا انخفاض صادرات النفط السعودية إلى الولايات المتحدة بأكثر من 50 في المائة في الفترة من نيسان (أبريل) إلى كانون الأول (ديسمبر) 2014 خاصة بعد تراجع الأسعار إلى أقل من 27 دولارا للبرميل أوائل عام 2016.
من ناحيته، يقول ألان ماتيفاود مدير الأبحاث في شركة "شل" العالمية للطاقة، إن المباحثات السعودية الأمريكية في مجال الطاقة على الأرجح ستعطى دفعة لجهود موازنة سوق النفط وسبل تحفيز السوق للوصول إلى السعر العادل للمنتجين والمستهلكين.
وأضاف ماتيفاود أن عودة الأسعار المرتفعة نسبيا بعد تقليص المنتجين التقليديين لإنتاجهم بقيادة السعودية وروسيا ساعدت على تحفيز الاستثمار في النفط الأمريكي الضيق وهو ما يتطلب مزيدا من التنسيق للعبور بالسوق من هذه المرحلة وتحقيق الاستقرار المنشود ولن يتحقق ذلك دون تنسيق أوسع بين "أوبك" والولايات المتحدة وهو ما نأمل أن نراه من نتائج لهذه الزيارة.

الأكثر قراءة