انتخابات فرنسا قد تغيّر وجه أوروبا الاقتصادي

انتخابات فرنسا قد تغيّر وجه أوروبا الاقتصادي

بدأ الناخبون الفرنسيون صباح أمس الإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية قد تغير وجه أوروبا السياسي والاقتصادي على حد سواء.
ويأمل أربعة مرشحين بارزين، يمثلون الطيف السياسي ابتداء من اليمين المتشدد إلى اليسار المتطرف، أن يقودهم التصويت إلى الجولة الثانية الحاسمة من الانتخابات والتي ستعقد في السابع من أيار (مايو) المقبل.
وبحسب "الألمانية"، فقد وضعت استطلاعات الرأي الأخيرة المرشحين الأربعة في نطاق قريب من بعضهم بعضا، ما يجعل التنبؤ بنتائج التصويت مهمة في غاية الصعوبة، ومن بين المرشحين الأربعة زعيمة اليمين المتشدد مارين لوبان التي تعهدت، حال فوزها، بانسحاب فرنسا من منطقة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) وإجراء استفتاء حول الخروج من الاتحاد الأوروبي ووقف جميع أشكال الهجرة.
وتعهد اليساري الراديكالي جان لوك ميلينشون بإعادة التفاوض على معاهدات الاتحاد الأوروبي التي ترسخ سياسات السوق الحرة، أو التوقف عن تطبيقها من جانب واحد، في حال فشله في إعادة التفاوض.
وعلى النقيض، يريد المرشح المنتمي إلى تيار الوسط إيمانويل ماكرون، الليبرالي الاجتماعي والاقتصادي الأوفر حظا في استطلاعات الرأي، تعزيز الروابط مع منطقة اليورو.
أما المرشح المحافظ فرانسوا فيون فيؤيد الاتحاد الأوروبي، وقد تعهد بشطب نصف مليون وظيفة من القطاع العام وخفض الضرائب على أصحاب الأعمال واشتراكات الضمان الاجتماعي.
وسيتخذ قرابة 47 مليون ناخب قرارهم في ظل إجراءات أمنية مشددة للاختيار من بين مرشح جديد على الساحة السياسية موال لأوروبا يمثل تيار الوسط وآخر محافظ مخضرم تلاحقه الفضائح ويريد خفض الإنفاق العام ومرشح ثالث ينتمي لأقصى اليسار ويشكك في اليورو ومن معجبي الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو ومرشحة تعهدت بغلق الحدود والتخلي عن اليورو في سعيها لكي تصبح أول رئيسة لفرنسا.
ويترقب العالم النتيجة بقلق بوصفها مؤشرا على انحسار أو استمرار تصاعد المد الشعبوي الذي أدى لتصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي وانتخاب دونالد ترمب رئيسا للولايات المتحدة.
وإيمانويل ماكرون (39 عاما) المرشح الأوفر حظا في الجولة الأولى وفقا لاستطلاعات الرأي وهو مصرفي سابق ينتمي لتيار الوسط وأسس حزبه قبل عام واحد فقط كما يتوقع أن يتفوق على مرشحة أقصى اليمين زعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبان في جولة إعادة بين مرشحين اثنين في السابع من أيار (مايو).
وسيمثل فوز هذين المرشحين بأكبر نسبتين من التصويت اليوم الأحد تغييرا جذريا في المشهد السياسي لأن الجولة الثانية لن تشمل أي مرشح من الحزبين الرئيسيين اللذين يحكمان فرنسا منذ عقود.
وقال جيروم فوركيه من معهد إيفوب لاستطلاعات الرأي: "لن يكون الانقسام تقليديا بين اليسار واليمين بل صداما بين رؤيتين للعالم"، لكن فرص المرشح المحافظ فرانسوا فيون تتحسن بعض الشيء بعد أن لاحقته لشهور فضيحة وظائف وهمية كما ارتفعت نسب تأييد المرشح اليساري جان لوك ميلينشون في الأسابيع القليلة الماضية، ولكل من هؤلاء المرشحين الأربعة فرصة للتأهل لخوض جولة الإعادة.
ويتخلف المرشحون السبعة الآخرون كثيرا عن متصدري السباق الأربعة في استطلاعات الرأي ومن بينهم مرشح الحزب الاشتراكي الحاكم بنوا هامون واثنان من مؤيدي فكر الزعيم الماركسي ليون تروتسكي وثلاثة من القوميين وكاهن سابق أصبح نائبا ينتمي لتيار الوسط.
وقال مواطن يدعى بييريت بريفو (60 عاما) في باريس "لا أعرف على الإطلاق لمن سأصوت. إنها كارثة. سأذهب وأدلي بصوتي فقط لأنني يجب أن أفعل ذلك".
واحتمال إجراء جولة إعادة بين لوبان وميلينشون ليس السيناريو الأكثر ترجيحا لكنه يثير قلق المصرفيين والمستثمرين، وبينما يريد ماكرون تعزيز منطقة اليورو قالت لوبان لمؤيديها إن "الاتحاد الأوروبي سيموت".
وتريد لوبان العودة إلى الفرنك وإعادة تقويم الديون به وفرض ضرائب على الواردات ونبذ المعاهدات الدولية، ويريد ميلينشون أيضا إصلاح الاتحاد الأوروبي بشكل جذري وإجراء استفتاء بشأن الانسحاب منه.
وسيواجه كل من لوبان وميلينشون صعوبات في الانتخابات البرلمانية في حزيران (يونيو) للفوز بأغلبية من أجل تنفيذ مثل هذه الخطوات المتطرفة. لكن تنامي شعبيتهما يثير مخاوف المستثمرين وشركاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي على حد سواء.
وقال فولفجانج شيوبله وزير المالية الألماني: "ليس سرا أننا لن نهلل كثيرا إذا أسفرت النتيجة عن جولة ثانية بين لوبان وميلينشون" مضيفا أن الانتخابات تمثل خطرا على الاقتصاد العالمي.
وإذا فاز أي من ماكرون أو فيون فسيواجه كل منهما تحديات، فبالنسبة لماكرون سيكون السؤال المهم بشأن إمكانية فوزه بأغلبية في الانتخابات البرلمانية في حزيران (يونيو)، أما فيون، الذي من المرجح أن يواجه صعوبة أقل للحصول على أغلبية، فستلاحقه فضيحة اختلاس ينفي تورطه فيها.

الأكثر قراءة