المجلات الفاخرة تكيّف أوضاعها لمواجهة المنافسة الرقميّة
عندما أعلنت مجلة فوج البريطانية هذا الأسبوع تعيين إدوارد إنينفول كأول رجل يتولى رئاسة تحرير المجلة الأولى للمعايير في عالم الأزياء، التي يعود تاريخها إلى 100 عام، أعربت مراكز الأزياء في العالم عن ترحيبها بذلك.
غردت فانيسا فريدمان، كاتبة أزياء في صحيفة نيويورك تايمز، بأن "هذا سيحدث هزة واسعة نحو الأفضل"، فيما وصفه ألبرت ريد، الرئيس الجديد لدار إينينفول في "كونديه ناست" التي تنشر مجلات السلع الفاخرة، بأنه "يتسم بالرؤية".
من المرجح أن يحتاج إنينفول، مصمم الأزياء الذي يتمتع بعلاقات مع كبار الشخصيات ولديه مَلَكَة لوسائل الإعلام الاجتماعية، إلى إحضار كل اهتمامه الشهير بالتفاصيل عندما يتسلم زمام الأمور في آب (أغسطس) المقبل، من ألكساندرا شولمان التي خدمت لفترة طويلة.
سوق المجلات الفاخرة، التي هي منذ فترة طويلة ملاذ غني من الجيشان الذي يواجه بقية صناعة وسائل الإعلام المطبوعة، يمكن أن تكون على وشك مواجهة الرياح المعاكسة نفسها التي تضرب المجلات والصحف الأخرى.
يقول المحللون إن المجلات ذات الورق اللامع مثل فوج، وبازار من هاربر، وفانيتي فير، بدأت تشهد تحولا في القراء والمعلنين نحو منصات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت مثل "إنستاجرام" و"فيسبوك".
إنها تتعرض للأذى أيضا من قبل قوى خاصة بهذه الصناعة التي لطالما كانت تقدم لها الحماية.
شركات التجزئة مثل Net-a-Porter آخذة في الظهور كمنافسين جدد، حيث تعمل على دمج المحتوى والتجارة في مكان واحد، على نحو يطمس الخطوط القديمة بين التحرير والإعلان.
وهم يقدمون للمستهلكين المهتمين بالأزياء وسيلة مباشرة لشراء الملابس وغيرها من السلع الفاخرة على الإنترنت. استجابت مجلة فوج لذلك من خلال إنشاء موقع التجزئة الخاص بها على الإنترنت، Style.com. العلامات التجارية الفاخرة بما في ذلك لوي فويتون وببربري وبرادا، التي كان أصعب قرار بالنسبة إليها هو ما إذا كانت ستشتري خمس أو ست صفحات إعلانية متقابلة في عدد مجلة فوج لذلك الشهر، لديها الآن خيار أوسع بكثير في الوقت الذي تنتشر فيه المواقع الجديدة. تقوم العلامات التجارية أيضا بتطوير مواقعها الخاصة لمحاولة جذب الانتباه المباشر - والبيانات - لزبائنها.
يقول ريد، الذي سيتولى منصب العضو المنتدب لمجلة كونديه ناست بريطانيا من نيكولاس كولريدج هذا الصيف، إنه على الرغم من هذه المخاوف، لا يزال المعلنون والعلامات التجارية يعتبرون أن أن مجلة فوج ومجلات أخرى رائدة في السوق هي أساسية.
يتوقع ريد أنه "من المحتمل لعملاء الأزياء التركيز فقط على مواقع وسائل الإعلام الأقوى في المستقبل، أي التي لديها سلطة العلامة التجارية الحقيقية، والقدرات الرقمية والإبداع". ويضيف أن كثيرا من المجلات التي تصدرها مجموعات النشر الأمريكية ستضطر إلى "تحويل التركيز" من الطباعة إلى الرقمية في السنوات المقبلة.
انخفضت نسبة التداول في المملكة المتحدة لمجلات الموضة والأزياء النسائية بنسبة 5 في المائة على أساس سنوي في عام 2016، وفقا للأرقام الصادرة عن مكتب تدقيق التداول. وفي حين أن البعض، مثل Good Housekeeping وكوزموبوليتان، شهدت ارتفاعات قوية في المملكة المتحدة، مدفوعة جزئيا بالتوزيعات المجانية لأغراض الترويج، إلا أن معظم الشركات الأخرى كانت تنخفض بشكل مطرد.
بالنسبة لكثير من هذه المجلات، فإن فقدان القراء هو أقل قلقا من سوق الإعلانات المتغيرة، حيث كانت تحصل تقليديا على معظم عائداتها وأرباحها.
يقول دوجلاس ماكيب، المحلل في شركة إندرس للأبحاث الإعلامية: "من الصحيح تماما أن الإعلانات في المجلات الفاخرة في السوق صمدت بصورة أفضل بكثير مما حدث مع الإعلانات ككل.
ومع ذلك، من الصحيح أيضا أن الناشرين لتلك المجلات سيشعرون بالتوتر من أن بعض التحول الذي حدث في أجزاء أخرى من سوق الإعلانات من الطباعة إلى الرقمية، يمكن أن يحدث في المجلات الفاخرة أيضا". والبعض الآخر أقل حذرا. يقول محرر إحدى المجلات: "هناك كثير من المجلات، لذلك العلامات التجارية الفاخرة ببساطة لديها مزيد من الأماكن للذهاب إليها". ويضيف: "المبلغ نفسه من المال يجري نشره على جهات أكثر".
تشير البيانات الصادرة عن جمعية الإعلان، وهي هيئة الصناعة، إلى أن إيرادات الإعلانات في المملكة المتحدة للمجلات الاستهلاكية كان من المتوقع أن تنخفض إلى 320 مليون جنيه استرليني في عام 2016، أي بانخفاض 14 في المائة.
هناك تقرير من المقرر له أن يصدر خلال الأسبوع المقبل عن الإنفاق الإعلاني على السلع الفاخرة في المملكة المتحدة من قبل وكالة زينيث، التي تعمل في مجال تحليل البيانات، سيظهر أنه في حين أنه من المتوقع أن ينمو إجمالي الإنفاق على السلع الفاخرة من 590 مليون دولار إلى 624 مليون دولار بحلول عام 2018، إلا أن من المتوقع أن ينخفض الإنفاق في المجلات من 126 مليون دولار إلى 121 مليون دولار.
تتميز المواقع التابعة للعلامات التجارية نفسها بمضمون تحريري أعمق، في محاولة لتطوير رابط مباشر مع المستهلكين.
وفي الشهر المقبل، ستطلق شركة LVMH، التي تمتلك لوي فويتون، موقعها الخاص بالتجارة الإلكترونية للاستفادة من المبيعات السريعة النمو عبر الإنترنت للسلع الفاخرة والاستفادة من بيانات العملاء.
وقال خوسيه نيفيس، مؤسس فارفيتش، وهو بائع عبر الإنترنت للسلع الفاخرة، في مقابلة مع مجلة إكونوميست هذا الشهر إن العلامات التجارية التي أنشئت منذ عشر سنوات "لم تكن حتى تنظر إلى منصات الإنترنت على أنها متوافقة مع المنتجات الفاخرة".
الآن، بات تجار التجزئة على الإنترنت مثل Net-a-Porter، التي اندمجت مع شركة يوكس الإيطالية في عام 2015، تعمل على توظيف الصحافيين والمختصين بالموضة وإطلاق المجلات، الأمر الذي يأكل من حصة مجموعات النشر التقليدية.
تقول لوسي يومانز، رئيسة تحرير المجلة المطبوعة لموقع بورتر، إن قراءها البالغ عددهم 180 ألف شخص أقل قلقا بشأن الخطوط الفاصلة القديمة بين الإعلان والتحرير.
وتقول: "تغير العالم كثيرا - هناك مصادر كثيرة للإلهام. العلامات التجارية لديها طريقة للتفاعل مع الجمهور والمستهلكين بطريقة مختلفة".