رغم مخاطر الانتخابات المقبلة .. اقتصاد "القارة العجوز" لا يزال يتجه إلى القوة

رغم مخاطر الانتخابات المقبلة .. اقتصاد "القارة العجوز" لا يزال يتجه إلى القوة

على الرغم من أن الانتخابات المقبلة في هولندا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا تهدد في حصول الأحزاب الأوروبية الشعبوية المناهضة لأوروبا على مكاسب جديدة، إلا أن اقتصاد أوروبا لا يزال يتجه من قوة إلى قوة، والمرونة الاقتصادية للقارة القديمة يمكن أن تسفر عن قوة أكثر للاقتصاد من السياسة هذا العام، وفقا لما ذكره أحد أكبر المصارف السويسرية الذي توقع أن يكون للفرنك السويسري دور أهم في أوروبا للتخفيف من المخاطر السياسية.
وقال، ستيفان مونييه، رئيس قسم الاستثمارات في مصرف لومبارد اودييه، "إنه في الوقت الذي تركزت فيه الأنظار على الصراعات الداخلية في عام 2016 بما في ذلك "بريكسيت"، والاستفتاء في إيطاليا في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، فإن تقديرات المصرف تؤكد أن جميع الاقتصادات الـ 28 ستسجل نموا (إيطاليا ستنمو بنسبة 0.9 في المائة، أعلى معدل منذ 2010)".
وقال "إنه في الربع الأخير من عام 2016، تجاوز النمو الاقتصادي في منطقة اليورو النمو في الولايات المتحدة، وإنه لأول مرة منذ عقد من الزمن تقريبا، يتوقع أن تحقق أوروبا نموا في عامي 2017 و2018 أعلى من معدل السنوات الخمس الماضية. وإن معدل البطالة في أوروبا واصل انخفاضه في كانون الأول (ديسمبر)، وإن مؤشر الشراء في منطقة اليورو - يقيس التوقعات المستقبلية — قد بلغ أعلاه منذ سبع سنوات".
وقال رئيس الاستثمار في المصرف في تقرير، "إنه مع ذلك، ينبغي لأوروبا تحقيق نمو قوي لمعادلة النتائج السلبية التي يُمكن أن تنشأ نتيجة للمخاطر السياسية الكبيرة، خاصة أن هذا العام يحمل أربعة أحداث، على الأقل، شديدة الخطورة: الانتخابات الهولندية في آذار (مارس)، والانتخابات الرئاسية والبرلمانية الفرنسية في نيسان (أبريل) - حزيران (يونية)، واحتمال حصول انتخابات إيطالية خلال الصيف، والانتخابات الألمانية في أيلول (سبتمبر)".
وأضاف أنه "في جميع البلدان الأربعة تكمن مخاطر حصول الأحزاب الشعبوية المعادية لأوروبا أو اليورو على السلطة وانتهاجها سياسات تضر بالنمو، كما أن هناك مخاطر إجراء استفتاءين على ترك اليورو. وإذا ما حصل ذلك، فستكون له مخاطر سياسية كبيرة تعرض للخطر ليس فقط مستقبل العملة الأوربية الموحدة، لكن أيضا إمكانية توسيع نطاق المشروع الأوروبي".
وقال المصرف، "إنه في الوقت الذي نعترف فيه بأن هذه المخاطر "عالية التأثير"، لكن في رأينا أنها منخفضة نسبيا من ناحية احتمال حدوثها".
وأوضح أن الأحزاب المناوئة لأوروبا تحشد حالياً من من القلق والمخاوف ما نسبته 25-30 في المائة من الأصوات في فرنسا، وإيطاليا، وهولندا. لكن هيكل النظم السياسية في هذه البلدان "القائم على أساس التمثيل النسبي، أو جولات متعاقبة يتم خلالها خروج المرشحين المغلوبين في فرنسا" إنما يعني أننا نعتقد أن الأطراف المناوئة لأوروبا ستجد صعوبة في الوصول إلى السلطة.
وأضاف، أنه "حتى مع الظهور القوي لهذه الأحزاب في التصويتات المحلية، إلا أننا نلاحظ الآن جيداً أن المطالب المتزايدة لصنع تحالفات تناوئ الأحزاب المعارضة للكيان الاقتصادي الأوروبي، علاوة على الاعتراضات الشعبية على الاتجاهات المعادية لأوروبا التي أخذت تتسع نطاقا، ستخفف، كما هو مُرجَّح، من قوة تأثير هذه الأحزاب".
وقال المصرف "إنه في فرنسا، على سبيل المثال، حتى في حال انتصار مرشحة اليمين المتطرف، ماريان لوبن، المناوئة لأوروبا في انتخابات الرئاسة - وهو ما نوليه 20 في المائة فقط من الاحتمالية - فإن هذا الانتخاب سيتم تخفيفه من قِبل مجلس نيابي أكثر اعتدالا، حيث يكمن فيه صنع غالبية القرارات المتعلقة بالسياسات".
وأضاف، أن "القاعدة الأساس في تقدير المصرف تقوم على أنه لن يصعد حزب مناوئ أو متشكك في مستقبل أوروبا أو اليورو إلى السلطة، ثم يقوم بتنظيم استفتاء للخروج من أوروبا أو اليورو في عام 2017".
لكن "لومبارد أودييه" قال، "إن إيطاليا تبدو لنا بمثابة "الخطر الأكبر"، إذا ما أخذنا في الاعتبار إمكانية تصوُّر حصول تحالف بين "حركة قوية من خمس نجوم" مناوئة لأوروبا، مع طرف قوي آخر مناوئ لليورو، علاوة على أن الاقتصاد الإيطالي في حالة سيئة، والشعور الشعبي ضد اليورو قوي".
وقال، "نلاحظ أيضا أنه حتى لو تمكن الطرف المناوئ لليورو من الوصول إلى السلطة، فالغضب الشعبي، وانعدام الثقة يمكنهما مواصلة البناء ضد السياسات المناوئة لأوروبا خلال السنوات المقبلة. لكن في الوقت نفسه، تظل أزمة الديون اليونانية الجارية بمنزلة "استنزاف أبدي" يعمل على تقليص المشاعر المؤيدة لأوروبا واليورو".
وعن الأصول الأوربية، قال رئيس قسم الاستثمار في مصرف لومبارد أودييه "إن المصرف لا يزال يُلاحظ أن الأصول الأوروبية قد تم تسعيرها لتعكس مخاطر كبيرة".
وأوضح، أن الأسهم الأوروبية يتم تداولها حاليا "في عام 2017" نحو 14 مرة من تقديرات الأرباح، مقابل 18 مرة لنظيراتها في الولايات المتحدة، مضيفاً أنه "إذا ما أسفرت الانتخابات في أوروبا هذا العام عن نتائج حميدة، حسبما نعتقد، فستتم إزالة جزء كبير من خصم تقييم الأسهم في أوروبا.. وإذا ما أخذنا في الاعتبار البيئة الإيجابية للاقتصاد الكلي، والعائدات الإيجابية الحيوية، فإن المستوى الإجمالي لرأس المال سيبقى بعيداً عن المخاطر، مثلما هو عليه الآن دون تغيير".
وأوضح المصرف، أن الفرنك السويسري سيكون وسيلة مهمة للتحوط من المخاطر السياسية الأوروبية في عام 2017. "نحن نعتقد أن الفرنك هو استثمار في ملاذ آمن أكثر طبيعية من الذهب، أو سندات الخزانة الأمريكية إذا كان المستثمرون قلقين من أوروبا والعملة الموحدة.. ونحن نعتقد أن الخطر المتزايد من الانتخابات الأوروبية المقبلة سيدفع المستثمرين فوراً إلى شراء الفرنك، وأن المصرف الوطني السويسري "المصرف المركزي" سيكون مُجبرا على قبول تدريجي لصعود قوة الفرنك في عام 2017".
وقال أودييه "إن الاقتصاد السويسري بعيد عن القضايا المصرفية الأكثر حيوية في العالم، على سبيل المثال: تباطؤ نمو الائتمان والإقراض المصرفي بعد فرض أسعار الفائدة السلبية عام 2014، ومنذ عام 2009، ارتفعت قيمة الفرنك بنسبة 40 في المائة تقريبا مقابل اليورو "بما في ذلك إلغاء سعر الصرف الثابت لليورو مقابل الفرنك في كانون الثاني (يناير) 2015"، وإن الفائض في الحساب الجاري للبلد، يُحلِّق في الوقت الراهن عند نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يدل على مرونة وقدرة الشركات السويسرية والاقتصاد الأوسع نطاقاً على التكيف".
وقال، "إن الفائض الخارجي لسويسرا، وآفاق النمو الصلبة حتى إن كانت ضئيلة، "تتوقع الحكومة السويسرية نمواً نسبته 1.5 في المائة لعام 2016 و1.8 في المائة في عام 2017" سيدعمان معاً قيمة الفرنك. وفي الوقت نفسه، إن جداول نمو الأسعار الاستهلاكية "من عام إلى عام" التي تقترب من الصفر وفي كثير من الحالات تسجل انخفاضا، ستخفف من قلق الانكماشية".
وأكد المصرف أنه "في بيئة أوروبية محفوفة بالمخاوف وعدم اليقين، نعتقد أن الفرنك السويسري يمكن أن يكون له دور مهم هذا العام".

الأكثر قراءة