هل فشلت المجالس الاستشارية في المملكة؟

مع كل موسم للأمطار أصبحنا نتوجس من حالة الاستعداد والتهيئة للبنى التحتية في استقبال كميات الأمطار، ومع هطول كميات من المطر قد تزيد أو تنقص عن المعدل الطبيعي نبدأ في إصدار ردود الفعل الغاضبة أو الناقمة من مستوى الخدمات ومستوى البني الأساسية، التي نفاخر بها أحيانا كونها تضاهي كثيرا من البنى التحتية المتقدمة. ردود الفعل هذه قد نرى أنها طبيعية نتيجة تأثرنا بما نشاهده من مناظر لم نتخيل وقوعها رغم أنها محتملة. ويبدأ كثيرون في إطلاق التهم والانتقادات على مستوى البنى التحية والخدمات، ونبحث عن مكافحة الفساد لتكشف لنا عن المتسبب في هذه الأحداث الطبيعية. ونبدأ في نشر وتناقل المقاطع المصورة والصور التي تتحدث عن أحداث بسيطة من واقع كبير نعيشه. وما تلبث أن تنتهي موجة الأمطار، حتى نعود إلى سبات عميق، وتعايش مع الواقع في انتظار موسم قادم. وتظل تصرفاتنا ردود فعل لما يحث، وليست تهيؤا لما قد يحدث.
المقدمة السابقة كانت جزءا مهما لتوجيه لوم من نوع آخر للمجالس المعينة أو المنتخبة في مناطق ومدن المملكة والمعنية بمتابعة أمور الخدمات والمشاريع وتطوير المدن. وهنا سأتحدث عن حالة المجالس البلدية ومجالس المناطق في ضوء ما كتبته سابقا في هذه الزاوية عن موضوع مجالس الإدارات في القطاع العام في "خمسة مقالات".
نظام المناطق حدد في المادة 15 "ينشأ لكل منطقة مجلس يسمى (مجلس المنطقة) ..."، وفي المادة 16 "يتكون مجلس المنطقة من:.. الفقرة (هـ) " عدد من الأهالي لا يقل عن عشرة أشخاص، من أهل العلم والخبرة والاختصاص، يتم تعيينهم بأمر من رئيس مجلس الوزراء، بناء على ترشيح أمير المنطقة، وموافقة وزير الداخلية، وتكون عضويتهم أربع سنوات قابلة للتجديد". المادة 23 يختص المجلس بدراسة كل ما من شأنه رفع مستوى الخدمات في المنطقة، وله على وجه الخصوص ما يلي: الفقرة (ج) "دراسة المخططات التنظيمية لمدن وقرى المنطقة، ومتابعة تنفيذها بعد اعتمادها".
نظام المجالس البلدية حدد في المادة 2 سلطات المجلس البلدي بممارسة التقرير والرقابة، وفي المادة 3 تكوين المجلس من 4 إلى 14 عضوا بين منتخب ومعين، وفي المادة 5 حدد 13 مهمة للمجلس منها الفقرة (م): "يقوم المجلس بمراقبة أداء البلدية والعمل على رفع كفاءتها وحسن أدائها للخدمات من خلال التقارير التي ترفع له أو التي يطلبها المجلس".
المجلسان السابقان خليط بين مجلس معين بالكامل ومجلس يجمع الانتخاب بالتعيين، علما بأن آليات التعيين في كلا المجلسين تكاد تكون متقاربة. وهنا لدينا مجموعة من الاستفهامات حول آليات التعيين في هذه المجالس، وجدوى عمليات الانتخاب المفتوح لهذه المجالس. وعند الحديث عن تطبيق أدوات الحكم الرشيد "الحوكمة" في هذا الشأن يجب أن نوضح أن هذه المواقع يجب ألا تكون مواقع شرفية بقدر ما هي موجه رئيس في عمليات الإدارة والتنمية في المناطق والمدن. وعند الحديث عن أي فشل للبنى أو الخدمات في مناطقنا، وقبل أن نحمل مكافحة الفساد عبء الكشف عن عمليات الفساد، ومحاسبة المسؤولين المقصرين، يجب أن نحاسب من انتخب في الأساس، وعلى أي أساس قدم صوته للأعضاء الصامتين في مواجهة كل ما يرونه على الرغم من منحهم الصلاحيات الكافية لمعالجة كثير من القضايا قبل حدوثها. كما يجب أن تتنبه الأجهزة الحكومية إلى أهمية وجود لجان الترشيح والبحث المتخصصة عن الكفاءات التي ستسهم في خدمة ورقي المدن وخدماتها. إن وجود أعضاء مؤهلين وقادرين على تحمل المسؤولية في هذه المجالس سيسهم في حل كثير من الإشكالات المستقبلية، وسيتواءم مع إرشادات وأدلة الحوكمة العالمية، ومع "رؤية المملكة" التي يجب أن نعمل جميعا لتحقيقها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي