"أوبك": التراكم الكبير في المخزونات النفطية مصدر قلق

"أوبك": التراكم الكبير في المخزونات النفطية مصدر قلق

أكد تقرير صادر عن منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن التراكم الكبير في المخزونات النفطية هو مصدر القلق الأول لها، على الرغم من حقيقة أن مستويات المخزونات النفطية التجارية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية شهدت العام الماضي تغيرات طفيفة إلا أنها تبقى أعلى من المتوسط في خمس سنوات بنحو 300 مليون برميل.
ولفت التقرير إلى أنه يجب الإقرار أيضا بأن السنوات الأخيرة شهدت أيضا ارتفاعا في مخزونات الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إضافة إلى التوسع في احتياطيات النفط الاستراتيجية في تلك الدول، مشيرا إلى أن مستويات المخزونات في طريقها إلى الانخفاض منذ اتفاق الجزائر في أيلول (سبتمبر) الماضي وبعد تطبيق اتفاق خفض الإنتاج في بداية 2017.
وأضاف التقرير أن "إمدادات النفط من خارج المنظمة انكمشت خلال العام الماضي بنحو 800 ألف برميل يوميا مقارنة بزيادة قدرها 1.5 مليون برميل يوميا في عام 2015"، منوها بأنه في العام الجاري 2017 سنشهد نموا طفيفا في الإمدادات من خارج "أوبك".
وبشأن الطلب العالمي على النفط، قال التقرير "إنه من المتوقع أن ينمو بمعدل صحي بنحو 1.2 مليون برميل يوميا في العام الجاري، مشيرا إلى أن معدلات النمو الاقتصادي العالمي جاءت معقولة في العام الماضي وسجلت 2.9 في المائة ومن المتوقع أن تسجل في العام الجاري 3.1 في المائة.
وفيما يتعلق بتعديل مستويات الإنتاج وفرص تمديد اتفاقية خفض الإنتاج، ذكر التقرير أن مشكلات السوق لا يمكن لـ "أوبك" حلها وحدها، والقناعة بهذا الأمر هي التي عززت التعاون بين "أوبك" والمنتجين المستقلين وفق ما تم التوصل إليه من إعلان مشترك في 10 كانون الأول (ديسمبر) الماضي بعدما تم التوافق على خفض الإنتاج معا بنحو 1.8 مليون برميل يوميا، مشيرا إلى أن ظروف السوق تتغير وأن قرارات تعديل الإنتاج يجب أن تجيء بعد تشاور مكثف بين كبار المنتجين خاصة "أوبك" ودول مثل روسيا والنرويج والمكسيك.
وكشف التقرير عن أسباب تعليق إندونيسيا عضويتها في المنظمة بعد أن كانت قد استأنفتها في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي عقب عدة سنوات من الانسحاب من العضوية.
وقال التقرير "إن "أوبك" – كما هو معروف - أقرت خفضا إجماليا إنتاجها من النفط بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا اعتبارا من بداية العام الجاري"، ووفق هذا القرار كان واجبا على إندونيسيا بمقتضاه خفض إنتاجها بنحو 37 ألف برميل يوميا، لكن إجناسيوس يونان وزير الطاقة الأندونيسي الذي شارك في الاجتماع الوزاري الأخير لمنظمة أوبك في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) أكد أن بلاده لا تستطيع القبول بخفض إنتاجها بأكثر من خمسة آلاف برميل يوميا وفقا لالتزامات بلاده تجاه ميزانية 2017.
وأضاف التقرير أن "الحكومة الإندونيسية لا تزال تحتاج إلى عائدات وإيرادات أكبر في ميزانية 2017"، وبحسب وزير الطاقة الأندونيسى، فإن بلاده لكونها مستوردا صافيا للنفط فإن تخفيض الإنتاج لن يعود بالنفع على البلاد كما أن الإنفاق العام سيرتفع وتكلفة الطاقة ستزيد بالنسبة إليها في ضوء توقعات حدوث ارتفاعات جيدة في مستويات أسعار النفط، معتبرا قرار تعليق العضوية صائبا وفي مصلحة جميع الأعضاء في "أوبك".
ونقل تقرير "أوبك" عن ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي أن الدول المشاركة في اتفاق خفض الإنتاج سواء الأعضاء في منظمة أوبك أو المستقلين يتحكمون في أكثر من نصف المعروض النفطي العالمي الذى يزيد على 90 مليون برميل يوميا، مشيرا إلى أن التعديلات في مستويات الإنتاج تتم على قدم وساق حاليا وتستمر على مدى الأشهر الستة الأولى من عام 2017 قبل أن يتم البت في إمكانية مد العمل بالاتفاقية أو الاكتفاء بالفترة السابقة.
وأوضح نوفاك أن بلاده ستواصل جهودها لجذب مزيد من المنتجين للانضمام إلى الاتفاقية، لأنها ليست اتفاقية مغلقة، "ونسعى إلى توسيع عدد الدول المشاركة فيها لضمان فاعلية وتأثير أكبر"، منوها إلى أن نجاح تطبيق الاتفاقية سيصب في النهاية في مصلحة المنتجين والمستهلكين على السواء إلى جانب تسريع معدلات النمو الاقتصادي العالمي.
وبحسب التقرير فإن مستويات الالتزام مرضية وتسير بالتوازي في دول أوبك والمنتجين المستقلين حتى بلوغ حجم الخفض المتفق عليه الذي يصل إلى 1.8 مليون برميل يوميا من أجل استعادة التوازن المنشود في السوق وتحقيق التقدم المستهدف من التعاون المشترك للمنتجين، مؤكدا الدور المحوري للجنة الوزارية الخماسية المعنية بمراقبة اتفاق خفض الإنتاج التي سيتواصل عملها واجتماعاتها على مدى الشهور المقبلة خاصة الاجتماع الأبرز المتوقع في الكويت يوم 17 آذار (مارس) المقبل.
وأوضح التقرير أن هناك عديدا من التساؤلات تطرح نفسها حول حجم المنافسة والتحديات التي يتسبب فيها انتعاش النفط الصخري في الولايات المتحدة، منوها بأن عملية المنافسة بين الدول المنتجة للنفط الخام ستستمر ولا يمكن لأحد أن يوقف التقدم التكنولوجي الذي يعزز مستويات الإنتاجية ما يجعل المنافسة العالمية متزايدة.
وأضاف التقرير نقلا عن نوفاك أننا "يجب أن ننظر إلى هذا الوضع بواقعية حيث نظل نعمل في سوق تنافسية عالمية ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى انتعاش النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة، باعتباره التحدي الوحيد، ويجب أن تركز جهود المنتجين حاليا ومستقبلا على مكافحة عدم الاستقرار في الأسواق وزيادة الإنتاج والمعروض والعمل على إعادة التوازن إلى السوق وتحسين جاذبية الاستثمار في القطاع النفطي".
وتواجه أسواق النفط الخام عديدا من التحديات والصعوبات في طريقها لتنفيذ خطة خفض الإنتاج بهدف استعادة الاستقرار والتوازن وهو ما تسبب في استمرار التقلبات السعرية، حيث خسر سعر خام برنت 2 في المائة والخام الأمريكى 1 في المائة على مدار الأسبوع الماضى قبل أن تختتم التعاملات على حالة استقرار نسبي.
وتتمثل أبرز التحديات في استمرار زيادة الحفارات النفطية الأمريكية للأسبوع الخامس في مؤشر على انتعاش جيد في المعروض من النفط الصخري الأمريكي وتواكب ذلك مع تسجيل المخزونات النفطية ارتفاعات غير متوقعة، إلا أن أنباء عن احتمال تمديد "أوبك" العمل باتفاق خفض الإنتاج أسهم في تحقيق هدوء نسبي في الأسواق وقلصت المخاوف من عودة حالة تخمة المعروض.
وبحسب "رويترز"، فقد جرت تسوية العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة عند 55.81 دولار للبرميل بارتفاع قدره 16 سنتا أو 0.3 في المائة في حين زاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أربعة سنتات إلى 53.40 دولار للبرميل.
واختتم الخامان الأسبوع على انخفاض حيث نزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1 في المائة في حين هبط برنت 2 في المائة، وتعرضت سوق النفط أيضا لضغوط من ارتفاع مؤشر الدولار للأسبوع الثاني على التوالي.
وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد منصات الحفر النفطية للأسبوع الخامس على التوالي لتواصل التعافي المستمر منذ تسعة أشهر مع استفادة شركات الحفر من اتفاق منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" بشأن خفض الإنتاج الذي أبقى أسعار الخام فوق 50 دولارا للبرميل منذ أواخر تشرين الثاني (نوفمبر).
وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة أن شركات الحفر زادت عدد المنصات النفطية بمقدار ست منصات في الأسبوع المنتهي في 17 شباط (فبراير) ليرتفع إجمالي عدد منصات الحفر إلى 597 منصة - وهو أكبر عدد منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2015.
وخلال الأسبوع المقابل قبل عام كانت هناك 413 منصة نفط عاملة، ومنذ أن تجاوزت أسعار الخام 50 دولارا للبرميل للمرة الأولى في أيار (مايو) بعد تعافيها من أدنى مستوى لها في 13 عاما الذي سجلته في شباط (فبراير) الماضي أضافت الشركات ما إجماليه 281 منصة نفطية في 34 أسبوعا من الأسابيع الثمانية والثلاثين الأخيرة، وهو أكبر تعاف منذ أن أدت تخمة معروض النفط العالمي إلى هبوط السوق على مدى عامين منذ منتصف 2014.
وتراجع عدد منصات الحفر النفطية الذي تحصيه "بيكر هيوز" من مستوى قياسي بلغ 1609 منصات في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 إلى أدنى مستوياته في ست سنوات عند 316 منصة في أيار (مايو) مع هبوط أسعار الخام الأمريكي من فوق 107 دولارات للبرميل في حزيران (يونيو) 2014 إلى قرب 26 دولارا في شباط (فبراير) 2016".
وجرى تداول الخام الأمريكي في العقود الآجلة عند نحو 53 دولارا للبرميل وهو ما يضع تلك العقود على مسار الهبوط هذا الأسبوع للمرة الأولى في خمسة أسابيع مع ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية وزيادة الإنتاج بما يؤثر في جهود "أوبك" والمنتجين المستقلين لإنهاء تخمة المعروض في الأسواق العالمية.
ومن المتوقع ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأمريكي في آذار (مارس) بنحو 79 ألف برميل يوميا، وهي أعلى وتيرة في خمسة أشهر إلى 4.87 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى منذ أيار (مايو) العام الماضي.
ويتوقع محللون أن تزيد شركات الطاقة الأمريكية إنفاقها على أنشطة الحفر وتضخ مزيدا من النفط والغاز الطبيعي الصخري في السنوات المقبلة، وسط توقعات باستمرار صعود أسعار الطاقة.

الأكثر قراءة