المشراق

سويس والجرداء والطنب والبديع هي الجنادرية

سويس والجرداء والطنب والبديع هي الجنادرية

يعقد هذه الأيام المهرجان الوطني للتراث والثقافة، والمعروف باسم مهرجان الجنادرية، هو مهرجان تراثي وثقافي يقام سنويا في المملكة العربية السعودية منذ عام 1405هـ. وسمي بذلك لإقامته في روضة الجنادرية. وقد احتار الباحثون في سبب تسمية الجنادرية بهذا الاسم، وهذه المقالة مشاركة معهم في محاولة المعرفة.
يقول أسامة بن منقذ في كتابه "الاعتبار": "ولقد حضرت حصار الحصن الصور مع ملك الأمراء أتابك زنكي ـــ رحمه الله ـــ وتقدم شيء من ذكره، وكان للأمير فخر الدين أرسلان بن داود بن سقمان بن ارتق ـــ رحمه الله ـــ وكان محشونا بالرجال الجرخية. وذلك بعد كسرته على آمد، فأول ما ضربت الخيام نفذ رجلا من أصحابه صاح تحت الحصن جماعة الجرخية، يقول لكم أتابك ونعمة السلطان لئن قتل من أصحابي رجلا واحد بنشابكم لأقطعن أيديكم، ونصب على الحصن المناجيق فهدمت جانبا منه وبلغ الهدم منه بحيث نطلع الرجال، فجاء رجل من جنادرية أتابك من أهل حلب يقال له ابن العريق طلع في تلك الثغرة وضاربهم بسيفه فجرحوه عدة جراح ورموه من البرج إلى الخندق، وتكاثر الناس عليهم في تلك الثغرة فملكوا الحصن، وطلع نواب أتابك إليه فأخذوا مفاتيحه". ومع أن الكلمة هي نفس الرسم، إلا أنه من الواضح أن المؤلف يقصد بجنادرية أتابك فرقة من أتباعه وأعوانه.
ويذكر الهمداني في "الإكليل" أن جنادرا اسم رجل، فيقول: "وفيهم يقول الحصين بن يزد الحارثي وكان أغار على إبل لهم وإبل لقيس بن جنادر فاشتلها:

اغرن، فلم يدعن لآل زحن
ولابـن جـنـادر قـيس بـعـــيرا"

ولكن جغرافي اليمامة الشيخ عبدالله بن خميس يفصل تفصيلا دقيقا في "معجم اليمامة"، وهو أول من توسع في الحديث عنها فيقول: "الجنادرية: بضم الجيم وفتح النون وكسر الدال والراء، بعدهما ياء مكسورة مشددة فتاة مربوطة، وهذا الوزن من الأوزان النادرة، وهو مجرد من الزيادة. جند يعني الأرض الغليظة بحجارة تشبه الطين. ومن مادة جدر الشيء يظهر فيه بروز وورم، ومن جندر الكتاب أمر القلم على ما درس منه، والثوب أعاد وشيه بعد ذهابه. ومن أسمائهم جندرة. والمادة في مجموعها تفيد الصلابة والبروز، هذا مع التسليم باشتقاق الاسم ودلالة مضمونه. أما إذا كان مرتجلا، وكثيرا ما يرتجلون الأعلام، فلا معنى لكل هذه التعليلات. وهي روضة كبيرة من رياض اليمامة تقع شرق الرياض شماله، بدأ يزحف العمران اليوم إليها"، وبعد أن يفصل ابن خميس في جغرافية الجنادرية ورياضها والأودية والشعبان التي تصب فيها، يضيف قائلا: "وكانت الجنادرية حسب تقسيماتها تحمل عدة أسماء هي: سويس، والبديع، والطنـب، والجرداء". ثم ينقل عن كتاب بلاد العرب للغدة الأصفهاني قوله: "فأول ما يسقي بنبان من رياض السلي روضة يقال لها سويس فيها قبتان مبنيتان يسكنها الزارعون، ثم تخرج من سويس فتصير إلى روضة يقال لها البديع، ثم من وراء البديع روضة الطنب، ومن وراء الطنب روضة يقال لها الجرداء، وهي تشرب من وادي جراف يفضي فيها ذو جراف... وجميع هذه الرياض من السلي تدعها يمينك وإذا جزعت وادي بنبان تريد البصرة من اليمامة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق