2.5 مليار دولار استثمارات الخليجيين في سوق العقارات البريطانية خلال 2016 

2.5 مليار دولار استثمارات الخليجيين في سوق العقارات البريطانية خلال 2016 

يعتقد بعض المصرفيين البريطانيين أن المستثمر الخليجي يتمتع حاليا بميزة تفضيلية، تجعل حظوظه في الأسواق البريطانية أعلى من غيره، خاصة في قطاع العقار.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، هاكتر ماسون نائب رئيس قسم الإقراض العقاري في مجموعة "نت وست" المصرفية، أن استثمارات الخليجيين في سوق العقارات في المملكة المتحدة بلغت نحو 2.5 مليار جنيه استرليني العام الماضي. 
وأشار ماسون إلى أن المستثمر الخليجي لديه ثقافة استثمارية تعتمد على الدفع نقدا لمجمل قيمة العقار، أو دفع الجزء الأكبر من القيمة نقدا، وهذا يمنحه أولوية لدى أصحاب العقارات على غيره من اللاعبين الآخرين في الأسواق، مثل الصينيين أو الروس، فأصحاب رؤوس الأموال الخليجية ينظرون إلى الاستثمار العقاري في المملكة المتحدة على أنه شكل آخر من أشكال الاستثمار في سندات الخزانة البريطانية، حيث رأس المال والعائد مضمونان.
ويستدرك ماسون قائلا "لكن تلك الميزة على الرغم من أهميتها، تضعف الرؤية الاستثمارية للخليجيين، من خلال رغبتهم الدائمة في الاستثمار في أماكن تقليدية، ولا يسعون إلى توسيع نطاق استثماراتهم إلى مناطق جديدة تحمل آفاقا مستقبلية واعدة، كما أن هناك مفهوما يسود لدى قطاع عريض من المستثمرين الخليجيين، هو الرغبة السريعة في بيع العقار، على الرغم من أن ذلك يسمح في كثير من الأحيان بتحقيق ربح مقبول، إلا أنه من الأفضل الحفاظ عل العقار لفترة أطول تراوح بين سبع وعشر سنوات، لضمان مضاعفة السعر".
ويعتبر كثير من المختصين في مجال العقارات، أن الغيوم التي تحيط بهذا القطاع الحيوي، ربما تنقشع خلال الأشهر القليلة المقبلة، خاصة إذا نجحت حكومة رئيسة الوزراء تريزا ماي، في عقد اتفاقيات تجارية خاصة مع بلدان مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة.
وأكد لـ "الاقتصادية"، الدكتور هاري نيل أستاذ النظم الاستثمارية في جامعة لندن، أن الحكومة البريطانية تسعى إلى قلب نقاط ضعفها إلى قوى، فتراجع سعر صرف الاسترليني في مواجهة الدولار والعملات الخليجية، يدفعها إلى التركيز على تلك المنطقة من العالم لجذب مزيد من الاستثمارات إلى بريطانيا، وأخيرا قامت مجموعة من شركات العقارات البريطانية بجولات خليجية، وإقامة معارض في منطقة الخليج لتشجيع المواطنين هناك على شراء عقارات في لندن، وهناك الآن مصارف بريطانية تتعاون مع مثيلتها في الإمارات لتقديم تسهيلات مالية للخليجيين الراغبين في شراء عقارات في المملكة المتحدة.
ويضيف هاري نيل أن "أبرز نقاط الضعف بالنسبة إلى المستثمرين الخليجيين أنه لا توجد لديهم استراتيجية واضحة المعالم بشأن طبيعة الاستثمار العقاري الذي يرغبون فيه، فأغلب عمليات الشراء تتم بشكل غير مدروس فردي، وهذا تنجم عنه تقلبات ملحوظة في العائد الاستثماري خاصة عند البيع".
وعلى الرغم من بعض التراجعات النسبية في سوق العقارات في بريطانيا خلال الشهر الماضي، إلا أن الصورة الإجمالية حول الأداء المتوقع في عام 2017 تظل إيجابية، لكن هذه الصورة الإيجابية تحمل بعض المنغصات لأصحاب العقارات لكون معدل النمو المتوقع سيكون بطيئا بعض الشيء.
وأعلن بنك هالي فاكس أكبر مقرض عقاري في المملكة المتحدة، أن النمو المتوقع للعقارات في بريطانيا سيراوح بين 1 و4 في المائة بنهاية العام الحالي، وتعد تلك المعدلات أعلى من معدل التضخم الراهن الذي بلغ 1.6 في المائة في الشهر الماضي، ومع هذا تظل أقل بكثير مما حققته أسعار العقارات البريطانية من ارتفاع في العام الماضي.
ويقول لـ "الاقتصادية"، جورج مار المختص العقاري في "هالي فاكس"، "لقد قمنا بخفض توقعاتنا بشأن معدل الزيادة في أسعار العقارات البريطانية هذا العام، نظرا لما يحيط بالاقتصاد العالمي من مخاوف جراء عدم الاستقرار الاقتصادي والمالي على المستوى الدولي، بسبب السياسات المتوقع تبنيها من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة، أو نتيجة تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، التي ستؤدي إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".
ويعتبر جورج مار انخفاض سعر صرف الاسترليني في مواجهة العملات الدولية الأخرى خاصة الدولار، من العوامل الرئيسية التي دفعت البنك إلى خفض توقعاته، مضيفا أن "القلق الراهن لدى عديد من فئات المجتمع تجاه مستقبل بريطانيا، وانخفاض سعر الاسترليني في الوقت ذاته، يعني أن جزءا من المجتمع لا يمتلك سيولة مالية كافية أو لا يرغب في اقتناء منزل في الوقت الراهن، ما سيؤدي حتما إلى انخفاض المبيعات". 
وبينما يتهم بعض العاملين في قطاع العقارات الحكومة البريطانية بتحمل المسؤولية جزئيا على الأقل تجاه هذا الوضع، نظرا للضرائب الجديدة التي فرضتها على الراغبين في شراء عقارات بغرض تأجيرها، ما أدى إلى انخفاض الطلب، فإن الحكومة وأنصارها يدافعون عن قراراتهم باعتبارها الوسيلة الوحيدة لوقف "الفقاعة العقارية" التي شهدتها لندن في السنوات الماضية من الانفجار، حيث اجتذب الاستثمار في قطاع العقارات عديدا من المستثمرين في الداخل والخارج، ما دفع بالأسعار إلى مستويات فلكية.
ويعتقد إيان شيلدز الباحث الاقتصادي أن السوق العقارية في بريطانيا ستظل محافظة على وضعها المميز أيا كانت التطورات الاقتصادية في بريطانيا.
ويوضح لـ "الاقتصادية"، أنه ربما يكون البطؤ في معدل الزيادة السعرية في أسعار العقارات في لندن أعلى من باقي أنحاء المملكة المتحدة، لكن انخفاض أسعار الفائدة على القروض العقارية، واستمرار نقص المعروض من الوحدات العقارية، خاصة المخصصة للسكن، سيدعم ارتفاع الأسعار في أنحاء البلاد كافة.
ومع هذا، تبدو البيانات الخاصة بالشهر الماضي غير مشجعة نسبيا، فقد انخفضت الزيادة لأدنى مستوى لها منذ كنون الثاني (يناير) 2015، وبلغت نسبة ارتفاع الأسعار 0.2 في المائة، مقارنة بـ 0.8 في المائة كانون الأول (ديسمبر) من عام 2016.

الأكثر قراءة