فالس يعدِّل مواقفه السياسية لرأب صدع اليسار الفرنسي

فالس يعدِّل مواقفه السياسية لرأب صدع اليسار الفرنسي

من خلال التقاط الصور الشخصية مع لاجئين أفغان وسودانيين في أحد مراكز المهاجرين في مدينة كليرمون فيران الصناعية، أشاد مانيول فالس بالضيافة الفرنسية.
قال رئيس الوزراء السابق يوم الثلاثاء الماضي "نحن بلد من 66 مليون نسمة، ولدينا القدرة على استقبال اللاجئين". بعد مقابلة محمد، الجندي العراقي السابق من بغداد، أثنى عليه فالس لإتقانه اللغة الفرنسية.
لم يكُن منذ فترة طويلة أن فالس، رئيس الوزراء في عهد الرئيس فرانسوا هولاند، يُقدّم الدعم لضباط الشرطة الذين يصدّون آلاف المهاجرين الذين يحاولون التسلل عبر الحدود من إيطاليا، لكن موقفه نحو اللاجئين ليس الموقف الوحيد الذي عكسه فالس بعد مغادرة الحكومة للترشح للانتخابات الرئاسية عن حزبه الاشتراكي.
حيث إن الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية بعد أقل من أسبوعين، ومع عدم فرصة واضحة للنجاح في الانتخابات الرئاسية في نيسان (أبريل) المقبل وأيار (مايو) المقبل، يسعى فالس لرأب الصدع مع حزب اشتراكي منقسم للغاية بسبب إصلاحاته الملائمة لقطاع الأعمال والاضطراب بسبب احتمال الإبادة الانتخابية.
يقول فرانسوا ميكو مارتي، رئيس شركة استطلاعات الرأي، فيا فويس "للفوز بهذه الانتخابات التمهيدية ومنع الحزب من الانهيار، يحتاج إلى الانتقال من يمين الحزب إلى اليسار في غضون فترة قصيرة جداً من الزمن. هذا ليس بالأمر السهل لأنه يبدو أنه يتعارض مع السياسات الخاصة به".
هناك مثال واحد أثار الدهشة هو تعهد فالس المفاجئ بالتخلص من الحُكم الدستوري الذي يقضي بإقرار الإصلاحات بموجب مراسيم. عندما كان رئيسا للوزراء، استخدم فالس هذا التدبير ست مرات لإقرار إصلاحات ليبرالية بدون موافقة أغلبية البرلمان المتمردة الخاصة به.
سيجولين رويال، وزيرة الطاقة، سخرت يوم الأحد من ذلك قائلة "من الصعب فهم ذلك".
فالس، البالغ من العمر 54 عاما، تخلّى أيضاً عن الخطط "لفتح"، أو جعل أسبوع العمل لمدة 35 ساعة أكثر مرونة وإصلاح الضرائب المفروضة على الثروة - أفكار بنت سمعته باعتباره مُجددا ديمقراطيا اشتراكيا إلى اليمين من حزبه.
هذا السياسي المولود في برشلونة، الذي يترشح بعد أن قرر هولاند عدم الترشح، اضطر إلى مثل هذه التشويهات السياسية للحفاظ على تقدّم ضعيف في الانتخابات التمهيدية.
بما يتناغم مع الناخبين من يسار الوسط الذين انتقلوا إلى اليمين فيما يتعلّق بالشؤون الاقتصادية والأمنية، من المتوقع أن يظهر فالس مع تقدّم في الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية في الثاني والعشرين من كانون الثاني (يناير) الجاري، لكن هناك دراستين أشارتا أخيراً إلى أنه يُمكن أن يتعرض للهزيمة من قِبل أرنو مونتبروج، الذي يميل أكثر إلى يسار الحزب، في إعادة الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية في التاسع والعشرين من كانون الثاني (يناير) الجاري.
هناك مصدر قلق إضافي لفالس هو بينوا هامون، المتشدد اليساري الذي يؤيد أسبوع العمل لمدة 32 ساعة وفرض الضرائب على الروبوتات لتمويل دخل أساسي للجميع. هامون في المرتبة الثالثة وكان يرتفع في استطلاعات الرأي أخيراً.
ما هو على المحك بالنسبة إلى فالس ليس أعلى منصب في فرنسا، لكنه بالأحرى بقاء وقيادة الحزب الاشتراكي، وذلك وفقاً للوك روبان، الأستاذ في المركز الوطني للبحوث العلمية.
تُشير استطلاعات الرأي إلى أن فالس سيجذب نحو 10 في المائة من الأصوات في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في الثالث والعشرين من نيسان (أبريل) المقبل، ما يضعه في مركز خامس متواضع بعد إيمانويل ماكرون، وزير الاقتصاد السابق الذي يدخل الانتخابات كمرشح مستقل الذي يتشارك معه في كثير من وجهات النظر المؤيدة لقطاع الأعمال فيما يتعلق بالاقتصاد، وجان لوك ميلينشون، مرشح اليسار المتطرف.
فرانسوا فيون، مرشح يمين الوسط، ومارين لوبن، زعيمة اليمين المتطرفة، من المتوقع أن يواجها بعضهما البعض في الجولة الثانية في السابع من أيار (مايو) المقبل.
يتوقع روبان "لن يكون قد بقي كثير من الحزب الاشتراكي بعد الانتخابات الرئاسية. فالس يتعرض للضغط بين ماركون على يمينه وميلينشون على يساره. ولديه مجال ضئيل للمناورة".
مسؤول اشتراكي مقرب من فالس أشار يوم الثلاثاء إلى أنه في حال الهزيمة فإن الحزب سيضطر إما إلى الاتحاد مع ميلينشون أو ماكرون. الحزب الذي يحتضر بعد رئاسة هولاند التي لا تحظى بشعبية والهزائم في الانتخابات المحلية، لم يعُد بإمكانه الإبقاء على التماسك بين الذين يؤيدون سياسات السوق الحرة والذين لا يزالون يؤيدون السياسات المستوحاة من النهج الماركسي، بحسب قول المسؤول.
وقال "العهد الذي كان فيه الحزب الاشتراكي في مركز ثِقل اليسار الفرنسي، الذي بدأ مع برنامج فرانسوا ميتران المشترك مع الشيوعيين في عام 1981، انتهى الآن.
الانتخابات التمهيدية ونتيجة المرشح في الانتخابات الرئاسية ستُحدد ما إذا كنّا سنوحد قوانا مع ميلينشون أو ماكرون. هل تعتقد أن فالس سيبقى في الحزب إذا تم اختيار مونتبورج واتّحد مع ميلينشون"؟
في كليرمون فيران، بعد زيارة شركة لتكنولوجيا البيئة ومأوى للعجزة، خاطب فالس نحو 300 من المتعاطفين معه في مقر للياقة البدنية كان شبه فارغ. كان التباين صارخا قبل ثلاثة أيام فقط بعدما اجتذب ماكرون نحو 2500 شخص إلى مسيرة في البلدة نفسها.
من الواضح أن فالس شعر بالضيق من المقارنات التي أجرتها وسائل الإعلام بخصوص الزخم الذي يتمتع به ماكرون.
وقال "تواصلون سؤالي الأسئلة نفسها. سأتوقف عن الإجابة عليها". ثم أضاف قائلا "لا تستبقوا أنفسكم. الانتخابات التمهيدية تشبه الانتخابات الرئاسية، وهي انتخاب مباشر يقرره الشعب الفرنسي. لا يوجد شيء مكتوب (مقدما)".

الأكثر قراءة