المشراق

محاولات الطيران العربية قديما

محاولات الطيران العربية قديما

رسمة تخيلية لمحاولة عباس بن فرناس.

محاولات الطيران العربية قديما

يقال إن أول عربي حاول الطيران هو الأديب والشاعر والمخترع عباس بن فرناس، المتوفى سنة 274هـ/ 887، صاحب محاولة الطيران الشهيرة، ترجم له ابن سعيد في "المغرب في حلي المغرب"، وقال: "ذكر ابن حيان: أنه نجم في عصر الحكم الربضي، ووصفه بأنه حكيم الأندلس الزائد على جماعتهم بكثرة الأدوات والفنون. وهو مولى بني أمية، وبيته في برابر تاكرنا. وكان فيلسوفا حاذقا، وشاعرا مفلقا، مع علم التنجيم. وهو أول من استنبط بالأندلس صناعة الزجاج من الحجارة، وأول من فك بها كتاب العروض للخليل، وكان صاحب نيرنجات، كثير الاختراع والتوليد، واسع الحيل، حتى نسب إليه السحر وعمل الكيمياء. وكثر عليه الطعن في دينه، واحتال في تطيير جثمانه، فكسا نفسه الريش على سرق الحرير، فتهيأ له أن استطار في الجو من ناحية الرصافة، واستقل في الهواء، فحلق فيه حتى وقع على مسافة بعيدة، وقال فيه مؤمن: يطم على العنقـاء فـي طـيرانـهـا إذا ما كسا جثمانه ريش قشعم وجاء بعده إسماعيل بن حماد الجوهري، أبو نصر، وهو عالم وأديب ولغوي، وصف بأنه من أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة وعلما، كما ضرب المثل بحسن خطه وجودته. وهو رحالة طوّاف جاب الآفاق بحثا عن العلم والمعرفة. ودرس على أبرز عالمين من علماء اللغة في زمانه، وهما أبو علي الفارسي، وأبو سعيد السيرافي. ألف الجوهري عددا من المؤلفات أشهرها كتاب "الصحاح" في اللغة. وكانت وفاة الجوهري عام 396هـ، وهي نهاية غريبة في حادثة عجيبة، اتفق عليها من ترجم له، وقد وصفه بعضهم بالجنون في آخر عمره، وأن الوسوسة التي اعترته هي السبب في وفاته، بينما يرى بعض المعاصرين أن ما فعله وكان سبب وفاته هو جزء من عبقريته، ومحاولة منه لاختراع طريقة لطيران البشر، وهو تفسير منطقي لكن لم يذكره أحد من الأوائل، وهم أدرى بحال الجوهري من المتأخرين. #2# وقصة وفاة أبي نصر الجوهري وردت في عدد من المصادر، من بينها ما ذكره أبو البركات الأنباري (ت 577هـ) في كتابه "نزهة الألباء في طبقات الأدباء" عند ترجمته له، فقال: "واعترى الجوهري وسوسة، وانتقل إلى الجامع القديم بنيسابور، فصعد إلى سطحه وقال: أيها الناس، إني قد عملت في الدنيا شيئا لم يغلب عليّ، فسأعمل في الآخرة أمرا لم أسبق إليه. وضم إلى جنبيه مصراعي باب، وشدهما بخيط، وصعد مكانا عاليا، وزعم أنه يطير، فوقع فمات". وهذا النص يتكرر عند ياقوت الحموي (ت 626هـ) في "معجم الأدباء"، كما يتكرر عند غيره. ومن الواضح أنه يقصد بقوله في الآخرة آخر عمره، لا كما قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى من أنها الحياة الآخرة، هذا إن كان عاقلا ولم يصب بالجنون. وفي كتاب "الطيران ورواده في التاريخ الإسلامي" للدكتور قتيبة الشهابي يذكر محاولة عربي آخر، لم تورد المصادر اسمه، كان يعيش في مدينة القسطنطينية، ويبدو أنه درس محاولة عباس بن فرناس، وتوصل إلى أن ريش الطير لا يصلح لطيران الإنسان، ففكّر بمادة أخرى تكون أكثر ملاءمة لهذا الغرض، واعتقد أن القماش يمكن أن يفي بالغرض. وأدى تجربته عندما صعد إلى رأس برج عال أمام حشود كبيرة من الناس تجمهروا في ساحة واسعة في مدينة القسطنطينية نحو سنة 493هـ/ 1100، فاستعمل قطعة كبيرة من القماش، ورتبها على شكل جناحي الخفاش، وربط أجزاءها بالحبال، وشدها إلى جسمه ويديه، لكن أجنحته تلك لم تقوَ على تحمُّل وزنه، فتمزقت، وسقط إلى الأرض ومات.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق