المشراق

العمدة.. تاريخ ومهام ووثيقة نادرة

العمدة.. تاريخ ومهام ووثيقة نادرة

العمدة.. تاريخ ومهام ووثيقة نادرة

العمدة.. تاريخ ومهام ووثيقة نادرة

العمدة.. تاريخ ومهام ووثيقة نادرة

العمدة.. تاريخ ومهام ووثيقة نادرة

العمدة لغة: عميد الأمر قوامه. والعميد: السيد المعتمد عليه في الأمور أو المعمود إليه، والجمع عمد.. وعميد القوم وعمودهم: سيدهم، وفلان عمدة قومه إذا كانوا يعتمدونه فيما يحزبهم.. وقيل العمدة: ما يعتمد عليه، ورئيس العسكر، ورئيس القرية أو المدينة. وعرف عديد من الدول نظام العمد، وفي السعودية كانت منقطة الحجاز سباقة إلى هذا النظام، إذ عرفته منذ بداية القرن الـ 14 الهجري، ثم عم النظام في مدن ومناطق أخرى. وصدر نظام للعمد عام 1346هـ. وفي مصر ما زالت وظيفة العمدة موجودة بالاسم نفسه، وكذلك في اليمن، أما في لبنان وسورية فيعرف العمدة باسم المختار أو رئيس نفوس، ويسمى العمدة بالأمازيغية أمغار، والمنصب موجود في المغرب. ومهام عمل العمدة متشابهة في هذه الدول. #2# قال هادي اليامي: "عرفت المملكة العربية السعودية نظام العمد منذ فترة طويلة، حيث لعب دورا رئيسا في المجال الأمني والاجتماعي في مدن وقرى المملكة، ممثلا لسلطة الدولة، وأعطيت للعمدة صلاحيات أمنية وغير أمنية واسعة كلها تدور على محور جوهري هو كون العمدة شخصا من ساكني الحي المعين فيه، والعارف تماما بأبنائه والمتواصل معهم اجتماعيا بحكم تواجده الدائم بينهم. ويعد الدور الأمني هو الدور الرئيس للعمدة حيث عد العمدة أحد المعاونين المهمين لأجهزة الأمن ممثلة في مراكز الشرطة المحلية، واعتمدت أقسام ومراكز ومخافر الشرطة على العمد في تلقي البلاغات في مناطق عملهم ومن ثم تصعيدها إلى أعلى، واعتبر العمدة من رجال الأمن يتبعون بصفة مباشرة لوزارة الداخلية ممثلة في مديرية الأمن العام". وقد عثر الدكتور عبد الله المنيف على وثيقة نادرة تؤرخ لبداية نظام العمد في مدينة الرياض عام 1367هـ، في زمن الملك عبد العزيز، فكتب عنها دراسة رائعة جاء فيها: "كان تولي الأمير سلطان إمارة الرياض هو أول عمل حكومي تقلده، وسعى خلال هذه المدة سعيا حثيثا لتطوير هذه المدينة، والنهوض بها إلى مصافّ المدن الكبيرة في العالم، لهذا لا يستغربُ أن نجد أن غالب إرهاصات تطور المدينة بحكم الأولية كانت خلال مدة تولي سموه للإمارة، وقد كان من مجالات اهتماماته ـــ إضافة إلى ثقافته العالية التي وصفه بها أحد الرحالة العرب – سعيه إلى ما يدعم العمل الجماعي في الرياض نفسها، لهذا شكل لجنة، وطلب منها أن تقوم بجولة تحدد فيها حارات الرياض في ذلك الزمن، بغرض حصرها ومعرفتها، ثم تقديم ما تحتاج إليه من خدمات، وتلمس ما بها من نقص وجوانب تحتاج إلى تطوير. #3# فكان أن عُهِدَ إلى رئيس بلدية الرياض عمر خميس أن يقسم مدينة الرياض إلى مناطق والمناطق إلى حارات، ومن ثم ترشيح جملة من الأسماء يمكن أن يُوكَلَ إليهم العمل عمدا لتلك الحارات، وهذه ظاهرة استقاها الأمير سلطان بحكم خبرته ونظرته الثاقبة، عندما وجد أن دور العمد مهم ومساعد في عملية التطوير، وقد استقى هذا فيما يظهر مما وجده من نظام العمد المعروف في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة، حيث كان دورهم هناك لا يُجهَل. وكان صدور نظام العمد زمن الملك عبد العزيز حيث تمت المصادقة عليه بحسب الأمر السامي في (19/06/1346هــ)، وتم نشره في جريدة أم القرى، وهو نظام قسم إلى ثلاثة محاور حسب الجريدة: الأول: عن وظائف العمد ومعاونيهم. الثاني: عن المجالس المحلية. الثالث: الحرس. وقد بلغت المواد التي تكون منها هذا النظام 21 مادة... وصف الوثيقة: تقع هذه الوثيقة في أربع صفحات كُتِبتْ على ورق أوروبي الصنع، أسمر اللون، خشن الملمس تقريبا، وبحبر أزرق حديث. دراسة الوثيقة: هذه الوثيقة عبارة عن مقترح عرض على الأمير سلطان أمير الرياض، قسم فيها العارض (مدينة الرياض) إلى أربع مناطق، كل منطقة تشتمل على عدد من الحارات أو المحال، وروعي في هذا التقسيم الناحية الجهوية، وابتدأ بداخل الرياض ثم بخارجها والأطراف. ولم تشمل هذه الوثيقة الأحياء كلها بل أبرزت أشهرها وأكبرها، لهذا ليس المقصود بذكرها هو الحصر، وإنما بيان أهم الحارات ذات الكثافة السكانية المتميزة، إذ يُلحظُ عدم إدراج مناطق ذات كثافة سكانية كبيرة، مثل: منفوحة، والمصانع، وفيحان، مع أهميتها بالنسبة لمدينة الرياض في ذلك الوقت. المنطقة الأولى: اشتملت على خمس حارات، وأمام كل حارة اسم العمدة، وهذه الحارات هي: الظهيرة، والقري، وشلّقّا، والحِلّة، والدُّحو، والأخيرتان لهما عمدة واحد لقربهما من بعض. المنطقة الثانية: تتكون من حلة آل سويلم، والمعيقلية والقناعي، والمقيبرة والمريقب، والجنينة وحلة ابن عياف وآل موسى والجهيمية، والبديع والحساني وحلة ابن مساعد، وحلة آل بحير وآل غدير وآل ريس، وحلة الغريب وحلة أبو زقوة وحلة ابن عويسان وما تعلق بهم، وحلة جلمود والعويمرية وما تعلق بهم مع سبالة الرقبية، وحلة الحزم وحلة الصلب، وحلة الرويضة وما يليها من قِبْلّه (أي: من غرب) وما تعلق بها من شرق، وسبالة الرويشدية والبريدي، وحلل أم سليمة (هكذا، والصحيح: أم سليم)، وحلة القحاطين العبيدية وما تعلق بها، وحلة العسيلة والداخلة، وحلة الجويعي، وحلة العطايف وحلة آل عيسى، وحلة ابن هديان والوشام وما يتعلق بهم، وحلة العجلية وما يتعلق بها، وحلة آل وحيمد وآل طالب وآل ودعان على مسجد ابن داود، والحنبلي وآل صالح، وآل رصيص، وحلة سلطانة والغُرَيّبي وسمحة وابن جابر والغراوية. #4# المنطقة الثالثة: تتكون من: حلة دخنة وحلة آل قباع وابن راجح والجملية، وحلة آل حماد والمليحة وحلة ابن عكيل، وحلة الوسيطا، وحلة جبرة، وحلة الحمودات، وآل مضحي، وحلة الظهرة والجفرة وما تعلق بها إلى حد الشرقية، وحلة الشرقية وما تعلق بها، وحلة ابن عويس وحلة ابن ريس الداخلية ومِصدّة والدُّوبيّة وما تعلق بها، وحلة آل فريان وآل عصفور والقديري وما تعلق بها، وحلة الوليف. المنطقة الرابعة: حلة العبيد وما تعلق بها، وحلة البديع وما يليها، وحلة ابن نصار وما تعلق بها، وحلة الصفرة وما تعلق بها، وحلل القصمان، وحلة الروقة، وحلة ابن نشاط وما يتعلق بها، وحلل المرقب، وحلل الباطن، والعريجاء وما يتعلق بها، وحلة العمانات وما تعلق بها، وحلة آل أحمد، وحلة عتيقة، وحلة آل بكر والقِرِينة. وبهذا تنتهي هذه الوثيقة عند القرينة، ويلحظ أن أمام كل حلة أكثر من اسم مقترح لعمدتها، إلا أنه يلحظ أن بعض المواضع تكون أكثر من حلة، فيشار إليها بصيغة الجمع، ويوضع أمامها أكثر من عمدة، كما قد تكون بعض الحلل، مثل: حلل الباطن تحت أمر عمدة واحد. وهذا التقسيم لم يكن دقيقا في إلحاق الحارة أو الحلة بالمناطق وترتيبها الجغرافي. #5# وقد اكتفينا هنا بذكر أسماء الحلل أو الحارات من غير ذكر أسماء عمدها، لتيسر اطلاع القارئ عليها في صورة الوثيقة المرفقة مع هذا العرض. كما يُلحَظُ أنه قد ألحَقِ بهذه الوثيقة ورقتان صغيرتان: إحداهما عرض الأمير سلطان على ولي العهد الأمير سعود (الملك فيما بعد) بشأن اقتراح إجراء راتب شهري للعمد، لتُعِينَهم على ما يقومون به. والورقة الثانية فيها اقتراح تعيين راتب شهري قدره أربعون ريالا لكل عمدة، كما أُشِيرَ في آخر هذه الورقة إلى عدد العمد المستحقين للرواتب، الذين بلغ عددهم ستة وخمسون عمدة. وبهذا نخلص إلى أن نظام العمد قد تأخر تطبيقه في الرياض عن تاريخ صدوره أول مرة في جريدة "أم القرى"، ولا شك أن نظام العمد يُعَدُّ متقدَّما ومتطورا في الحجاز، وعُمِلَ به منذ أوائل القرن الـ 14 الهجري، مقارنة بنجد وغيرها من مناطق المملكة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق