Author

صعوبات عام 2017 تأخذنا لاقتصاد جديد

|
يبدو أن المؤشرات حول طبيعة السنة المقبلة من الناحية الاقتصادية مختلطة بشكل كبير. فصندوق النقد الدولي يتوقع للاقتصاد السعودي أن ينمو بنحو 1.2 في المائة في العام الحالي بينما يزداد معدل النمو إلى 2 في المائة في عام 2017. قد يعود ذلك بشكل مباشر إلى التوقعات بتحسن أسعار النفط إلى نطاق ما بين 50 و60 دولارا للبرميل. فواقع الحال يقول إن احتمالية تحقيق هذا النطاق السعري باتت مرتفعة، بناء على التحركات الأخيرة للسعودية للتأثير في السوق النفطية. فتصريحات وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية الأخيرة تؤكد مرونة عالية للسياسة النفطية السعودية، في مقابل ارتفاع الأسعار. فهو أكد غير مرة أن الأسعار الحالية لن تجذب الاستثمارات اللازمة لقطاع الطاقة، ما قد يهدد الاقتصاد العالمي على المدى البعيد. أهم تصريحات الوزير كانت "إن تذبذب أسعار النفط لن يؤثر في اقتصاد المملكة بشكل كبير". ما يعنيه الوزير في هذا التصريح أن الحكومة ستستمر في عملية الإصلاح والتحديث لاقتصادها، حتى لو تحسنت أسعار النفط، ولذلك أتوقع أن تستمر في سياستها المالية المتشددة تجاه الإنفاق الحكومي. وبذلك تكون الفائدة المرجوة من ارتفاع أسعار النفط مقصورة على التحسن في الميزانية العامة للدولة وتخفيض العجز، مع انعكاس محدود لحركة الاقتصاد في المملكة على الصعيد المحلي. فعلى الرغم من تصريح وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف بأن وتيرة الصرف للمقاولين قد انتظمت بعد حل بعض المشكلات الفنية، نجد هيئة المقاولين غائبة عن المشهد، حيث يتطلب ذلك معرفة الأسباب الفنية وكيفية المساعدة على حلها. فقطاع المقاولات بات يتعلق بأي قشة يمكن أن تعيد السيولة إليه. ولذلك نجد بعض وجهات النظر السلبية من بيوت الخبرة التي تتوقع ازدياد معدلات القروض المتعثرة للمصارف السعودية في عام 2017 إلى مستويات غير مسبوقة بسبب قطاع المقاولات. أما على الجانب الإيجابي لقطاع المصارف، فإن نجاح المملكة في إصدار أدوات دين دولية بحجم تغطية قياسي، سيسهم في الحد من احتقان أزمة السيولة وكذلك يخفض من الطلب الحكومي على القروض المحلية، ما سينعكس بشكل مباشر على تكلفة الإقراض بشكل عام. ولكن تبقى توقعات رفع الفائدة الأمريكية هي اللاعب الأكثر تأثيرا في تكلفة الإقراض، ما يرجح الكفة نحو استمرارها في الارتفاع ولكن بشكل أقل حدة مما حصل منذ بداية العام الحالي. قد تبدو صورة العام المقبل ضبابية، وهي لا بد أن تكون كذلك، فلا تحول اقتصاديا حقيقيا من دون ألم. ولكن المهم الآن معرفة أن الاقتصاد السعودي بات أكثر مناعة وقدرة على تحمل الصدمات، وعبور سنة شاقة من تراجع الإنفاق المحلي، إلى عام 2018، الذي يتوقع أن يكون بداية مرحلة الاقتصاد السعودي الجديد. فخطط التخصيص، بدءا من "أرامكو" وعديد من الأجهزة الحكومية يتوقع أن تتبلور خلال العام المقبل لتبدأ فعليا في العام الذي يليه. وقتها ستكون الميزانية أكثر رشاقة ولديها كثير من الموارد، كما سيكون لدى الحكومة مزيد من الأدوات لتحفيز الاقتصاد والعمل على تطويره.
إنشرها