استراتيجيات التعامل مع التقلبات والأزمات الاقتصادية

يشهد الوضع السياسي والاقتصادي العالمي تغيرا وتقلبا ويتربع على عرش تلك التغيرات الانخفاض الذي شهدته أسعار النفط من جهة، وكذلك التوترات التي تشهدها المنطقة إقليميا، ويؤثر ذلك كله في الوضع الداخلي للاقتصاد كون المملكة تعتمد على الدخولات النفطية بشكل كبير. ومع ذلك تمر الدورات الاقتصادية لكثير من الدول بعدد من التقلبات يليها انفراج ونمو، ولكنه من الأهمية بمكان التعرف على جميع نقاط الضعف الحالية وكذلك التهديدات المستقبلية للقضاء عليها وتفاديها، وكذلك نقاط القوة والفرص المستقبلية لتقويتها واقتناصها.
وقد أقرت "رؤية 2030" التي بدأت تشهد بعض التغيرات الاقتصادية المواكبة لها مثل بدء رفع الدعم أو تقليله عن بعض السلع والخدمات، والمثال أخيرا تعريفة "النفايات"، على الرغم من أن التجارب العالمية في دول أوروبا هي الاستفادة من النفايات كمصدر لإعادة التدوير والتصنيع عبر مصانع خاصة، ومن هنا تحديدا يمكن لوزارة الشؤون البلدية والقروية، جلب تلك التقنية والمساعدة في ترخيص شركات خاصة بإعادة التدوير كمشروع وطني، يتيح دخلا للمواطن من جهة ومن جهة ثانية تكون الشركة المنشأة للتدوير شركة مساهمة، تضمن دخول سيولة وطنية لسوق الأسهم ما تسهم في استقرارها ونموها، وتملك المجتمع أيضا حصة من المكسب، علاوة على دفع المواطنين على إعادة التدوير مقابل إعطائهم عائدا ماديا مقابل لكمية المخلفات التي قاموا بتدويرها.
تاريخيا عندما ضربت الأزمة الاقتصادية بريطانيا، قامت مارجريت تاتشر بضخ كمية كبيرة من الأموال في البنية التحتية، وهنا درس يجب أن يتم أخذه في عين الاعتبار، فيما يتعلق بالتعامل مع شركات المقاولات، من صرف مستحقاتهم وتصحيح أوضاعهم بأسرع وقت، بل البدء في ضخ سيولة في مشاريع بنية تحتية حتى تضمن إعادة إنعاش الدورة المالية والاقتصادية، ويمكن أن يتم ذلك عبر إدماج حقوق الانتفاع مثلا لعدد من السنوات مقابل قيمة عقد البناء نفسه، مع طرح المشروع كذلك كملكية مجتمعية مساهمة.
وهنا صورة أخرى خاصة برفع المعنويات المجتمعية لا سيما في هذه الأيام مع دورة الألعاب الأولمبية وما نراه من نتائج لكل شعوب العالم، الذي يؤكد أن صنعة الرياضة ليست مسؤولية جهة واحدة من ناحية، وكذلك أن هناك آمالا كبيرة يمكن لنا تحقيقها، ولعل من أبرز المشاريع التي يمكن العمل عليها من باب المنشآت هي المدارس الرياضية والعسكرية المتخصصة، التي يمكن أن تنشأ في كل مناطق المملكة، بشكل مساهمة وطنية، تهدف من خلالها لإدماج شباب الوطن في أعلى البرامج التدريبية الرياضية والعسكرية والقيادية، التي يمكن ـــ بإذن الله ـــ لها تحقيق نتائج متميزة، كون المدرسة هي اللبنة الأولى لبناء الإنسان ومع نظام معماري وهندسي، وفني وإداري متميز، يمكن لتلك المدارس الرياضية والعسكرية، تقديم نموذج رائع للعمل الهادف والجدي، الذي يواكب حاجة العصر من تغيرات مختلفة.
وللسياسات دور في تخفيف أثر التقلبات الاقتصادية والمالية، وهنا يبرز دور لوجود خلية أو إدارة للتغيرات أو الأزمات على مستوى صناع القرار تختص بدراسة وهندسة السياسات، و دراسة أي السياسات التي يمكن لتعديلها بنسبة 20 في المائة أن يكون تأثيرها الإيجابي في المواطن ورفع معنوياته بنسبة 80 في المائة، وهذا أمر ممكن وقابل للتطبيق، لا سيما إذا تمت دراسة بعض السياسات الخاصة بتداخل المهام أو تخفيض تكلفة ممارسة إدارية أو التشارك في عدد من المشاريع ورفع كفاءتها، يمكن لتعديل السياسات بشكل دوري، الحفاظ على الإيقاع الذي يتواءم مع التغيرات الخارجية، وفي الوقت نفسه البحث عن رفع المعنويات المجتمعية لا سيما مع التغيرات التي طرأت على حياة الفرد من ناحية اقتصادية، ولذا يجب رفع جودة الخدمات، وتحديدا التي تم إقرار تعريفات عليها، وكذلك فتح باب التقاضي. أما تلك الشركات أو المؤسسات حتى يتم التأكد من جودة الخدمة مقابل المبالغ المدفوعة لمصلحة تلك الجهة.
أؤمن أن العلم وأبناء الوطن، قادرون على تنمية الوطن، بكل فاعلية وتمكن، وتمكينهم من القيادة ضرورة، حتى نحقق ما ننشده من ازدهار في ظل بعض المؤشرات التي تنبهنا بخصوص الدفع بأبناء الوطن للعمل و الإنجاز لرفعة الوطن ورفع علمه عاليا في السماء. وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي