FINANCIAL TIMES

زعيمة الشعبويّة الألمانية تحذر من زوال الاتحاد الأوروبي

زعيمة الشعبويّة الألمانية تحذر من زوال الاتحاد الأوروبي

فروكي بيتري.. سيدة حديدية ألمانية أخرى.

الاتحاد الأوروبي أمامه خمسة أعوام لإجراء إصلاح جذري وإعادة السلطة إلى الحكومات الوطنية أو مواجهة التفكك، بحسب قول الزعيمة الأبرز لأكبر حزب يميني في ألمانيا - حزب البديل لألمانيا المناهض للهجرة والمناهض للاتحاد الأوروبي. من خلال الترحيب بالتصويت في استفتاء المملكة المتحدة، فإن فروكي بيتري تتوقّع أن هناك بلدانا أخرى قد تتبع بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك هولندا والدنمارك و"في مرحلة ما" النمسا. ألمانيا وراء البقية، لكنها "تستيقظ" لهذا الاحتمال. هذه المرأة القوية البالغة من العمر 41 عاماً أخبرت صحيفة فاينانشيال تايمز خلال استراحة من عطلتها على ساحل بحر البلطيق، "أعتقد أن علينا أخيراً تحديد موعد نهائي للاتحاد الأوروبي أو جميع حكومات الاتحاد الأوروبي: إذا لم نُحقق الإصلاحات الجذرية في غضون خمسة أعوام عندها ستتم إثارة مسألة (الخروج) أيضاً في ألمانيا". بالجلوس في مقهى يطل على البحر وارتداء فستان للشمس، فقد اختلطت بسهولة مع السياح الآخرين في منتجع فارنيمونده الأنيق في ألمانيا. غير أنها عندما تحدّثت، مع حديثها السريع المعتاد، أوضحت أنه لن تكون هناك استراحة صيفية بالنسبة إلى حزب البديل لألمانيا. في وقت لاحق من نفس اليوم، ستُخاطب تجمّعا قريبا في حملة الحزب للانتخابات في الرابع من أيلول (سبتمبر) المقبل، في منطقة مكلنبورج - فوربومرن المحلية. شعبية الحزب وصلت إلى عتبة 15 في المائة في استطلاعات الرأي الوطنية في ذروة أزمة اللاجئين هذا العام، ما جعله الحزب اليميني المتطرف الأكثر نجاحاً في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. على أن هذا الدعم خفّ منذ أن تضاءل عدد الوافدين وانفجرت الصراعات الداخلية على السلطة في حزب البديل لألمانيا إلى العلن. تصويت خروج بريطانيا في المملكة المتحدة الشهر الماضي دفع أيضاً كثيرا من الألمان إلى الالتفاف حول المستشارة أنجيلا ميركل والوضع السياسي الراهن. رؤية بيتري هي واحدة مألوفة لدى غيرها من القوميين اليمينيين: حيث تُريد "العودة إلى وضع السوق المشتركة ... أوروبا الدول السيادية". من الأمور التي تحظى بالصدى الأكبر مع عديد من الناخبين هي دعوات حزب البديل لألمانيا لفرض قيود على الهجرة - مطالب قد تكون لها جاذبية أوسع بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة من قِبل اللاجئين الذين تعهّدوا بالولاء لجماعة داعش. أحدها يتضمن هجوما مميتا على قطار من قِبل أفغاني في السابعة عشرة من العمر؛ وهجوم آخر نفّذه سوري يبلغ من العمر 27 عاماً في أنسباخ، كان التفجير الانتحاري الأول في ألمانيا. قالت بيتري، "لا يهتم الضحايا ما إذا كان مرتكب الجريمة هو جهادي أو ثوري مُحبط ... ما الذي يجب أن يحدث أكثر قبل أن نبدأ بتفقّد من يدخل بلادنا؟"، متعهّدةً بأن حزب البديل لألمانيا لن يُعامل المهاجرين المجرمين بالتفهم "المَرَضي" المُفرط الذي يُمارسه السياسيون الحُكام اليوم، لكن "كأعداء للمجتمع المفتوح وأعداء لبلادنا". على وجه الخصوص، حزب البديل لألمانيا يحثّ على الوقف الفوري للوافدين اللاجئين، وتخفيضات حادة في مدفوعات الرعاية الاجتماعية لطالبي اللجوء وحملة ضد "الأسلمة" - انتشار الثقافة الإسلامية في ألمانيا. هذا النهج جعل عددا من نشطاء حزب البديل لألمانيا قريبين من الجماعات اليمينية المتطرفة والعنصرية، بما في ذلك النازيون الجُدد. الحزب يدرس ما إذا كان ينبغي له حظر فرع حزب البديل لألمانيا في منطقة سارلاند، بسبب علاقات القادة المحليين مع المتطرفيين. بعض السياسيين في الأحزاب السائدة قالوا "إن علاقات حزب البديل لألمانيا مع اليمين المتطرف عميقة جداً، بحيث إنه يجب وضع الحزب تحت المراقبة من قِبل جهاز الاستخبارات المحلي". بيتري ترفض هذا "ماذا يُمكن القول عن مثل هذا الطلب البشع؟ من الواضح أن هؤلاء الناس يشعرون بالقلق من أن حزب البديل لألمانيا سيُلغي وظائفهم، ويستخدمون الآن جميع الوسائل لتشويه سمعة حزبنا". على أنها لا تنفي إصدار بيان مُثير للجدل خاص بها - عندما قالت في مقابلة في ذروة أزمة اللاجئين "إن حرّاس الحدود الألمانية، كان لديهم الحق القانوني لاستخدام الأسلحة النارية إذا لزم الأمر للسيطرة على تدفقات المهاجرين. ببساطة نحن نُطالب بتطبيق القانون ساري المفعول على الحدود ... أيّاً كان الذي سيُلحق الضرر بالحدود من خلال العنف يجب أن يلقى العواقب من قِبل حرّاس الحدود ... إذا تخلّت الدولة عن حدودها، عندها في تلك اللحظة لن يكون لها وجود". في الوقت نفسه، تعرّضت مع غيرها من زعماء حزب البديل لألمانيا للهجوم بسبب سوء التعامل مع نزاع مناهض للسامية، بعد التأخير في تأنيب أحد نشطاء الحزب الإقليميين الذي جادل بأن إنكار المحرقة - وهي جريمة في ألمانيا - كان بمثابة تعبير شرعي عن الرأي. جورج ميوثن، زعيم حزب البديل لألمانيا في منطقة بادن فورتمبيرج، فشل في الفوز بدعم حزب البديل لألمانيا المحلي من أجل طرد فولفجانج جيديون، واحد من أعضاء التجمّع الإقليمي الـ 23 في الحزب. ميوثن استقال من التجمّع المحلي لحزب البديل لألمانيا "لكن ليس من الحزب" مع 12 آخرين وأقاموا تجمّعا انفصاليا. بيتري تدخّلت وأقنعت جيديون للاستقالة من وظيفة مقرر حزب البديل لألمانيا. إضافة إلى تشويه اسم حزب البديل لألمانيا، يكون للنزاع آثار أوسع نطاقا لأن ميوثن هو الزعيم المشارك الوطني للحزب، أي أنه ندٌّ اسميا لبيتري. والتنافس بينهما مكثف جدا، بحيث إن حزب بادن -فورتيمبيرج لا يزال منقسما، وكل جانب يلقي اللوم على الطرف الآخر فيما يتعلق بقضية جيديون. يرى المحللون الخلاف الشديد على أنه صراع على السلطة ما بين بيتري وميوثن ومنافسين آخرين. توافق بيتري على ذلك، قائلة "إن الأمر في النهاية يتعلق بمسألة من يقود الحزب وكيف تتم القيادة". وهي ترغب في تسوية النزاع قبل انتخابات البرلمان الألماني العام المقبل، عندما يعتزم الحزب أن يصبح أول حزب يميني يفوز بالمقاعد البرلمانية منذ عام 1945. هاجو فونكه، أستاذ السياسة في جامعة برلين الحرة، يقول "إن بتري وغيرها من القادة ربما يناضلون من أجل تحقيق الاستقرار في الحزب. إنهم يرغبون في أن يظهروا للناس وكأنهم عقلانيون. على أن من الصعب ذلك في حزب يتلقى كثيرا من الدعم والتأييد من الراديكاليين، الذين يدفعون من أجل مزيد من التطرف".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES