Author

«الإسكان» بداية الاختبار الحقيقي

|
صدر قرار مجلس الوزراء الموقر بالموافقة على اللائحة التنفيذية لنظام رسوم الأراضي البيضاء في جلسته المنعقدة بتاريخ الثامن من شهر رمضان لعام 1437هـ. هذا القرار جاء مواكبا لتطلعات كثير من المواطنين الذين ينتظرون توفير الفرص العادلة لهم للحصول على المسكن. كما أن هذا القرار صدر لحماية عدالة السوق العقارية من احتكار القلة، والتشبث بالأراضي دون تطويرها أو تحقيق النفع العام منها، رغم أن كثيرا من هذه المساحات تقع ضمن النطاق العمراني للمدن والمحافظات. الاستثمار العقاري كان هو المحفظة الأكثر أمانا بالنسبة لملاك العقارات، والأسرع نموا، والوحيد الذي يصنف بأنه منعدم المخاطر في سوقنا المحلية. قرار مجلس الوزراء جاء كتتويج لجهود كبيرة قدمها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي أشرف على إعداد نظام الرسوم على الأراضي البيضاء، الذي كان في حينه تفاعلا وتفهما كبيرا من المجلس لحاجة القطاع العقاري لوجود منظمات ومحددات تسهم في تحقيق التوازن للسوق، وتحقيق الاستقرار والأمن المجتمعي. صدور اللائحة التنفيذية يشكل الخطوة الأولى في سبيل تحقيق التوازن للسوق من أجل حماية مصالح جميع المستفيدين Stakeholders، الحماية ستتحقق للمواطن، وللتاجر وللوطن بشكل كبير. حماية المواطن تتمثل في تهيئة الفرصة العادلة للحصول على أرض سكنية بسعر معقول لتحقيق حلم بناء مسكنه عليها بعيدا عن الغلاء الفاحش والنسب الحالية التي تشكل ما بين 40 ـــ 60 في المائة من إجمالي تكلفة المسكن لمصلحة الأرض. حماية التجار من خلال البعد عن الممارسات غير الشرعية المتمثلة في الاحتكار، واستغلال السوق بطريقة بشعة لا ينتج عنها إلا توسيع الفجوة بين طبقات المجتمع. أما حماية الدولة فستتمثل في المحافظة على المال العام الذي يأتي في شكل مشاريع البنى التحتية والخدمات التي تنفق عليها الدولة المبالغ الطائلة وتظل هذه المساحات محتكرة وبعيدة عن الاستفادة منها، ما يلزم الدولة بتحمل نفقات كبيرة في توسيع البنى الأساسية وإضافة الخدمات الأمنية والمجتمعية ذات التكاليف العالية دون تحقيق الاستفادة القصوى في أكثر من مساحة. صدور قرار المجلس الوزراء يضع الوزارة أمام اختبار حقيقي في سبيل عملها لتحقيق مصالح المجتمع. خاصة والوزارة قد تواجه كثيرا من الممارسات والتصرفات التي تهدف إلى التحايل على الأنظمة واللوائح والتهرب من دفع الرسوم، أو الامتثال لتطبيق هذه الرسوم على الأراضي غير المستغلة. وهذا يشكل تحديا كبيرا للوزارة في أن تضمن للجميع وبشفافية وعدالة ألا يتم استغلال بعض بنود اللائحة للتهرب أو التحايل على الأنظمة بطريقة قد تؤثر في الهدف الأسمى من صدور النظام وما تبعه من لوائح وإجراءات. الشفافية هنا تعني أن تشارك الوزارة كامل البيانات والإجراءات التي تتم في سبيل تطبيق هذا النظام، والعدالة ألا يتم التحيز لطرف ضد طرف آخر فالجميع يملك الحق في امتلاك الفرصة ولكن مع توافر شرط لا ضرر ولا ضرار. ويبقى لنا جميعا أن نقدر ما قامت به الدولة ـــ حفظها الله، وما عمل عليه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية من أجل توفير الفرص لكل المواطنين والسعي لتحقيق العدالة الاجتماعية دون الإضرار بأي طرف.
إنشرها