لماذا لا يكتبون؟

الناجحون في الوسط الرياضي كثر، ومن كسر الصخر وصعد على الريح بذكاء ودهاء وحقق مبتغاه شواهد نجاحهم ما زالت باقية وراسخة، كقوة الجهد والتعب اللذين بذلوهما، غير أن إحجام الكثير منهم عن كتابة تجربته الشخصية، وكيف كان تحقيق المنجز، سبب جفافا وشحا في الكتابة والتدوين الرياضي، ويظل هذا العزوف أمراً محيراً، فلماذا الباب ما زال مغلقا لتضيع حقائق ويطمس تاريخ؟ فالشجاعة في تدوين مراحل العمل هي بمثابة خدمة للأجيال القادمة؛ فالراحل غازي القصيبي حين كتب سفره الرائع عن الإدارة سد فجوة أتعبت من قبله وفتحت آفاقا لمن يأتي من بعده، وكثير هي القامات الفكرية التي ذهبت ولم تدون يومياتها، فهل التواضع سبب في هذا العزوف أم أنها الخشية والخوف من كتابة بعض الحقائق؟
مهما يكن الجواب فإن المكتبة الرياضية لا تريد الإثارة كما هو الحاصل في الإعلام بل تسعى لجعل علم الإدارة الرياضية مكتمل الأركان، من خلال تقديم التجربة المحلية للباحثين عن دعم تجاربهم بخلاصة تجارب السابقين، أقول هذا ومعرض الكتاب القادم على الأبواب ولم نسمع بوادر للتأليف والتدوين في هذا الجانب المهم؛ فالوسط الرياضي بمكوناته الإعلامية والإدارية والكوادر على أرض الملعب لديها القدرة على ملء هذا الفراغ لو قسمناها كالتالي:
ـ الجانب الإداري: تبرز فيه تجربة رئيسي التعاون والفتح في الوقت الحاضر، وهي تشكل امتدادا لما قام به رئيس الحزم السابق علي العايد ومصلح آل مسلم في نجران؛ فهؤلاء استطاعوا أن يقدموا الفرح والفوز لفرق لم تكن كذلك قبل وصولهم لكرسي الرئاسة؛ فكيف تعاملوا مع الإعلام ومع الضغط الجماهيري للفرق التي تفوقهم في ذلك وصنعوا من ميزانية قليلة أفعالا لم يكن بمقدور أصحاب الملايين عملها وكرسوا ثقافة إعادة استكشاف المواهب وتقديمها بقالب جديد لتبرز وتحقق النجاح في مكان آخر؟
ـ الجانب الشرفي: يظل خالد البلطان نموذجا مميزا في هذا الجانب فنجاحه الكبير في الشباب والحزم، ومن ثم قدرته على إحضار عقد عبداللطيف جميل لرعاية الدوري السعودي خلفا لشركة زين في نقلة تطويرية أحدث صدى إعلاميا وحراكا اقتصاديا كبيرين، يضاف إلى ذلك تجربة المجلس التنفيذي في نادي التعاون، وكيف كان لهم الصمود والصبر طوال هذه السنوات يدعمون ويقدمون كل ما من شأنه تذليل الصعاب.
ـ الجانب الإعلامي: فالإعلام المقروء والمرئي وحتى الصحف الإلكترونية الآن باتت عاملاً مؤثرا ولها متابعوها من خلال ساعات البث اليومية أو كتابة المقالات أو جهد المراسلين اليومي، ويبرز في الإعلام المرئي بتال القوس من خلال بقائه في قناة إخبارية لها قوتها وحضورها مع استمراره في مهنية عالية يغلفها بقدرة فائقة على الحوار، يضاف لها تجربتا وليد الفراج في الدوري السعودي، فهو أحد رواد هذا المضمار والمختصين فيه وبرنامجه المثير للجدل في كل يوم ما زال يجذب المشاهد في قناة غير متخصصة بهذا المجال، ليبقى تركي العجمة مستمرا بكل قوة في روتانا خليجية في استقطاب أطراف الحوار المميزة على طاولته طوال فترة عرض البرنامج.
ـ اللاعبون والمدربون: أدوات اللعبة الكبرى فسامي الجابر أو صالح المطلق ويوسف الثنيان ومحمد نور وحسين عبدالغني وخليل الزياني يوسف عنبر وعبداللطيف الحسيني وحمد الخاتم الغائب الحاضر مع حمود السلوة، يمثلون تاريخاً مجيداً وحاضراً مميزا في بطولاتهم وفكرهم؛ فلماذا لا يقوم هؤلاء جميعا بتدوين مفاصل تلك المرحلة السابقة والحالية وتقديمها بقالب من الصور التي تحكي الحدث وتنجح في وضع المتابعين في صورة أقرب للحقيقة.
باب التأليف لفرسان ورواد الوسط الرياضي مجال سيفتح الآن أو بعد وقت فقط الرهان على المبادرين، حتى لا يضيع كثير من الصفحات دون تدوين أو أن يغيب الموت هذه الشخصيات وتذهب معها تجاربها دون تدوين ولا تعني الأسماء الحصر، بل كانت أمثلة وشواهد على مرحلة بقي الكثير منها لا تتسع مساحة المقال لتسجيلها؛ فالفكرة أبلغ والوصف أوجز والمبادرة لمن يملك الشجاعة والقدرة على إكمال مسيرة القلم، بعد أن توقف الجهد المباشر والعمل المتعب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي