Author

وزارة الإسكان تستهدف فئة .. وتخالف تنمية

|
مفردة "عجيبة" قليلة في حق وزارة الإسكان. كلما ظننا أن هذه الوزارة وجدت طريقها لحل أهم قضية تواجه المجتمع حاليا وتوجعه، نجدها تتردى وتتهاوى في اختلاق مشكلات لم تكن في الحسبان، رغم ما قيل في الصحافة، وفي لقاءات الوزارة بمن أسمتهم المهتمين، إلا أن الحلول دائما ما تخرج بعيدة عن القابلية للتنفيذ، وعن القدرة على حل الإشكالات بشكل مرض للمجتمع ومن قبلهم بالتأكيد للدولة التي تراقب الوضع آملة أن تخرج هذه الوزارة بحلول ناجعة تسهم في حل هذه القضية لا أن تعقدها. أعتقد أن من تسميهم الوزارة بالمهتمين وتستضيفهم في ورش العمل التي ينفق عليها مبالغ كبيرة، لا يمثلون إلا طيفا واحدا من أطياف مختلفة نسميهم أصحاب العلاقة Stakeholders. ومن الواضح وبعد ما يتسرب في بعض هذه اللقاءات أنهم هم الحلقة الأقوى في قضية الإسكان وتضخيم سوقها إلى حد قد يقودنا لكوارث مالية مستقبلية لا تقل خطورة عن الأزمة المالية العالمية التي واجهت الممولين وسوق العقار في الولايات المتحدة في عام 2008 وما تبعه من أعوام. قبل نحو نصف عام خرجت لنا الوزارة مع صندوق التنمية العقارية "المحول إلى مؤسسة تمويلية في تشرين الأول (أكتوبر) 2015" بمنتج يسمى "القرض المعجل"، وكان من الواضح أن المنتج يهدف إلى استهداف شريحة معينة من المجتمع تزيد رواتبها على عشرة آلاف ريال، ويدعم منتجات الشقق التي تتناسب مع قيمة القرض المحدد في البرنامج. حقيقة لا نعلم إذا كان هذا البرنامج قد نفذ أو واجه عقبات وصعوبات لم تدركها الوزارة منذ ذلك الحين. "ساما" دخلت على الخط "وربما بدعم ومطالبات من وزارة الإسكان كمستفيد" وسمحت للمصارف التجارية باستقطاع ما نسبته 65 في المائة من رواتب طالبي التمويل العقاري الذين يزيد دخلهم على 12 ألف ريال (الوطن). في خطوة تخالف سياسة التحفظ التي دأبت عليها المؤسسة للمحافظة على أموال المقرضين وحماية جميع الأطراف من التهور التمويلي الذي قد تنتهجه المصارف التجارية متى ما ترك لها العنان. على أن وزارة الإسكان ما فتئت تنادي وتنافح لتخفيض قيمة الدفعة المقدمة في قروض السكن لما نسبته أقل من 30 في المائة. وبين ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي والصحف بين الفينة والأخرى من عزم وزارة الإسكان استثناء بعض المدن، ثم نفي ذلك، أو استثناء بعض المساحات، ما لا يعدو كونه مناورات غير معلوم الهدف الحقيقي خلفها، إلا أنها تضر بالقضية أكثر من أن تخدمها. يجب أن تدرك الوزارة "ولديها المعلومة بالتأكيد" ومن يعمل على خطى إغراق المجتمع بقروض لفترات طويلة ترتفع فيها نسبة المخاطرة، أنه وفق مسح مستويات الدخل الشهري للأفراد في المملكة التي تفيد بأن نسبة أصحاب الدخل الشهري عشرة آلاف ريال فأكثر لا تتجاوز 13.1 في المائة من الإجمالي، وأن نسبة من يقعون ضمن متوسط الدخل خمسة آلاف ريال شهريا فأدنى تصل إلى 68.5 في المائة وفقا لبيانات عام 2014. علما بأن أغلب فئات الشريحة المستهدفة تقطن في المدن الرئيسة. القيادة الرشيدة قدمت الكثير من الدعم خلال العقد الماضي وما زالت سائرة في النهج نفسه من أجل تحقيق التنمية المستدامة والمتوازنة، وتحقيق الرفاهية للمواطنين، وعلى الوزارة أن تضع ذلك نبراسا لها من أجل صياغة الأهداف ووضع الخطط للوصول لما تصبو إليه قيادة هذه البلاد وفقهم الله.
إنشرها