دراسة: استثمار دولار في ترويج التجارة ينتج 384 دولارا

دراسة: استثمار دولار في ترويج التجارة ينتج 384 دولارا

كل دولار يُستثمَر في ترويج التجارة يمكن أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي لبلدٍ في حدود 384 دولاراً في المتوسط، وصادراته بنحو 87 دولاراً، في وقت تعد الدول النامية الأقل سخاءً في الاهتمام بالهيئات المعنية بتنمية التجارة وترويجها مقارنة بالدول المتقدمة، وذلك وفقا لدراسة صدرت في جنيف أمس وتمت مناقشتها في منظمة التجارة العالمية.
وتحلل الدراسة بيانات 94 بلداً في المجموع، مع تركيز خاص على البلدان الـ 14 الأعضاء في "شبكة منظمات ترويج التجارة الأوروبية |إي تي بي أو"، كما تولت تقييم أثر النشاطات التي تقوم بها منظمات ترويج التجارة "تي بي أو أس" في أداء التجارة الوطنية بما في ذلك النمو في الصادرات، والناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد، لكن لم يظهر من البلدان العربية في هذه الدراسة سوى مصر، والأردن، ولبنان، وسلطنة عُمان.
وتم استعراض النتائج التي توصلت إليها الدراسة لمدة خمس ساعات خلال اجتماع المجلس الاستشاري لمركز التجارة الدولية في مقر منظمة التجارة العالمية، وأظهرت المناقشات أن هذه الدراسة تكاد تكون الأولى من نوعها، حتى إن صندوق النقد الدولي لم يتعرض إلى الموضوع الذي تعالجه سوى في عام 2010.
وقال وولتر كورين، المدير العام لهيئة ترويج الصادرات في النمسا "نحن سعداء بأن هذه الدراسة العلمية تُدعم وتُعزز إيماننا القوى بأن هيئات تنمية الصادرات توفر عوائد مرتفعة جداً على الاستثمار، وتساعد على تطوير اقتصاد وطني، وتُسهم إلى حد كبير في نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة"، وشارك في الندوة أيضاً رؤساء هيئات ترويج التجارة من أستراليا، وفنلندا، والمغرب، وإسبانيا، وسويسرا، والإمارات.
وقالت، أرانشا جونزاليز، المدير التنفيذي لمركز التجارة الدولية، "إن دعم الشركات الكبيرة يساعد على تنشيط التبادل التجاري، لكن مساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم يمكن أن تكون لها آثار اجتماعية واقتصادية أكبر".
وتقدم هيئات ترويج التجارة الخبرة، والمعلومات المتعلقة بالسوق، والمساعدة المالية "الائتمان والتأمين"، والمساعدة اللوجستية للنقل، ومنح الشهادات للمنتجات المؤهلة للتصدير، والمشاركة في الأحداث المتعلقة بترويج التجارة، بعض هذه الهيئات تتولى تشجيع جميع القطاعات، أو الصادرات عموماً، بينما يركز البعض الآخر على مجموعة محدودة من الصادرات غير التقليدية.
وتقول الدراسة "إنه في المتوسط، تسهم الآثار الإجمالية المباشرة وغير المباشرة لتدخلات هيئات ترويج التجارة زيادات في الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد من 5-6 في المائة، في حين يبلغ متوسط الزيادة في الصادرات بين 7-8 في المائة. من بين البلدان التي أظهرت زيادة أكثر من 10 في المائة، تبرز فرنسا، حيث تم تقدير الزيادة في عائدات التصدير بحدود 18.8 في المائة، بفضل تدخل منظمات ترويج التجارة".
واتبعت نتائج الدول الأوروبية الـ 14 نمطاً يكاد أن يكون مماثلاً للنتائج الفرنسية، باستثناء البلدان التي لديها ميزانية ضعيفة لترويج صادرات التجارة التي حققت نتائج متواضعة، مثل ليتوانيا، وسلوفينيا، وإستونيا، وأيسلندا ومالطة.
وتختلف منظمات ترويج التجارة من حيث الحجم، والإدارة، ونوع الأنشطة المنغمسة فيها. على سبيل المثال، تختلف ميزانية ترويج الصادرات "من حيث النسبة إلى حجم الصادرات" من 0.22 في المائة في البرتغال إلى 0.15 في المائة في شيلي، وكولومبيا، و0.03 في المائة في بوليفيا وتنزانيا.
وتختلف ميزانيات الهيئات أو المنظمات التي تروج للصادرات من 60 ألف دولار في سيراليون إلى 500 مليون دولار في بريطانيا.
الاختلاف في استراتيجيات ترويج الصادرات، واختلاف خصائص الهيئات التي تتولى ترويج التجارة، تؤثر بدورها في حجم العائد المالي المتأتي من الإنفاق على ترويج الصادرات. وترى هذه الدراسة أن مصدر التمويل، وتشكيلة مجلس إدارة الهيئة، ونوع الخدمات، ومدى انتشار أنشطة هذه الهيئات بين المصدرين أو غير المصدرين، لها تأثير مباشر في مقدار نمو الصادرات الآتي من تدخل هيئات ترويج التجارة.
وقال متحدثون في الندوة، "إنه في الوقت الذي يوجد هناك عدد قليل من هيئات ترويج التجارة الممولة كاملا من القطاع الخاص "بخلاف هونج كونج، وهي أحد الأمثلة النادرة"، فإن معظم الهيئات تُمول من الحكومة تماماً، وإن البعض يصرف نصف ميزانيته على مكاتب له في الخارج "بريطانيا"، بينما بعضها الآخر موجود فقط في البلد الأصلي "أوروجواي".
وفي حين إن بعض الهيئات تقدم تقاريرها مباشرة إلى سلطة حكومية، فإن نسبة كبيرة منها تقدم تقريرا إلى مجلس الإدارة، وتختلف مجالس الإدارة من حيث تركيبتها والحصص التي تكرسها خصيصاً لأعضاء القطاع الخاص.
وتختلف مخصصات ميزانية هذه الهيئات اختلافا كبيراً، بعضها ينفق أكثر على الشركات الكبيرة، وأخرى على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وأخرى توزع حصصاً مختلفة بين المصدرين، وغير المصدرين، أو المصدرين العرضيين.
وتراوح أنشطة الهيئات بين تقديم المساعدة المالية "الائتمان، التأمين"، والمعلومات عن طبيعة وتوجهات السوق والمنتجات التي تستهدفها الشركات "تُسمى مجازاً باستخبارات السوق"، إلى تقديم المساعدة في مجال لوجستيات النقل، وشهادة المنتج، والمشاركة في نشاطات ترويج التجارة.
والبعض يُشجع الصادرات في جميع القطاعات، في حين يركز البعض الآخر على مجموعة محدودة من الصادرات غير التقليدية.
وتركز بعض أنشطة منظمات ترويج التجارة على عدد قليل جداً من القطاعات و/أو الأسواق التي تعطي عائدات أعلى، بدلاً من نشرها موارد مالية محدودة في حجمها لتغطية جميع القطاعات والأسواق.
وقال النمساوي، كورين، "إنه من خلال خبرته في العمل مع عديد من مؤسسات ترويج التجارة والاستثمار، فالهيئات التي لديها استراتيجية واضحة ومركَّزة حول كيفية استخدام مواردها المحدودة، هي عادة ما تحقق نتائج أفضل".
ويستكشف مسح مستقل للدراسة ما إذا كان فرض رسوم على الخدمات التي تقدمها هيئات ترويج التجارة له آثار سلبية أم سيئة، بالنسبة إلى الهيئات العاملة في البلدان الأوروبية الـ 14، كان لفرض الرسوم لخدمة شركات التصدير أثر إيجابي في إيرادات الصادرات.
وهناك سببان على الأقل: أولاً، تسهم الرسوم في فرز الطلبات المقدمة من الشركات التي ليس لديها التزام حقيقي في التصدير عن تلك التي كانت الصادرات هدفها الأول، وثانيا، الشركات التي تدفع مقابل الخدمات، عادة ما تطالب هيئات ترويج التجارة بخدمات أكثر جودة.
بيد أن هذا التأثير، لا يبدو فعالاً إلى حد ما لغير الشركات الكبيرة. فكلما ارتفع مستوى الرسوم، قلّ لجوء الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى هذه الخدمات، ما سيعيد القاعدة الاقتصادية إلى بدايتها، وذلك باتساع الفارق بين الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم.
ولحل هذه المشكلة تقترح الدراسة تقديم مزايا أفضل للشركات الصغيرة والمتوسطة ما يتعلق بالرسوم التي تدفعها لهيئات ترويج الصادرات.
وتؤكد الدراسة أن أفضل النتائج التي حققتها هيئات ترويج الصادرات هي تلك الهيئات التي تضم مجالسها التنفيذية نسبة أعلى من المقاعد المخصصة للقطاع الخاص. وهذه القاعدة تنطبق سواء في النظر إلى نتائج الزيادة في الصادرات، أو في ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي.
يقول مركز التجارة الدولية، "إن مشاركة القطاع الخاص في إدارة هيئات ترويج الصادرات يبني مصداقيتها، ويخدم مناخ الاستقرار في السوق ويؤكد متانته، ويرسل رسائل اطمئنان إلى سوق الأوراق المالية المحلية وحتى العالمية، ويؤكد طبيعة احتياجات الشركات، ويساعد على توجيه الخدمات وتخصيص الموارد". وتقول الدراسة أيضاً "إن التمثيل الواسع لمختلف القطاعات ومختلف أحجام الشركات يؤدي إلى تحقيق رؤية شاملة للصناعة الوطنية". أما مشاركة القطاع الخاص في مجالس إدارة تنشيط الصادرات، فهي تسهم في تسليط الضوء على الروابط بين الشركات في البلد الواحد، وتأكيد حيوية سلسلة الإمداد، وسلسلة القيمة المضافة.
وأوضحت الدراسة، أنه في حين يولِّد التركيز على الشركات الكبيرة عوائد في التصدير أسرع وأكبر، إلا أن التركيز على الشركات المتوسطة والصغيرة يولد نمواً أعلى في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وأن التأثير في نمو الناتج المحلي الإجمالي واضح إلى حد ما في حالة الشركات المتوسطة الحجم، إلا أنه أقل وضوحاً في الشركات الصغيرة، وتقر الدراسة ضرورة إجراء مزيد من البحوث لتحليل هذه الآثار في المؤسسات التجارية الصغيرة.
وعند وضع معايير الدراسة معاً، فهي تؤكد أن: صوت القطاع الخاص مهم، والتمثيل الجيد للقطاع الخاص في مجالس إدارة هيئات تنمية الصادرات له تأثير أكبر في عملية اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وهذا يؤدي بدوره إلى عوائد أفضل من الصادرات، وله أيضا امتداد مهم على نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وأكدت معايير الدراسة أيضاً أن فرض رسوم على الخدمات يسهم في تصدير أفضل، ونمو أقوى في الناتج المحلي الإجمالي. وأن التركيز على دعم الشركات الجاهزة للتصدير يؤدي إلى تسارع الصادرات فضلا عن نمو الناتج المحلي الإجمالي، وأن الهيئات التي تركز على الشركات الكبيرة التي تتولى التصدير بالفعل، وعلى عدد محدود من الأسواق المستهدفة، تحقق أسرع نمو في الصادرات، وأن التركيز على الشركات المتوسطة الحجم، والعلامة التجارية القطرية وجهود التسويق العامة، يؤدي إلى أثر أكبر نسبيا في نمو الناتج المحلي الإجمالي.
وأشارت إلى أنه من المهم أن ندرك أن هيئات ترويج التجارة تحتاج قبل كل شيء إلى أن تضع تعريفاً واضحاً لأهدافها الرئيسية، وإنشاء مجموعة من العملاء يتمتعون بأولوية وأنشطة، وينبغي عليها توضيح أهدافها ما إذا كانت ستتوجه إلى تعظيم أرقام الصادرات فحسب، أو تعظيم أثر الصادرات في الناتج المحلي الإجمالي.

الأكثر قراءة