كيف تبدع بشهادة «المتوسطة»؟

كافح عذبي المطيري؛ ليتابع دراسته الثانوية دون جدوى. خطفت التقنية، وتحديداً البرمجة، لبه وعقله. بعد سنوات من الكبوات الدراسية، التحق بالعسكرية بشهادة المرحلة المتوسطة. بدأ عمله رامياً في دبابة. كان فور أن يترجل من الدبابة يُيَمِّمُ وجهه شطر كمبيوتره. فرمي القذائف لم يرق له؛ إذ استحوذ رمي الأكواد في حوض شاشة الجهاز وفك الشفرات على تفكيره. تعتريه سعادة أمام جهازه لا يتذوقها مع أي رفيق وفي أي طريق. أحس عذبي بأن البرمجة هي المصعد الذي سيرفعه إلى سماء أحلامه. رأى أن العسكرية ليست مكانه. استقال منها بعد خمس سنوات فيها. طوال عمله في هذا الجهاز كان مأخوذاً بالدراسة في بريطانيا؛ لذلك حصل على قرض بنكي قبل الاستقالة يغطي مصروفاته الدراسية والخاصة إلى عام في بلاد الأسود الثلاثة. حزم حقائبه إلى جامعة بورتسميث الإنجليزية، فقد شرعت له هذه الجامعة صدرها وأبوابها دون حاجته إلى شهادة الثانوية. فقد استثنته منها بعد أن اطلعت على موهبته البرمجية وخبرته العملية ولغته الإنجليزية التي اكتسبها من اهتماماته التقنية. انطلق في الجامعة كحصان جامح؛ إذ استثنته الجامعة أيضا من السنة التحضيرية بعد اجتيازه اختبارات القدرات. بعد عام عاد إلى موطنه الكويت؛ للحصول على منحة دراسية ليكمل ما بدأه، لكن الوزارة رفضت كونها لا تبتعث في تخصص تقنية المعلومات إلى بريطانيا وإنما دول أخرى. اتفق مع جامعة أسترالية لمتابعة دراسته فيها، بيد أن القبول تأخر. حينها حاصره البنك للحصول على أقساطه، فاضطر عذبي إلى أن يرضخ للضغوط، ويرجئ ابتعاثه حتى يسدد دينه. عمل في جريدة "الجريدة" مع مدير التحرير الدكتور سعود العنزي؛ الذي عيّنه مديراً للموقع، ثم رقاه مديراً لتقنية المعلومات، إضافة إلى نجاحه العملي قدم عملاً برمجياً لافتاً يتجسّد في تطبيقين باسم: "كويتي ريدر" و"سعودي ريدر"، يرصد فيهما اتجاهات التغريدات وأكثرها شيوعاً بالاعتماد على تحليل برمجي لأكثر من 300 ألف تغريدة يومياً. نجح التطبيقان بشكل مذهل فباعهما بسعر مغرٍ، ثم استقال من عمله بعد خمس سنوات. وقبل شهور عدة أطلق تطبيقاً جديداً سمّاه "موجز"، يحفظ الفيديوهات القصيرة للأسماء الجادة في تطبيق "سناب تشات" بعد الحصول على موافقتهم. حقق التطبيق نجاحاً، تجاوز عدد مستخدميه 260 ألف مستخدم خلال أشهر قليلة. ويعكف عذبي على تطبيق لا يقل دهشة عن سابقيه، متسلحاً بشغفه وإيمانه بموهبته.
أشفق كثيرا على الذي يحمل شهادة بلا شغف.
الشهادة لن تجعلك مبدعاً، لكن الشغف سيفعل ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي